لم يكن اختيار الرئيس صالح الصماد لشغل منصب رئيس المجلس السياسي الأعلى، عفويا أو محض صدفة بل كان نتاج إجماع وطني على شخصية استثنائية سجلت حضورا لافتا ومواقف نضالية مشهودة من أجل حرية اليمن واستقلاله.
كرس الرئيس الشهيد الصماد، إنموذجا رئاسيا فريدا في تاريخ اليمن والمنطقة بشكل عام بما تحلى به من زهد وشجاعة وحنكة سياسية وفداء للوطن والشعب.
فعلى مستوى حياته الشخصية، كان الرئيس الشهيد زاهدا ومتجردا بشكل كامل عن حب التملك ومتاع الدنيا وحطامها الزائل إذ ترك منصبه على رأس الدولة مثلما وصل إليه ودون حتى أن يؤمن مسكنا لأفراد أسرته أو أي أملاك أخرى سوى منزل والده المدمر بفعل غارات طيران العدوان في منطقة بني معاذ بمحافظة صعدة.
أما على المستوى الوطني، فالحديث يطول عن شخصية الصماد، حيث لم يكن هناك ما يشغل تفكيره سوى قضية اليمن ومسؤولية بناء الدولة والانتصار لمظلومية الشعب حتى بذل روحه الطاهرة من أجلها.
حفلت مسيرة الرئيس الشهيد بالكثير من الإنجازات الوطنية على رأسها تصحيح وضع مؤسسات الدولة ومسار عملها ليصب في مصلحة المواطنين والاستمرار في تقديم الخدمات لهم والتخفيف من معاناتهم الإنسانية والمعيشية الناتجة عن العدوان والحصار.
سعى الصماد جاهدا للتأسيس لدولة المؤسسات من خلال مشروعه الوطني المعروف “يد تحمي ويد تبني” والذي انبثقت عنه الرؤية الوطنية لبناء الدولة التي يعمل اليمنيون على تنفيذها كمشروع تحرري نهضوي شامل.
تجسدت شجاعة واستبسال الشهيد صالح الصماد، بحرصه على تفقد أحوال المرابطين في الجبهات وحضور احتفالات تخرج الدفع العسكرية والأمنية في مختلف المحافظات، إلى جانب حرصه على تفقد الضعفاء والمساكين للتخفيف من معاناتهم جراء العدوان والحصار الجائر.
كان الصماد أنموذجا لكل القادة والزعماء، لم تغره حياة القصور بل كان يتقدم الخطوط الأمامية بما فيها زيارة المرابطين والإشراف على العمليات العسكرية في جبهات ما وراء الحدود، فلم يتوان عن التضحية بنفسه فداء للوطن ودفاعا عن عزته حتى قضى شهيدا في مدينة الحديدة التي ذهب إليها لمتابعة جهود التحشيد والتعبئة بعد تصعيد العدوان في الساحل الغربي وسعيه لاحتلاله.
أعد الرئيس الشهيد، نفسه للتضحية واختار طريق النضال والجهاد منذ نعومة أظافره إدراكا منه لعظمة الشهداء ومنزلتهم عند الله بجوار الأنبياء والصديقين، ليرسم بذلك نهجا إيمانياً ووطنيا فريدا من أجل الانتصار للوطن واستقلاله والتحرر من الوصاية والتبعية.
تميز الرئيس الصماد، بصفات ومآثر جهادية وقيادية نابعة من إيمانه المطلق بالله وثقافته القرآنية، ما جعله مصدر قلق لدول تحالف العدوان التي اعتادت على شراء ولاءات قيادات الدولية ما دفعها لاستهدافه في محاولة بائسة لإجهاض مشروعه الوطني الذي يرسم ملامح المستقبل المنشود للشعب اليمني وتحقيق تطلعاته.
ظنت قوى العدوان، أن استهداف الرئيس الشهيد سيمكنها من كسر إرادة وعزيمة الشعب اليمني إلا أن النتيجة كانت عكسية، حيث شكلت جريمة استهدافه دافعا لكل اليمنيين نحو مزيد من الصمود والصلابة في مواجهة أعداء الإنسانية.
فيما شهدت الصناعات العسكرية والقدرات الدفاعية لليمن، تطورات نوعية في إنتاج الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة من ضمنها طائرات صماد، التي باتت تقض مضاجع المعتدين وتشكل مصدر قلق لقادة العدوان والأنظمة المشاركة فيه. كما تحرص قيادات الدولة على السير على منهجية الشهيد الصماد، في بناء الدولة وتعزيز الصمود والثبات في مواجهة تحالف العدوان من أجل يمن حر مستقل القرار.
وعلى الرغم من مضي ثلاثة أعوام، على استشهاد الرئيس الصماد، إلا أنه ما يزال وسيظل ملهما لكل أحرار اليمن للاستمرار في النضال حتى تحرير كامل الأراضي اليمنية من دنس الغزاة والمحتلين والتحرر من الوصاية الخارجية التي عاشها الوطن لسنوات طويلة.