مدينة مأرب.. السيطرة على مواقع استراتيجية تقرّب تحرير المدينة وانهيارات متسارعة تجبر السعودية على سحب أسلحتها الثقيلة

448
آخر لحظات مدينة مأرب.. انهيار خطّ الدفاع الأخير واقرار أمريكي بالهزيمة باقتراب متسارع من المدينة وفرار سلطان العرادة زرع الأحياء السكنية بالخنادق والألغام الأرضية
مدينة مأرب الآن.. استنفار وحالة طوارئ لأمن المرتزقة بالمدينة تزامناً مع مواجهات عنيفة بالطلعة الحمراء

يستمر تساقط قادة المرتزقة من الصف الاول واحدا تلو آخر بين قتيل وجريح ما يعكس السيطرة الميدانية للجيش واللجان الشعبية التي لم تفقد أي من قيادتها رغم انها قوات مهاجمة، فيما قوات المرتزقة التي تحاول دفاعها المستميت على مدينة مأرب يعتبر انتحاراً مما يدل على انها تعيش في مراحلها الاخيرة.

وما هي الا مسألة وقت، حتى تتحرر مدينة مأرب التي بات المواطنون القاطنون فيها يعيشون ظروفاً مأساوية خاصة بعد انقطاع الكهرباء عنهم وعدم وجود البدائل، وهو ما يدلل على عدمية القيادة المتواجدة فيها وارتباكها كونها لم تضع حساباتها لمعركة المدينة التي يسكن في نفسياتها الغرور الذي أوقعها في محرقة لم تحسب لها حساب من قبل.

وتشارف قوات الجيش واللجان الشعبية اليوم، على تحرير المدينة، ولكن بسبب المدنيين والنازحين الذين يتمترس خلفهم المرتزقة، يعمل ابناء الجيش واللجان الشعبية على ادارة المعركة بنوع من الهدوء ليحافظ على ارواح المدنيين والنازحين الذين استرخص المرتزقة ارواحهم والاحتماء بهم لتأخير تحرير المدينة.

ومن بشائر النصر في اسوار مدينة مأرب أن دفع المرتزقة بخيرة قادتهم الذين كان لهم ابطال الجيش واللجان الشعبية بالمرصاد، فتساقطوا واحدا تلو الآخر في جبهة غرب وشمال مدينة مأرب، وهو ما اصاب قيادة المرتزقة في ارتباك وانهيار نفسي ومعنوي، ما دفع بما يسمى برئيس اركانها صغير بن عزيز الى زيارتها لغرض ايقاف تدهورها وانهيارها الذي بات وشيكاً.

خاصة بعد أن كان الواقع هو الاقوى وقعاً عليهم في تقدم الجيش واللجان الشعبية وتحرير عشرات المواقع والاقتراب من المدينة اكثر فأكثر، فلا الزيارات لمن تبقى من قادة المرتزقة جديرة بإيقاف تقدمهم ولا المرتزقة انفسهم باتوا يصدقون وعود زيارات قادتهم التي لم تستطع حتى اليوم ايقاف ذلك التقدم.

بل زاد من انهيارهم وفرارهم من تلك الجبهات متأثرين بفقدان عشرات القيادات، والتي كان ابرزهم اللواء الركن المرتزق أمين الوائلي قائد المنطقة العسكرية السادسة، واللواء المرتزق محمد مشلي الحرملي اركان حرب ما يسمى المنطقة العسكرية السابعة، والعميد المرتزق محمد عبد العزيز العسودي قائد اللواء203، والمرتزق العميد المرتزق سيف عبد الرب الشدادي قائد ما يسمى اللواء 159 مشاة، والعميد المرتزق “عبدالغني شعلان قائد ما يسمى بقوات الامن الخاصة.

إضافة الى قائد ما يسمى بفرع الشرطة العسكرية بالمحافظة العميد المرتزق عبدالله بن عبدالله دحوان المرادي، وقادة اخرين سقطوا بضربة صاروخية اثناء اجتماع لهم، قتل 11 مسلحا وأصيب 13 اخرين، بينهم قيادات رفيعة بهجوم صاروخي استهدف معسكرهم شرق مدينة مأرب.

مواقع استراتيجية

تتجه قوات الجيش واللجان الشعبية بعد تحقيق هذه الانتصارات نحو تطويق مدينة مأرب من المدخلَين الغربي والجنوبي تمهيداً لدخول المدينة التي باتت أقرب إلى السقوط من أي وقت مضى وفق ما يشير إليه مسار العمليات العسكرية، وبعدما تقدما من الاتجاهين الغربي والشمالي الغربي نحو قاعدة “صحن الجن” العسكرية استكمل الجيش واللجان الشعبية منذ يومين سيطرتهما على سلسلة جبال البلق القبْلي الذي من شأنه أن يمنحهم هامشا واسعا لتقييد حركة قوات المرتزقة في الطلعة الحمراء والإشراف على طريق مأرب ــ صنعاء.

كما تمكن الجيش واللجان الشعبية من السيطرة على إثره من السيطرة على حمة الحجيلي ونقْل المعركة إلى التومة العليا والتومة السفلى الواقعتين على بعد خمسة كيلومترات من مقر قيادة المنطقة العسكرية الثالثة التابعة لقوات المرتزقة والواقعة في نطاق الأحياء الغربية لمركز المحافظة. وتتجه وفق ما يشير إليه مسار المواجهات إلى تنفيذ خطة تطويق المدخلين الغربي والجنوبي للمدينة تمهيدا للحسم.

ويشير التقدم الجديد الذي أحرزته قوات الجيش واللجان الشعبية في سلسلة البلق القبْلي من منطقة الزور وخلف سد مأرب جنوب غرب مأرب، إلى بدء تلك القوات بتطويق مداخل المدينة من أكثر من اتجاه (الغربي والشمالي الغربي والجنوبي) تمهيدا للسيطرة على الطلعة الحمراء وتبت المصارية.

إضافة الى ذلك، التقدم في اتجاه مركز المحافظة من الاتجاهين الغربي والشمالي الغربي وفصْل جبهات مراد التي اشتعلت خلال اليومين الماضيين عن جبهات محيط المدينة بشكل كلي وتأمين جميع المواقع الخلْفية لدخول مأرب التي أصبحت أقرب من أي وقت مضى إلى تحرير المدينة.

معاناة آهالى مدينة مأرب وتمردات

التطورات المتسارعة في مأرب أفقدت النظام السعودي الثقة ببفصائل مرتزقتها “قوات هادي والاصلاح وبزعماء القبائل الموالين لها” مما حدا بعدد من القبائل الى التمرد على تلك القيادات وقطع خطوط الامداد عن مدينة مأرب، بعد أن ضاق بها الحالة والمعاناة من الممارسات والقمع والاختطافات لأبنائها من قبل قوات الارتزاق مطالبةً بإطلاق عدد من المختطفين.

فيما ادخل المدينة بظلام دامس انعكس على حياة ومعاناة المواطنين في المدينة، وأشارت المصادر إلى نصب قبائل عبيدة في منطقة العرقين على خط صافر جنوبي المدينة نقطة لقطع دخول الإمدادات النفطية وغيرها إلى قوات مرتزقة هادي في المجمع الحكومي، ويعجل مثل تلك التحركات القبلية بقرب موعد سقوط المحافظة النفطية الهامة بيد قوات الجيش واللجان الشعبية، وتفجر ثورة قبلية ضد قوات تحالف العدوان السعودي ومرتزقتهم.

فشل وانهيارات

في المقابل وبعدما أخفقت قوات المرتزقة في إعادة إشعال جبهات العلم الواقعة على بعد 65 كيلومترا شمالي مارب خلال الأيام الماضية، حاولت التصعيد عسكريا في جبهة أسداس الواقعة ضمن مديرية رغوان شمال غرب المدينة لكنها فشلت في ذلك أيضا بسبب رفض القبائل في المديرية الانخراط في القتال، وإعلانها الوقوف على الحياد بعدما أبرم زعماؤها اتفاقات مع صنعاء العام الماضي قضت بتحييد قراهم ومزارعهم عن الصراع.

وفي محاولات عدة لتخفيف الضغط عن مدينة مأرب وعرقلة تقدم الجيش واللجان الشعبية، قامت قوات المرتزقة بتعزيز ما تبقى لها من مواقع في الجبهة الغربية بمسلحين قبليين موالين للقيادي في “حزب الإصلاح” منصور الحنق، لكن الأخير وقع في كمين مسلح نفذته قوات الجيش واللجان الشعبية في منطقة ذات الراء غربي مأرب ليصاب إصابة بالغة أسعف على إثرها إلى الرياض لتلقي العلاج.

وأفادت مصادر لقوات المرتزقة في مدينة مأرب بأن قائد اللواء 312 مدرع العميد فيصل عبد الله القعود قتل هو الآخر في هذا الكمين.

سحب الأسلحة الثقيلة

التغيرات المتسارعة في مسار معركة محيط مدينة مأرب، أفقدت السعودية الثقة بقوات مرتزقة هادي وبزعماء القبائل الموالين لها في المحافظة, وفي هذا الإطار كشفت مصادر قبلية عن زيارة خاطفة، للعميد يوسف خير الله الشهراني قائد عمليات المنطقة الشمالية الغربية والمعين قائدا للقوات السعودية في مأرب في تموز/ يوليو 2020م.

وطالب الشهراني مشايخ القبائل الموالين للرياض أثناء الزيارة، قبل أيام بتسليم الأسلحة والأطقم التي تسلموها من قيادة تحالف العدوان للقتال، وذلك بعد انسحاب مقاتلي قبائل مراد وعبيدة من جبهات القتال قبل عدة أسابيع بعد إن رجحت كفة المعركة لصالح قوات الجيش واللجان الشعبية التي باتت أكثر قرباً من تحرير المدينة.