لم تكن الإنتقادات التي تلاحق الخطة الاقتصادية الأحدث في السعودية والتي وضعها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من فراغ, ولهذا سلطت وكالة “بلومبيرغ” الدولية الضوء على الانتقادات موضحةً إن الخطة الاقتصادية الأخيرة لـ “ابن سلمان” تحمل مخاطر كبيرة, ففي حين أنها قد تساعد في تعزيز الاستثمار, إلا أنها قد تضر أيضا بالموارد المالية للحكومة.
وأضافت الوكالة: “يسعى ولي العهد أن تقوم أكبر الشركات في المملكة، ومن بينها شركة النفط العملاقة أرامكو وشركة سابك لصناعة الكيماويات بخفض توزيعات أرباحها التي تعود معظمها للدولة وإنفاقها في السوق المحلية بدلاً من ذلك”.
ويرى ولي العهد أن إنفاق الأموال على البنية التحتية الجديدة والتكنولوجيا سيكون كبيرا بما يكفي لتسريع النمو وإحداث طفرة في الوظائف, وفق الوكالة.
أما كارين يونغ، الباحثة المقيمة في معهد “أميركان إنتربرايز” بواشنطن فكتبت، في مقال رأي نقلت بلومبرغ مقتطفات منه أنها استراتيجيته ترقى إلى مستوى “التضحية بالأرباح الحالية من أجل استثمارات مستقبلية”.
وأضافت: “هناك تحول في الأجيال، هذه لحظة بناء وإنشاء حقبة ما بعد النفط، لكن على المدى القصير، ستستنفد الحكومة مواردها”.
وأشار تقرير بلومبيرغ إلى التأثيرات المحتملة على الميزانية والاقتصاد، الذي تضرر بشدة العام الماضي بسبب جائحة فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط، وأهمها إيرادات النفط وصندوق الاستثمار.
وقال جيمس سوانستون من “كابيتال إيكونوميكس”، إن التوزيعات المنخفضة لأرباح “أرامكو”، المملوكة للدولة بنسبة 98% سيؤثر على إيرادات الحكومة.
وأشار إلى أنها قد حوّلت 110 مليارات دولار إلى الدولة من خلال مدفوعات المساهمين وحقوق امتياز وضرائب على الدخل، خلال عام 2020.
ويقول المحلل إنه غير مقتنع بأن الاستثمار الإضافي في الاقتصاد سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الضرائب الحكومية من الصناعات الأخرى على الأقل في المدى القصير.
ويتوقع “زياد داود” كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في “بلومبيرغ إيكونوميكس”، أن تصل أجور ومعاشات موظفي الدولة إلى 491 مليار ريال في 2021.
وهو ما يمثل حوالي نصف إجمالي الإنفاق المخصص في الميزانية البالغ 990 مليار ريال.
ويرى أنه إذا ظلت أسعار النفط فوق 60 دولارا فقد تتمكن المملكة من تغطية الرواتب عبر مبيعات النفط وحدها.
ورغم تمكن الحكومة من رفع الإيرادات غير النفطية من 166 مليار ريال في 2015 إلى 358 مليار ريال في 2020 فإن جزءا كبيرا من هذا التحسن يعود في الأساس إلى التسويات مع رجال أعمال وأثرياء خلال عام 2017.
ويقول داود، إنه عندما تنتهي هذه التسويات لن تتوقف العائدات غير النفطية عن الارتفاع فقط، بل ستنخفض “لذلك يجب على المملكة زيادة الإنتاجية ورفع الصادرات غير النفطية”.
ويقول التقرير، إنه ورغم الضغط الذي تتعرض له الميزانية العامة بسبب انخفاض مدفوعات الشركات السعودية فقد يكون صندوق الاستثمارات العامة قادرا على تعويض الركود.
وقال “محمد أبو باشا” رئيس إدارة أبحاث الاقتصاد الكلي في المجموعة المالية “هيرميس”: “تركز الميزانية على إدارة النفقات اليومية للحكومة بدلاً من أن تحرك النمو الاقتصادي, فيما تتحول النفقات الرأسمالية في الغالب إلى صندوق الاستثمارات العامة ومؤسسات الدولة الشقيقة”.
“أوضاع محفوفة بالمخاطر”
وتوقعت الحكومة السعودية، في شهر ديسمبر الماضي، أن تصل الإيرادات إلى 849 مليار ريال، في عام 2021 وأن تكون نسبة العجز المالي 4.9%.
وفي ذلك الوقت كان يتم تداول النفط بقيمة حوالي 50 دولارا للبرميل، ولكنه ارتفع الآن إلى الدرجة التي ستُمكن الحكومة من خلالها تحقيق التوازن لميزانيتها، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي, ومع ذلك، فإن التأثير الدائم للوباء على الشركات السعودية والطلب العالمي على الطاقة يعني أن “الأوضاع المالية للمملكة لا تزال محفوفة بالمخاطر”، وفقا لأبو باشا.
وأشار إلى أن “تعزيز الإيرادات غير النفطية المستقبلية سيعتمد على المضي قدما في توزيع الأرباح من جميع الاستثمارات المملوكة للدولة، مما يزيد من ضعف المالية العامة”، على حد قوله.
تلميع صورة الأمير
ونشط محمد بن سلمان فيما هو اجتماعي- اقتصادي منذ تبوئه منصب ولي ولي العهد، قبل أن يأخذ مكان محمد بن نايف ويتحول إلى ولي للعهد.
وظهر الأمير الشاب متبرما من الانغلاق الكبير الذي عرفته السعودية في العقود الماضية، لذلك أعلن عن رؤية اجتماعية طموحة قدمت “إصلاحات” فيما يخصّ حقوق المرأة ومن ذلك الحق في قيادة السيارة وإسقاط نظام ولاية الرجل، كما فتح الباب أمام الشباب السعودي للترفيه فتمّ إحياء المهرجانات وافتتحت دور سينما، وباتت السعودية تنظم أحداثاً رياضية ضخمة إلا أن كل ذلك ذهب ادراج الرياح بسبب قمعه الممنهج لأصحاب الرأي والمصلحين في البلاد و الجريمة التي ارتكبها بحق الصحفي جمال خاشقجي وأهم من ذلك حربه على اليمن التي نتج عنها مئاة ألاف الضحايا وأسوأ أزمة انسانية في العصر الحديث.