لم يتعامل، لا الغرب ولا الدول المجاورة للسعودية، ولا حتى الاعلام والصحافة، بجدية، مع مبادرتي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، لزراعة 50 مليار شجرة، 10 في السعودية و 40 في الاقليم، خلال العقود القادمة في إطار “حملة” لخفض انبعاثات الكربون ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي.
ليس الجميع لم يتعامل بجدية مع مبادرة ابن سلمان فحسب ، بل تحولت المبادرة الى مادة للتندر شأنها شأن مبادرات ابن سلمان الوهمية الاخرى، كمدينة نيوم التي ينوي ابن سلمان بناءها بـ500 مليار دولار على البحر الاحمر. وهي مبادرات ومشاريع، تتفتق عنها عقلية ابن سلمان، اما من اجل تحقيق هدف سياسي، او الخروج من مأزق سياسي، فمدينة نيوم كانت من اجل الترويج لنفسه امام الشعب السعودي، بعد ان ازاح ابن عمه محمد بن نايف عن ولاية العهد، بوصفه “ملك” متحرر ومتفتح يختلف عن اعمامه واسلافه، واما مبادرة زراعة 10 مليار شجرة ، فكانت من اجل تبييض وتلميع صورته امام الراي العام العالمي، بعد ان تلطخت بما اقترفه ويقترفه من مآسي في اليمن، وبعد جريمة قتل الصحفي السعودي البشعة جمال خاشقجي.
بعد اعلان ابن سلمان عن مبادرته، نشرت صحيفة الإندبندنت، مقالا لديفيد هاردينغ، شكك في المبادرة بشكل كامل، حيث كتب هاردينغ ان السعودية “عرضت المبادرة في بيان، لكنها لم تكشف عن كيفية تنفيذ الخطط في منطقة ذات موارد مائية محدودة للغاية”.
وأشار إلى أنه “يُنظر إلى المبادرة على أنها محاولة لإعادة إحياء صورة البلاد، وخاصة صورة ولي العهد”، لا سيما أن ذلك “يأتي بعد أسابيع فقط من ملف استخباراتي أمريكي رفعت عنه السرية قال إن الأمير محمد وافق على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي”.
مبادرة ابن سلمان حول “السعودية الخضراء” تحولت الى كوميديا سوداء، فبعض الظرفاء علقوا عليها بلغة رياضية، حيث كتب احدهم :” زرع ١٠ مليار شجرة، فإذا تم زراعة ٦٠٠٠ شجرة في الساعة يكون المعدل اليومي ١٤٤٠٠٠ شجرة يوميا أي ٤٣٢٠٠٠٠ شهريا و سنوياً سيتم زراعة ٥١٨٤٠٠٠٠ شجرة أي أنك ستحتاج لحوالي ١٩٣ عاماً لزراعة الـ ١٠ مليار شجرة التي وعد بها ولي العهد السعودي! هذه هي عقلية ولي العهد السعودي التي يدير بها السعودية هياط في هياط في هياط، بالضبط مثلما صرح بأنه سيقضي على انصارالله في أيام معدودة”!!.
فيما رد البعض على ابن سلمان بلغة جادة حيث كتب احدهم:”كيف ليد ملطخة بدماء اهل اليمن ان تزرع وتنشر الخضرة والجمال على سطح الكون.. كيف لقلب ليس فيه ذرة رحمة على اطفال اليمن، يقتلون وتهدم بيوتهم ومدارسهم، بطائراته وصواريخه، وحجته في كل ذلك انه يعيد الشرعية لليمن.. هذه ليست شرعية اليمن هذه مخططات الصهاينة والبيت الابيض لحرق وقتل ودمار العرب بسلاح العرب ..ارفع يدك عن اهل اليمن وظلم اليمن قبل ان تغرس شجرة”.
من الوضح ان ابن سلمان سوف لن يحقق ما يرجوه من مختلف هذه المبادرات اذا لم يبادر الى وقف حربه العدوانية على اليمن التي احرقت ، ليس اشجار اليمن فحسب بل حتى حجره، وقبل الشجر والحجر، احرق الطفولة والامومة، وان يبادر الى وقف دعمه للتكفيريين الذين دمروا العراق وسوريا وليبيا، وان يبادر الى دعم القضية الفلسطينية وينصر الفلسطنيين المظلومين، وان يبادر الى اطلق سراح المعتقلين في سجونه، ان يبادر الى الكف عن مطاردة معارضيه في ااصقاع المعمورة وتصفيتهم بشكل بشع، وان يبادر الى تحسين علاقات السعودية مع دول الجوار بعيدا عن تاثيرات امريكا و”اسرائيل”، فالتنمية الزراعية والخضراء بحاجه الى التعاون مع دول الجوار وكل دول الاقليم، وهو ما لا يعترف به ابن سلمان.