في الوقت الذي يعرف فيه بايدن بالدقة مالذي يريده محور المقاومة فانه في نفس الوقت لا يعرف بالدقة كيف يتعامل مع محور المقاومة.
بايدن يعلم جيدا بأن السياسات التي اصطبغت بترامب لا يرغب ولا يرحب بها أحد، لا ينبغي أن يستخدمها ولكنه في نفس الوقت لا يريد أن يتخلص مما يسمى بالمكاسب التي حققتها هذه السياسة، ويمكن القول أن بايدن يريد مواصلة سياسات ترامب من النقطة التي انتهى اليها،
ولكن في نفس الوقت فانه لا يريد أن يتحمل تبعات هذه السياسة.
ففيما يتعلق بايران فان بايدن يسعى الى تسوية الملف النووي وفق الاهداف التي خطط لها من دون أن يقدم أي تنازل، ولذلك فانه في الوقت الذي يقف فيه في المحطة التي وقف فيها ترامب فانه يسعى الى ارغام ايران على القبول بمعادلة محصلتها النهائية، الالتزام بالقيود النووية كخطوة أولى وفي الخطوات التالية ارغام ايران على القبول بالشروط التي تتعلق بالقدرات الصاروخية والقضايا الاقليمية، ولكن ومن البديهي ووفقا للمثل القائل “يريد الجمل بما حمل”، فانه يريد كل المكاسب من دون أية متاعب وهذا مستحيل، ولكن يبدو أن بايدن لا ينصت لهذا التناقض الذاتي والفلسفي، لذلك ففي الوقت الذي تجرى فيه مفاوضات ساخنة في جنيف فانه تتعرض سفينة ساويز الايرانية لهجوم وفي ذات الوقت فان حلفاء بايدن الأوروبيين الذين يدعمون بقوة التفاوض مع ايران فانهم يفرضون أجراءات الحظر على مسؤولين عسكريين ايرانيين بينما يلوذ البيت الأبيض بالصمت المطبق.
أما في اليمن فيمارس عليه الضغوط الدبلوماسية وتٌرسل مقترحات بمذاق اميركي وسعودي وسويدي و.. الى صنعاء دون أن تحتوي على كلمة سياسية أو مقترح يتضمن أي مكسب أو مصلحة لأنصار الله أو حكومة الانقاذ الوطني.
وفي العراق، فان ما يسمى بالحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق يتواصل ولكن في نفس الوقت فان الضغوط تتزايد على محور المقاومة، وبذلك ينعدم الأمن في العراق ولا تبقى فيه نقطة آمنة، الأمر الذي أثار الشكوك والريبة بين الأحزاب والقوى العراقية وليس هذا وحسب فان شكوك وريبة الشعب العراقي يتم توجيهها الى الجيران.
اما في سوريا فانه يتم الاعتراض على الانتخابات الشرعية للشعب السوري، حتى قبل ان تجرى هذه الانتخابات فنرى انهم يصفونها بأنها غير مشروعة، وفي الوقت الذي ينفذ فيه قانون قيصر بكل قوة، فانه يمنع تقديم أية معونات لاعمار سوريا في الأروقة والاجتماعات الدولية،
وتعلق المساعدات على تخلي الشعب السوري عن نظامه.
وأخيرا في فلسطين، ومع أن بايدن يبغض نتنياهو ولا يزال يحقد عليه لأنه دعم ترامب، كما انه لايتعاطف بالكامل مع ما يسمى بتطبيع بعض الدول العربية مع اسرائيل، ولكنه في نفس الوقت فانه اعتبر أمن اسرائيل استراتيجي ل، كما ان شراكته مع هذا الكيان قيّمة الى درجة، انه ليس من المستبعد أن يضحي بالانتخابات الفلسطينية المرتقبة من أجل المصالح الاسرائيلية.
ورغم كل ذلك فانه مقابل كل التخبط لبايدن فان ايران تعلن بشكل رسمي فكرة تخصيب اليورانيوم الى درجة 90%، كما أن مقاومة الشعب العراقي تتزايد وتدعو أكثر من أي وقت مضى الى ضرورة خروج القوات المحتلة من البلاد، وكذلك الحال فان اليمنيين يحسرون بين لحظة وأخرى المسافة بينهم وبين مأرب ويطلقون الصواريخ والمسيرات على أية منطقة يريدونها في السعودية، هذا في الوقت الذي يستعد فيه السوريون بكل عزم وارادة لاجراء انتخاباتهم، بينما تستعد المقاومة الفلسطينية لاجراء الانتخابات دون أن تتخلى قيد أنملة عن شعار “استمرار المقاومة ضد اسرائيل” باعتباره الحل الوحيد.
بايدن يدرك بدقة أنه لا يريد وجود المنافس الجديد والقوي في المنطقة ولكنه لا يدري بدقة كيف يمكنه التصدي له والتخلص منه، ولكن مكروا ومكر الله والله خير الماكرين.