أقدمت سلطات إمارة دبي على انقلاب صريح على تقاليد شهر رمضان ضمن خطواتها المشبوهة لتعزيز السياحة على حساب اعتبارات المجتمع الإماراتي.
وتراجعت السلطات في دبي عن قرار قديم يقضي بتغطية المطاعم بالستائر في النهار خلال شهر رمضان لمراعاة شعور الصائمين.
وهذه الخطوة، التي أعلنتها دائرة التنمية الاقتصادية في دبي أحدثت تغيير يهدف إلى تعزيز السياحة في البلاد.
وبموجب القرار سمح للمطاعم بخدمة العملاء دون وضع ستائر أو فواصل أو واجهات كما كان الأمر في السابق.
كما أن الوضع لن يكون كالسنوات السابقة، والتي تطلب من المطاعم حجب أماكن تناول الطعام عن مرأى الصائمين.
ولا تتطلب القواعد الجديدة أيضاً من المطاعم الحصول على تصاريح خاصة لتقديم الطعام خلال ساعات النهار في رمضان.
وتفرض الدول الخليجية التي تقطنها أعداد كبيرة من المغتربين غير المسلمين، وضع ستائر لحجب رؤية الطعام عن الصائمين.
وقد يؤدي تناول الطعام والشراب في الأماكن العامة أيضاً إلى فرض غرامات ومشاكل قانونية خلال رمضان.
إباحة الكحول
وكانت السلطات الإماراتية أقرت عدة قوانين تسمح بتناول الكحول والمساكنة بين الرجل والمرأة بدون زواج.
وذلك بزعم السعي لتنشيط السياحة من خلال هذه القوانين التي تستهدف أعراف الإماراتيين وتدينهم، في بلادهم، في إجراء دكتاتوري وإصرار بدائي من السلطة على تهميش أصواتهم وحقوقهم، وإساءة للمجتمع الإماراتي.
ففي تشرين ثاني/نوفمبر الماضي أصدر النظام الإماراتي تعديلات على ثلاثة قوانين تُبيح “المحرمات”، وتنتهك محظورات المجتمع الإماراتي وهويته الوطنية الجامعة في خطط سياسية تقوم بها السلطات.
والقوانين التي تم تعديلها هي: قانون الأحوال الشخصية، وقانون المعاملات المدنية، وقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية.
وأبرز التعديلات “إباحة الخمر، والسكن المشترك بين الجنسين دون زواج، وتعديلات في قانون الجنسية، وإلغاء تجريم الانتحار، وتعديل بعض المواد لاستيعاب الثقافات الأخرى”.
ولم تقدم الصحافة المحلية تحليلاً للتعديلات أو تفسيراً لها، واكتفت بمدحها واعتبارها “تقدماً وتطوراً” يتيح الحرية الشخصية للمقيمين.
وهي الرؤية القاصرة ومحاولة التعويض التي تقوم بها السلطات خلال سنوات بالحديث عن التطور واحترام الإنسان والتسامح والتعايش بين الثقافات الأخرى، للتغطية على الملف الأسود لحقوق الإنسان في البلاد.
الإرادة الشعبية
إن إباحة شرب الخمر والمساكنة ليس تطوراً، ولا دعماً للحريات الشخصية، بل انتهاكاً للمجتمع وللدستور الذي يعتبر الإسلام مصدراً للتشريع، فهذه الخطوات لن تجعل الإمارات بلداً ديمقراطياً ولا تسمح له بحرية الرأي والتعبير والانتقاد، كما أنها لن تجعل المواطن الإماراتي شريكاً في إدارة بلده.
إن القوانين التي تستهدف أعراف الإماراتيين وتدينهم، في بلادهم، إجراء دكتاتوري وإصرار بدائي من السلطة على تهميش أصواتهم وحقوقهم. فإذا كان المجتمع موافقاً على هذه الأمور –كما يقول المقربون من السلطة- فلماذا ترفض السلطات إقامة مجلس وطني كامل الصلاحيات، منتخب من كل الشعب، لتمّر تلك القوانين عبر الإرادة الشعبية وحدها!
وحسب تصريحات السلطات والمقربين فيها فإن التعديلات الجديدة “توسع نطاق الحريات الشخصية، من أجل زيادة الأعمال والسيّاح”، على الرغم من أن دستور الدولة وقوانينها- النابعة من الدستور- يفترض أنها قوانين إسلامية. المادة (7) من الدستور: “الإسلام هو الدين الرسمي للاتحاد، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيه”.
فإذا كانت السلطات تقول إن التعديلات تمنح “الحريات الشخصية” نطاق أوسع، فإن هذه التعديلات لا ينبغي أن تعارض الدستور، وينبغي أن يكون إقرارها بموافقة شعبية بنسبة مرتفعة للغاية، عبر مجلس وطني اتحادي (برلمان) كامل الصلاحيات يُمثل كل الشعب، ويقدم المسؤولين للمحاكمة ويملك حق رفض التعديلات والقوانين سيئة السمعة، ويحافظ على المجتمع ومستقبل الأجيال الجديدة.
لا ينفك الإماراتيون والمراقبون يربطون هذه التعديلات بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في صفقة تصفها السلطات بالصفقة التاريخية-ويصفها الإماراتيون بالخيانة التاريخية-. كما أنهم يعتقدون أن ذلك مرتبط بالدعوة للمستثمرين والسيّاح “الإسرائيليين” بالاستثمار والسياحة في الإمارات.
الجنسية
صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم ٣ لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 17 لسنة 1972م في شأن الجنسية وفتح الباب أمام إمكانية التقدم بطلبات الحصول على جنسية الإمارات وفقا لشروط معينة.
تتحكم وزارة “شؤون الدولة” بمنح الجنسيات، والتي تقوم على عدة شروط من بينها “الموافقة الأمنية” أي موافقة جهاز أمن الدولة، وهذه الموافقة مستمرة في كل مجالات الحياة بالدولة بما في ذلك التوظيف، أو الترقيّة، والتعليم وتجديد الإقامات.
وهي محاولة جديدة لتغيير ديمغرافي بإغراق البلاد بالمجنسين الذين يقدمون صمتهم وعدم مشاركته السياسية مقابل الجنسية، لمنع تحركات المواطنين الإماراتيين أصحاب الأرض من المطالبة بحقوقهم السياسية والمدنية.
ويأتي تعديل قانون الجنسية في وقت تستمر السلطات في سحب الجنسيات عن عدد من الإماراتيين بينهم السبعة المواطنين المعتقلين الذي طالبوا بمجلس وطني كامل الصلاحيات في البلاد والذين سحبت جنسياتهم قبل عشر سنوات تقريباً.
وتعاقب السلطات عائلاتهم أيضاً بسحب جنسياتهم، ما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم في الحياة اليومية، بما في ذلك الحرمان من الحق في تلقي الرعاية الصحية والتعليم وحرية التنقل.
فإذا كان هناك عدالة ورغبة في الانتقال إلى “الحريات” –كما يصف الإعلام والمسؤولين التعديلات- فإن البداية بمعالجة الأخطاء الفادحة في سحب الجنسية دون وجه حقّ، وسياسة العقاب الجماعي التي تقوم بها السلطة بحق عائلات هؤلاء المعتقلين المسحوبة جنسياتهم.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي كشف الإماراتي حمد الشامسي عضو الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، أن النظام الإماراتي يمنح الجنسية للإسرائيليين لتوسيع دائرة التطبيع.
وقال الشامسي إن الإسرائيليين على بعد خطوة من الجنسية الإماراتية كون السلطات الإماراتية تسمح باكتساب الجنسية للمستثمرين ورواد الأعمال دون الحاجة إلى للتخلي عن جنسيتهم الاصلية خطوة لتجنيس الإسرائيليين ومنحهم الضوء الأخضر لعبور الدول الخليجية والعربية دون تأشيرة مسبقة.