تسود حالة من الغموض حول مصير الناشط المعارض أحمد عبد الله الحربي، بعد عودته إلى المملكة قسرا في ظروف غامضة.
ونظرا لحالة الغموض الذي يحيط بغيابه المفاجئ وظهوره مجددا في السعودية بعد أسابيع من المرجح أن يشير ناشطي حقوق الإنسان إلى ملف “الحربي”
عندما يقولون إن رفض إدارة “بايدن” معاقبة ولي العهد السعودي فيما يتعلق بقضية مقتل جمال خاشقجي، أمر مضلل ويرسل رسالة خاطئة.
وفي عام 2019، جاء “الحربي” إلى كندا، حيث منح حق اللجوء.
وإلى جانب معارضين سعوديين آخرين عمل “الحربي” على عدة مشاريع تضمنت برنامجا حواريا معارضا على موقع يوتيوب والمشاركة في شبكة من المتطوعين النشطين على تويتر لمواجهة الذباب السعودي.
ووفقا لمقال “واشنطن بوست”، خضع “الحربي” لاستجواب في السفارة السعودية في أوتاوا. وتحت الضغط قدم معلومات عن شبكة المعارضين والناشطين السعوديين في كندا.
“عندما تدخل، تشعر وكأنك خاشقجي”، هكذا قال “الحربي” عن تجربته. وأوضح أن موظفي السفارة السعودية في أوتاوا قدموا له تذكرة سفر إلى المملكة.
لكنه رفض العودة إلى الوطن، وتمكن “الحربي”، على عكس “خاشقجي” في إسطنبول، من مغادرة المبنى الدبلوماسي حيا.
اختفاء في ظروف غامضة
لكن هذه ليست نهاية قصته. وبعد مغادرة السفارة السعودية، “اختفى” الحربي قرابة 3 أسابيع. وفي 18 فبراير/شباط، كان لديه حساب جديد على “تويتر”.
وعلى عكس روايته السابقة، لم يكن لهذا الحساب أي إشارة إلى مقتل “خاشقجي” أو السجناء في السعودية أو أي قضية سياسية أخرى مثيرة للجدل.
وكانت صورة هذا الحساب صورة لـ”محمد بن سلمان”، وكانت أول تغريدة له احتفالا بعودة “الحربي” إلى المملكة بصورة لتذكرة طائرة بتاريخ 7 فبراير/شباط، والتي تضمنت اسم “الحربي”.
ويعتقد أصدقاء “الحربي” أن الحكومة السعودية أجبرته على العودة إلى الوطن بعد زيارته للسفارة.
ونقلت مراسلة “واشنطن بوست” سارة دادوش عن “عمر عبدالعزيز”، المعارض السعودي وصديق “خاشقجي”، إنه من خلال جعل “الحربي” “يختفي” هكذا من كندا
ربما تكون السلطات السعودية قد تعلمت الآن “تفاصيل دقيقة عن هذه العمليات”.
خطر التعذيب
وأعرب مصدر تحدث إلى “واشنطن بوست” عن قلقه من تعرض “الحربي” لخطر التعذيب في المملكة.
وقالت “سارة ليا ويتسن” المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية في العالم العربي الآن “داون”:
إن الظروف الغامضة التي أعاد فيها المسؤولون السعوديون الحربي إلى المملكة، والتي لا تختلف عن محاولات إقناع خاشقجي وعبدالعزيز بالعودة، تشير إلى أن محمد بن سلمان لم ينته بعد من محاولة إسكات المنفيين في الخارج.
وأضافت ويتسن: “من الواضح أن الأمير لن يرتاح حتى يتمكن من إسكات كل منتقديه السعوديين أينما كانوا”.
وعلى نطاق أوسع، تشير حالة “الحربي” إلى حقيقة أن المعارضين من الشرق الأوسط يظلون غير آمنين من حكوماتهم أثناء إقامتهم في الغرب.
ويثير هذا أسئلة مهمة حول ما يجب أن تفعله الحكومات الغربية للمنفيين من البلدان التي تحكمها أنظمة استبدادية لها سجل من التخويف أو شن العنف ضد رعاياها في الخارج.
وأوضح الدكتور “أنيل شيلين”، الزميل الباحث في برنامج الشرق الأوسط في معهد “كوينسي”، أن الحكومات في جميع أنحاء الغرب يجب أن تصبح أكثر استباقية
من حيث منح الجنسية للمعارضين من البلدان التي تستهدف حكوماتها المعارضين والمنتقدين في الخارج.
وقال الدكتور “شيلين”: غالبا ما تكون ضرورة الاستمرار في التعامل مع السفارات والأنظمة القنصلية في بلدانهم الأصلية هي ما يعرض المعارضين للخطر
ولهذا السبب يجب على الحكومات المضيفة التكيف مع هذا الواقع الجديد من خلال توسيع الفرص للأفراد المستهدفين ليصبحوا مواطنين”.
وأضاف: وعلى الولايات المتحدة أن توضح أن استهداف المعارضين في الخارج أمر غير مقبول تماما، وأن توفر الحماية للأفراد الذين يحاولون الهروب من قمع الدولة السعودية”.
وبعد تداعيات قضية “خاشقجي”، من العدل التساؤل عما إذا كانت هناك أي مؤشرات على أن “محمد بن سلمان” قد تعلم بعض الدروس من تلك الكارثة.
وبالنظر إلى المستقبل، من المحتمل أن يتم استخدام قضية “الحربي” من قبل أولئك الذين يجادلون بأن مثل هذا السلوك من جانب الحكومة السعودية
هو نتيجة مباشرة لفشل كل من إدارة “ترامب” وإدارة “بايدن” في معاقبة “بن سلمان” بشكل مباشر وكافٍ لتورطه في مقتل “خاشقجي”.