فشلو تلو آخر ينهش برؤية 2030 التي أعلن عن ولي العهد الأمير الطائش محمد بن سلمان في نيسان/أبريل عام 2016.
رؤية زعم خلالها الحاكم الشاب أن هدفها تنوع مصادر دخل المملكة وتقليل اعتمادها على النفط، غير أن الوقائع تثبت فشل هذه الرؤية بعد 5 سنوات على إطلاقها.
ويتساءل سائل: كيف سينوع بن سلمان مصادر دخل الدولة بينما ينفق ملايين الدولارات على الحرب في اليمن، ومشاريع وهمية داخل المملكة؟.
عدا عن سؤال آخر: كيف سيزداد مصدر دخل المملكة والحاكم الطائش أودى بها بخسائر مالية باهظة في جميع شركاتها ومؤسساتها دون حسيب أو رقيب؟
ومنذ صدور أول خطط المملكة الخمسية للتنمية في 1970 وُضعت خطط أخرى تعاقبت حتى وصلت للخطة التاسعة التي كان يُعمل بها أيام الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز.
كل هذه الخطط وضعت تنويع مصادر الدخل الوطني، وتقليل الاعتماد على النفط، وزيادة مساهمة القطاعات الإنتاجية الأخرى في الناتج الإجمالي المحلي على قائمة أولوياتها
وهدفًا رئيسًا تنطلق منه، وتنتهي إليه، ولكن بعد انقضاء ما يقارب النصف قرن لم يتحقق كل سعت إليه هذه الخطط
فلا يزال النفط المورد الرئيس والشريان المغذي للميزانية العامة للدولة بنحو 90% من الدخل الحكومي، وأما حزم الخطط الخمسية ومشاريع مدن اقتصادية لم تؤتِ أكُلها
وفي بعض الحالات تعثرت تمامًا لأسباب مختلفة، منها تفشي الفساد.
رؤية 2030
آخر هذه الرؤى هي رؤية 2030 التي أعلن عنها ولي العهد في إبريل من عام 2016 ومشروع التحول الوطني، التي بدأها بالإعلان عن محاربة الفساد
وقام باعتقال الأمراء وأصحاب رؤوس الأموال، وتوصل مع أغلبهم لتسويات مالية، قيل أنها ستُستخدم في تحقيق الرؤية، بالإضافة إلى عدة إجراءات لم يسبق للرؤى الأخرى أن لجأت إليها كفرض ضريبة القيمة المضافة
ورفع الدعم عن بعض السلع، وتقليل الإنفاق على الأجور، وإلغاء البدلات والعلاوات عن موظفي الدولة، وفي ظل هذه التحولات أصبح المواطن البسيط هو من يعاني آثار التقشف والتغييرات الهيكلية الاقتصادية
ولم ينفعه إنشاء حساب المواطن لذوي الدخل المحدود للتخفيف من وطأة الضرائب على الطبقتين المتوسطة والفقيرة، لكن أمله بنجاح هذه الرؤية التي جُنّدت لترويجها كافة السبل الممكنة داخل السعودية وخارجها.
وتقع خبراء ألمانيون، انهيار “رؤية 2030” الذى يسعى ولى العهد محمد بن سلمان تطبيقها في المملكة بسبب فيروس كورونا والانهيار التاريخي لأسعار النفط
والحرب في اليمن والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، والصراع مع إيران، وقالوا إنها “تهدد بتبخر هذه الأحلام في سراب الصحراء”.
“وبن سلمان” يسعى عبر رؤيته التي قدمها للعالم في أبريل/ نيسان 206م، إلى تحويل المملكة مركزا للتكنولوجية المتقدمة في الشرق الأوسط، بدلا من الصورة الذهنية للنفطظ والفكر الوهابي.
وقال الخبراء الألمان: بعد أربع سنوات على إعلان “بن سلمان” رؤيته وجد الأمير الشاب نفسه أمام “أضغاث أحلام، فقد انقلبت الأوضاع رأسا على عقب
فبدلا من بناء اقتصاد رقمي كما كان مخططا، وجد نفسه أمام خلل تاريخي في الميزانية العامة”، وذلك في إشارة إلى الانهيار غير المسبوق لأسعار النفط في سياق انتشار جائحة “كورونا”.
وأضافوا أن الأوضاع المالية الصعبة للمملكة والانتهاكات الممنهجة لحقوق الانسان فيها والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة تجعل “رؤية 2030” لولي العهد “تبدو كسراب في الصحراء”.
وأشار المحللان في شؤون الشرق الأوسط كريستيان بومه وتوماس زايبرت، في مقالتهما بصحيفة “تاغس شبيغل” الصادرة في برلين، إلى أن “رؤية 2030” تجاوزت طموحاتها الخيال، وتمويلها يسبب الدوران حتى داخل المملكة الثرية.
فمدينة “نيوم” التكنولوجية لوحدها ستكلف ما لا يقل عن 500 مليار دولار، جزء من هذه الأموال كان سيأتي من الاكتتاب الأولي لشركة (أرامكو) المملوكة للدولة.
وخلص الكاتبان إلى أن الأزمة الاقتصادية الحالية تجعل هذا “المشروع الفرعوني” بعيد المنال.
عجز وقروض
وسلطت مواقع إعلامية واقتصادية ألمانية، الآونة الأخيرة، تقاريرها حول الأزمة المالية السعودية.
وتطرق موقع “مانجر ماغزين” إلى التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة.
وذهبت “شبيغل أونلاين” في نفس الاتجاه وكتبت تقريرا يحمل عنوان “انهيار بورصة الرياض وتوقع عجز قياسي” مستشهدة بالاستدانات الخارجية.
كما كتب موقع قناة “إن.تي.فاو” أن أزمة النفط وجائحة “كورونا” أحدثا تقوبا هائلة في ميزانية السعودية التي ستتجه نحو إجراءات تقشف جذرية وإلى الاقتراض في أسواق المال العالمية.
وقالت صحف ألمانية إن المشاريع الاستثمارية الضخمة تحولت في الوقت الراهن إلى سراب وكأن أبراج السماء توافقت ضد الأمير الشاب
“فجائحة كورونا عمقت أزمة سوق النفط التي كانت مضطربة أصلا، خاصة بعد حرب الأسعار التي أطلق شرارتها بن سلمان ضد روسيا وأثارت غضب الشريك الأمريكي”.
ويتوقع أن يصل عجز الموازنة السعودية إلى 112 مليار دولارأما أسواق النفط فمهددة بانهيار بنيوي
في وقت توقعت فيه منظمة الطاقة العالمية أن تُسرع جائحة “كورونا” في تحول العالم إلى الطاقات المتجددة، وهي التي كانت تتوقع أن تبدأ القطيعة مع المصادر الأحفورية في أفق 2040.
ويقول الخبراء الألمان إن “محمد بن سلمان يتبني إصلاحات بعينها تتوافق مع رؤيته، ومن شأنها أن تزيد شعبيته لدى الشباب السعودي، لكن الأمير يعارض بشدة مجتمعا مدنيا حرا قد يشكك في حكمه الاستبدادي”.
ودللوا على أقوالهم بتقارير منظمات حقوق الإنسان حول السعودية تحت حكم الأمير الشاب.