انغماس مريب ومخزي في العلاقات التطبيعية بين “تل ابيب” و”ابو ظبي” في غضون فترة قصيرة من توقيع اتفاق التطبيع بين الجانبين فلم تعد الامارات تجد اي حرج بالمشاركة في تدريبات عسكرية علنية مع كيان الاحتلال الاسرائيلي، أو الترويج لرضى او تهافت شعبي مع الرواية الصهيونية وصل حد التماهي والانسلاخ الكلي عن القضية الفلسطينية.
رغم كل الابواب التي شرعتها “كامب ديفيد” مع مصر و “وداي عربة” مع الاردن امام الكيان الصهيوني لم تشبع اتفاقيات ما يسمى بـ “السلام” الباردة حاجات الاحتلال الصهيوني ساسة ومستوطنين، ولم توفر لهم حضورا سهلا في الشارعين المصري والاردني، لكن الحال مختلف مع اتفاقيات ما يسمى بـ “ابراهام” التي اريد لها ان تروج لرضى او تهافت شعبي نحو العلاقات مع تل ابيب وهي الصورة التي حاولت ان تعكسها مراسم احياء ذكرى الهولوكوست في دبي بحضور وفد اسرائيلي.
وبالتزامن مع ذلك خرج الاعلام العبري بخبر اول حول مناورات عسكرية تجري علنا بين الامارات والكيان الاسرائيلي سينطلق يوم الاثنين المقبل في اليونان، وبحسب الاعلام العبري فان سلاح الجو الأمريكي سيشارك في المناورات العسكرية INIOCHOS، اضافة إلى طيارين من إسبانيا وسلوفانيا وكندا وقبرص.
مناورات “Iniochos” في اليونان التي ستنتهي في 22 أبريل، تقام سنويا ويعتبر سلاح الجو الإسرائيلي ضيفا دائما خلالها، لكن التواجد العلني وبكامل سلاح الجو الاماراتي هو أمر جديد، وذلك بعد تحول العلاقات بين الكيان اسرائيلي والامارات الى رسمية.
بعد نحو سبعة اشهر من توقيع اتفاق التطبيع بين الامارات والكيان الصهيوني لم تعد ابو ظبي تجد اي حرج بالمشاركة في تدريبات عسكرية علنية مع تل ابيب، فالقناة 12 العبرية ذكرت ان سلاح الجو الاماراتي سيشارك هذا العام للمرة الاولى علنا في مناورات “Iniochos” العسكرية في اليونان.
وبهذا ستحلق الطائرات الحربية الاسرائيلية والاماراتية جنبا الى جنب اعتبارا من 12 من الشهر الجاري وحتى 22 منه سعيا لتحقيق تفوق جوي مشترك وفق ما قال المصدر العبري، والذي اضاف انه سيتدرب المشاركون في المناورات على معارك جوية ضد بعضهم البعض، واستهداف مواقع أرضية وعلى تنفيذ مهمات بحث وإنقاذ، ومساعدة للقوات البرية والبحرية، تصوير وجمع معلومات استخباراتية.
التحول الدراماتيكي في العلاقات بين “ابو ظبي” و”تل ابيب” انعكس كذلك على كل المناحي الحياتية حتى بات مشهد احياء ذكرى “الهولوكوست” في الامارات حدثا طبيعيا، ففي دبي نظمت مراسم وطقوس خاصة لاحياء الذكرى جرى خلالها اشعال الشموع وعرض افلام تسجيلية وتقديم فقرات غنائية، في تطور مخجل في مسار التطبيع مع الكيان المحتل وأكثر من ذلك كله كشفت القناة السابعة العبرية ان السلطات الاماراتية تخطط لاضاءة برج خليفة بعلم الاحتلال بالتزامن مع الاحتفالات بانشاء الكيان الاسرائيلي وفي الخطوة تلك ان حصلت اشارة بليغة الى انسلاخ كلي عن القضية الفلسطينية.
وفي خطوة لافتة ومخزية ايضا بعثت سفارة الامارات لدى الكيان الصهيوني بتعازيها لعائلات ضحايا المحرقة المزعومة وقالت انهم “راحوا ضحية التطرف والكراهية والتمييز”، واضافت “ان المحبة والتعايش والصبر هي من القيم الأساسية التي تحتاج اليها الإنسانية من اجل ضمان السلام لابد الابدين”، خطوات تأتي فيما يحيي الفلسطينيون الذكرى السنوية الـ73 لمجزرة دير ياسين والتي نفذتها العصابات الصهيونية قبل شهر فقط من إعلان قيام الكيان على أنقاض فلسطين المحتلة، وشكلت المجزرة علامة فارقة في تثبيت المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، وحازت على أكبر عدد من الكتابات والمؤلفات العربية والإسرائيلية، وحظيت باعترافات من كبار الجنرالات المتورطين فيها.
كما حذرت مؤسسة “القدس الدولية”، من مخطط جديد لدولة الإمارات، يهدف إلى السيطرة على المشهد في مدينة القدس المحتلة، من خلال تسلّلها عبر الانتخابات الفلسطينية، لإخضاع المدينة المقدسة، لصالح الاحتلال الإسرائيلي، مضيفة “إنه ومع اكتمال القوائم المقدمة لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، وبعد فشل محاولته تشكيل قائمة تحت اسم (القدس أولاً) بعد تحذير مؤسسة القدس الدولية منها، اضطر الأكاديمي الفلسطيني سري نسيبة للكشف عن انحيازه الصريح، فكان المرشح الثاني على قائمة الأمل والمستقبل التابعة لمحمد دحلان”.
وذكرّت “القدس الدولية” بأن “اتفاق أبراهام”، جرى من خلاله “إعادة تعريف الأقصى على القياس الصهيوني باعتباره المسجد القبلي فقط، وتعريف ساحاته باعتبارها مساحة مشتركة لجميع الأديان، والسماح لهم بالصلاة فيها، والاعتراف بالسيادة الصهيونية الكاملة على الأقصى”.
مخطط مشبوه ومريب يكشفه مسار العلاقات الذي قطعته دول التطبيع الخليجية في غضون هذه الفترة القصيرة يفسره هذا الانغماس في العلاقات مع الاحتلال الذي وصل الى حد لترويج والدفه باتجاه تماهي النبض الشعبي في هذه الدول المطبعة من خلال التغريدات والتصريحات التي تحاول ان توحي باحتضان شعبي للتطبيع من خلال الاتصالات بين بعض المطبعين او الزيارات وحتى احياء مناسبات يحيها الصهاينة مثل “عيد الفصح اليهودي” وغيره وذكرى “المحرقة” المزعومة التي اقامها مجموعة من المطبعين في دبي، في محالة لكي الوعي العربي وتسويق الرواية الصهيونية واستبدال الاخلاص والوفاء لأوطانهم بمال الخيانة والعزة بالمذلة، والتي تواجه على المقلب الاخر بحملة واسعة من التضامن مع فلسطين والرفض للاحتلال كما تعكس بعض المنصات الالكترونية.