كشفت وكالة رويترز في تقرير لها أن خطة تنويع الموارد التي اطلقها ولي العهد محمد بن سلمان لاستثمار 7 تريليونات دولار محفوفة بالفشل باعتبارها غير قابلة للتنفيذ ولا تعدو كونها إحدى وعوده الكاذبة للترويج لاحقيته بعرش المملكة والتغطية على جرائمه.
ويقول التقرير أن السعودية تحتاج إلى أسعار نفط أعلى، من أجل تنويع موارد اقتصادها، بدلا من الاعتماد على الخام وهو ما لا يتوفر حاليا ومشكوك بأمره في المستقبل.
ويقول ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان“، إن برنامجا بتريليونات الدولارات، يستهدف تنويع مصادر الدخل، سيتطلب أن تقلص شركات تابعة للدولة توزيعات الأرباح التي تدفعها للحكومة من أجل تعزيز الإنفاق الرأسمالي.
ولم يتضح بعد حجم خفض توزيعات شركات مثل مجموعة “أرامكو” السعودية للنفط، التي كانت توزيعات أرباحها البالغة 75 مليار دولار العام الماضي ضرورية لدعم إيرادات الدولة.
لكن محللين يقولون إن أي تقليص سيتطلب تعويضا على الأرجح من أسعار نفط أعلى.
وقال “جان ميشيل صليبا”، اقتصادي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى “بنك أوف أمريكا”، في مذكرة بحثية: “إذا خُفضت التوزيعات، فسيدعم سعر أعلى للنفط تحويلات أرامكو إلى الدولة عبر الضرائب ورسوم الامتياز كبديل”.
ويجعل هذا إيرادات النفط في مركز استراتيجية المملكة التي تستهدف إنفاقا محليا يبلغ 27 تريليون ريال (7.2 تريليون دولار) بحلول 2030.
ويعني حجم خطة الاستثمار، أن السعودية، أكبر منتج في “أوبك”، قد تحتاج إلى كبح الإمدادات خلال السنوات المقبلة لدعم أسعار النفط.
وقالت “مونيكا مالك”، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري، إن هذا لوحظ بالفعل في أوائل 2021، مع تنفيذ المملكة تخفيضات إنتاج أحادية وإبقائها الإنتاج ثابتا في أبريل/ نيسان.
وأضافت: “تمكنت السعودية من الإبقاء على تماسك مجموعة (أوبك+)- تضم منظمة “أوبك” وحلفاء منهم روسيا- حتى الآن، لكن كانت هناك بعض المؤشرات على ضغط داخلي وخارجي أكبر لزيادة إنتاج المجموعة من مايو/ أيار”.
ويمكن أن تفوق المنافع المالية لارتفاع أسعار النفط، الأثر الواقع على الاقتصاد، نتيجة لخفض إنتاج الخام.
وقال متحدث باسم وزارة المالية، إن لدى المملكة و”أوبك+” رؤى نظر للوقت الحالي وللمدى الطويل بشأن إبقاء أسعار النفط مستقرة “لمصلحة جميع الأطراف المعنية”، وإنهما ستواصلان التعامل مع الأحداث العالمية ومشاكل الإمداد والطلب بما يتفق مع هذا الهدف.
وفي حين يعود للشركات المشاركة في البرنامج الجديد أمر تقدير سبل تمويل استثماراتها، قال المتحدث إن الوزارة تتوقع مجموعة من مسارات التمويل “تكون توزيعات الأرباح فيها واحدة من خيارات شتى مثل القروض الميسرة والديون وأدوات التمويل الأخرى”.
وبعد تضررها كثيراً من انخفاض إيرادات الخام وأزمة فيروس كورونا العام الماضي، خفضت الحكومة السعودية ميزانيتها للعام 2021 نحو 7% لكبح عجز ارتفع إلى ثلاثة أمثاله تقريبا العام الماضي، ليبلغ 12% من الناتج المحلي الإجمالي، من 4.5% في 2019.
وهي تعتزم خفض المصروفات إلى 941 مليار ريال في 2023 من 990 مليارا هذا العام، وبالتالي فإن هدف الأمير “محمد” لإنفاق حكومي يبلغ 10 تريليونات ريال، بين 2021 و2030، يشير إلى أن إنفاق العام الجاري سيظل دون تغير في المتوسط على مدار السنوات الـ10 المقبلة.
وقد يؤدي هذا إلى ضغوط على خزينة الدولة.
وتتوقع وكالة “فيتش” للتصنيفات الائتمانية، عجزاً مالياً نحو 40 مليار دولار هذا العام، على افتراض سعر نفط 59 دولارا للبرميل في المتوسط، ومتوسط إنتاج 8.7 مليون برميل يوميا وإنفاق تريليون ريال.
وقال “كريسيانيس كروستينس” المدير في فريق التصنيفات السيادية لدى “فيتش”، إن الحكومة ستحتاج سعراً للنفط عند 76 دولاراً للبرميل لضبط ميزانيتها هذا العام، لكن في ظل سياسة التوزيعات الحالية، ومع تعافي الإنتاج، قد ينخفض السعر الذي يحقق تعادل الإيرادات والمصروفات إلى نحو 60 دولارا للبرميل.
وتابع: “لذا يبدو من الواضح بالنسبة لي أن تحقيق خطط الإنفاق تلك، مع قبول خفض في توزيعات أرباح أرامكو، يتطلب أن تجني الحكومة إيرادات غير نفطية أعلى أو أسعارا/إنتاجا أكبر للنفط أو إدخال بعض التعديلات على هدفها للتوزان المالي بحلول 2023”.
وكان استطلاع أجرته وكالة “رويترز”، الأسبوع الماضي، أظهر أن أسعار النفط ستستقر عند حوالي 63 دولارا للبرميل هذا العام، إذ يدعم توزيع اللقاحات الطلب وتواصل أوبك+ كبح الإمدادات.
ووصل خام برنت عند 62.84 دولار للبرميل بحلول الساعة 10:13 بتوقيت جرينتش، الخميس.
وقال “رافي بهاتيا” المحلل لدى “ستاندرد أند بورز جلوبال”، إنه إذا قادت الاستراتيجية إلى زيادة استثمارات الشركات الكبيرة في الاقتصاد وتنويع الموارد ونمو أكبر، فإن هذا سيدعم بدوره الإيرادات المالية في المدى المتوسط.
وقال المتحدث باسم وزارة المالية، إن من المستبعد حدوث تغيير كبيرة في خطط الانضباط المالي متوسط الأجل التي وردت في ميزانية 2021.
وتابع: “نتطلع إلى العمل في شراكة مع القطاع الخاص عبر سبل مختلفة مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والخصخصة وغيرها من سبل تحويل الإنفاق الرأسمالي بدرجة أكبر عن عاتق الحكومة خلال هذه الفترة”.
ويأتي برنامج الاستثمار المحلي السعودي فيما يظل الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة دون القدر المستهدف.
وبلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر العام الماضي 5.5 مليار دولار، لكن الخطة التي أعلن ولي العهد خطوطها العريضة تتوقع تدفقات من الاستثمارات الأجنبية المباشرة تتجاوز 500 مليار دولار خلال السنوات الـ10 المقبلة.
وقال “صليبا” من “بنك أوف أمريكا”، إنه حتى لو نحينا هذا جانبا، فإن تحقيق أهداف الاستثمار المحلي سيكون صعبا.
وتابع: “يبدو أن القسم الأكبر من برنامج الاستثمار سيضم القطاع العام بمفهومه الأوسع (مثل صندوق الاستثمارات العامة وأرامكو السعودية وسابك)، لكن تظل هناك فجوة تمويل”.
وكان صندوق الاستثمارات العامة، قال إنه يستهدف استثمارات سنوية 150 مليار ريال بين 2021 و2025.
وتمديد هذا المعدل حتى 2030 سيرفع استثمارات الصندوق الإجمالية إلى 1.5 تريليون ريال بين 2021 و2030.
واعتبر “صليبا”، أنه “يشير هذا إلى أن استثمارات صندوق الاستثمارات العامة ستحتاج لأن تصل إلى مثليها حتى تبلغ مستوى الثلاثة تريليونات ريال، وهو هدف يبدو طموحا للغاية في تصورنا”.
وقال ولي العهد إن صندوق الاستثمارات العامة يعتزم التخارج من بعض حصصه في الشركات والمشاريع المحلية، وإن “أرامكو”، التي أُدرجت في 2019، ستبيع مزيدا من الأسهم لدعم خزائن الصندوق.
ويمول صندوق الاستثمارات العامة نفسه عبر ضخ رأس المال من الحكومة وتحويل أصول حكومية والاحتفاظ بأرباح الاستثمارات ومن خلال الاستدانة.