يخلص تقرير الاستخبارات الأمريكية الذي نشر اليوم إلى موافقة محمد بن سلمان على عملية “اعتقال أو قتل” الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول، ما يسلط الضوء على انتهاج السلطات السعودية القمع وسيلة لإدارة شؤون البلاد ويجب أن يدفع باتجاه الدعوة لتطبيق إجراءات دبلوماسية لوضع حد لانتهاكات السلطات السعودية الفظيعة لحقوق الإنسان.
التقرير الذي عمل عليه مكتب مدير الاستخبارات الوطنية بعنوان “تقييم دور الحكومة السعودية في قتل جمال خاشقجي” وقامت إدارة البيت الأبيض الجديدة برفع السرية عنه في 26 فبراير 2021 يشرح خلوصها إلى إجازة ولي العهد عملية قتل خاشقجي الذي استدرج إلى القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر 2018 واغتاله فريق أمني سعودي وقطّع جثمانه.
صانع القرار
يستند التقرير في استنتاجه إلى “سيطرة ولي العهد على عملية صنع القرار في المملكة، والمشاركة المباشرة لأحد المستشارين الرئيسين لمحمد بن سلمان وفريقه الأمني في العملية، وعلى دعم ولي العهد لاستخدام الإجراءات العنيفة لتكميم أفواه المعارضين في الخارج، بمن فيهم خاشقجي”.
منذ تولي الملك سلمان العرش في 2015 ازدادت قوة ابنه وسيطرته على الأجهزة الأمنية التي جمع إدارتها واحتكرها لنفسه، فشهدت البلاد منذئذ تصاعدًا في قمع الحريات المدنية والاعتراض السلمي، بالاعتقال والتعذيب والمحاكمات الجائرة والمستمرة في استهدافها مختلف الدوائر المهتمة بالإصلاح الحقوقي والسياسي ومنهم الكتّاب ورجال الدين والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان وغيرهم من معتقلي الرأي، وباستهداف المعارضين في الخارج.
تعزز استنتاجات تقرير الاستخبارات الوطنية استنتاجات خلصت إليها جهات أخرى مثل المقررة الخاصة للأمم المتحدة أنييس كالامار التي خلصت في تقريرها المنشور في يوليو 2019 إلى وجود “أدلة موثوقة” على تورط كبار المسؤولين في جريمة القتل، بمن فيهم ولي العهد، ما يستلزم تحقيقات إضافية، وقد نأت السلطات السعودية عن التعاون مع كالامار في تحقيقها.
لا توجد عدالة طالما بن سلمان خارج العقاب
بعد نشر هذا التقرير اليوم، على المجتمع الدولي توسعة عقوباته لتطال كافة الأفراد المتورطين في قتل خاشقجي، فالعقوبات التي أنزلتها الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي تضمنت تجميد الأصول المالية لعدد من المتورطين في الجريمة وفرضت منعًا من السفر عليهم، لكنها استثنت ولي العهد الذي أفاد تقرير الاستخبارات الوطنية إلى تورطه بلا أدنى شك.
وهذا التقرير استحث موجة أخرى من الدعوات لتحقيق العدالة في قضية جمال خاشقجي بسبلٍ أخرى، منها إجراء تحقيق جنائي دولي، فحتى الآن أعاقت السلطات السعودية أي محاولة جادة لمحاسبة المسؤولين في جريمة القتل، وأما المحكمة الجزائية بالرياض فقد “خلصت” في 7 سبتمبر 2020 في محاكمتها الشكلية في القضية بالحكم على ثمانية من أصل 11 متهمًا بالسجن دون تسميتهم في محاكمة افتقرت لأدنى مستويات الشفافية.
علقت المديرة التنفيذية للقسط آلاء الصديق: “يخلص هذا التقرير بشكل واضح وضوح الشمس إلى ما خلص إليه تقارير سابقة، خصوصًا تقرير المقررة الخاصة أنييس كالامار، ألا وهو تورط كبار المسؤولين السعوديين في قتل جمال خاشقجي، بمن فيهم الحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان”.
تجدد القسط دعوتها لإجراء تحقيق دولي مستقل ونزيه ومحاكمة بهدف إيضاح الغموض الذي يحيط بهوية من خطط لقتل خاشقجي بالنيابة عن ولي العهد وما جرى لجثمانه ومحاسبة كافة المتورطين في الجريمة، وتدعو للضغط على السلطات السعودية لتضع حدًّا لانتهاكاتها الواسعة لحقوق الإنسان.