مقالات مشابهة

العدوان على اليمن.. وصمة العار على جبين الإنسانية و 6 أعوام من الصمت الأممي أمام القتل والتدمير والتجويع والحصار

دخل العدوان على اليمن عامه السابع، مسجّلًا صمت المجتمع الدولي أمام المجازر والانتهاكات المهولة المرتكبة بحق الشعب اليمني طيلة 6 سنوات من القتل، والتدمير، والتجويع والحصار.

القائم بأعمال وزير حقوق الإنسان علي الديلمي فصّل في مقابلة مع موقع “العهد” الإخباري أبرز ما عاناه اليمنيون خلال سنوات العدوان من جرائم حرب غير مسبوقة.

– تدمير البنية التحتية: تعمّدت دول تحالف العدوان وبشكل مباشر تدمير البنية التحتية، ومن بينها آلاف المُستشفيات، المدارس، الجامعات، محطات توليد الطاقة الكهربائيّة، الطرقات والجسُور، شبكات الاتصالات ومُنشآت توفير الوقود، إضافة إلى تدمير مصانع الغذاء ومُنشآت ومخازن الأغذية ووسائل نقلها والمُنشآت الخاصّة بمياه الشرب وأعمال الرّي، وغيرها من المرافق والأعيان المدنيّة التي تقدّمُ الخدماتِ الأساسيّة للسُّكان والتي حظرتْ نصوصُ القانون الانسانيّ الدوليّ استهدافَها.

– التجويع والحصار: سعتْ دولُ التحالف العُدوانيّ إلى تجويع واهلاك السّكان من خلال استهداف العديد من الأعيان والموارد التي لا غنى عنها لبقاءِ السّكان المدنيين على قيد الحياة. ويبرزُ الحصارُ الشاملُ المفروضُ على جميع منافذ اليمن البريّة وموانئها البحريّة والجويّة، كمُمارسةٍ لا انسانيةٍ مُستمرّةٍ بالنظر إلى ما ترتب عليها من حالة انعدام احتياجات المدنيين الأساسيّة خصُوصاً الغذاءُ والدواء.

وفرضت قوى العدوان قيوداً مُتزايدة لحظر دخول السّلع والواردات الأساسيّة اللازمة لإنقاذ الأرواح، وكثفتْ من عمليّات استهداف ميناء الحديدة؛ بهدف إخراجه عن خدمة الملاحة البحريّة، وأغلقت مطار صنعاء كليّاً وعزّزتْ كلَّ تلك الاجراءات اللاإنسانيّة بالدفع إلى اصدار قرار بنقل البنك المركزي اليمنيّ من العاصمة صنعاء إلى مُحافظة عدن التي تحتلها دولُ تحالف العدوان وتسيطرُ عليها الجماعاتُ المُسلحة المُوالية لها. القرار الأخير نتج عنه قطعُ صرف مُرتبات مُوظفي الدولة منذ أول شهر نقل فيه البنك المركزيّ اليمنيّ.

انتشار المجاعة وانعدام الأمن الغذائي كان أحد آثار وتبعاتِ الهجماتِ العسكريّة والحصار على مُختلف الموادّ الغذائية كالمحاصيل الزراعيّة، ومخازن وناقلات الغذاء، والثروة الحيوانيّة والمُنشآت والإمدادات الخاصّة بمياه الشّرب وأعمال الرّي التي لا يمكنُ الاستغناءُ عنها، إضافة إلى تلويث آبار وخزانات مياه الشرب والرّي بالموادّ الكيماويّة وموادّ أخرى ضارةٍ،

مخلفات العدوان تفتك بالأراضي الزراعية

ويُحظرُ استخدامُها؛ كونها مُحرَّمة دوليّاً، وتدميره لكثيرٍ من الأراضي والمحاصيل الزراعيّة من خلال استخدام أنواع مُختلفةٍ من القنابل والذخائر المحظورة دوليّاً، ومنها القنابلُ الفُسفوريّة المّخصّبة واليورانيوم المُخصّب والقنابلُ العُنقوديّة التي أدّتْ إلى إتلاف مساحاتٍ زراعيةٍ شاسعةٍ لسنواتٍ عدّةٍ، وأسفرتْ عن كوارث إنسانيّة، ضحاياها الأطفالُ والنساءُ وكبارُ السّن في تلك المناطق على المدى القريب والبعيد.

– واليمن خلال العدوان والحصار، واجه أزمة كبيرةً في توفير الأمن الغذائيّ بسبب الاجراءات اللاقانونيّة التي استخدمتها دولُ تحالف العُدوان وأدّتْ إلى التراجُع الاقتصاديّ للجمهوريّة اليمنيّة والذي يعدّ أحدَ أبرز عوامل انعدام الأمن الغذائي الحادّ، إضافة إلى التضخُّم مع تراجع العملة المحليّة وارتفاع أسعار الموادّ الغذائيّة، ونضوب احتياطات النقد الأجنبيّ جرّاءَ نقل البنك المركزيّ اليمنيّ من أمانة العاصمة إلى مُحافظة عدن.

وقد توصّل تحليلٌ إلى أنّ الأطفالَ في اليمن همُ الفئة الأكثرُ تضرُّراً، حيثُ يتعرّضون بشكلٍ خاصّ لخطر الإصابة بسُوء التغذية الحادّ، وهم بحاجةٍ ماسّةٍ لتوفير الغذاء والدواء لإنقاذ حياتهم، وقُدرتْ نسبة انعدام الأمن الغذائيّ هذا العام بحوالي 77% من عدد السّكان (13.3 مليون نسمة)، وبنسبةِ زيادةٍ بلغتْ 21.4 % مُقارنة بعام 2017م، فحوالي 22.7% من إجمالي السّكان يُصنفون في المرحلة الرّابعة “الطوارئ” من مراحل تدهور الوضع الإنسانيّ،

بينما يُصنفُ 25.6% من إجمالي السّكان في المرحلة الثالثة. ومع استمرار العُدوان فإنّ نسبة كبيرةً من عددِ السُّكان سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحادّ في نهاية هذا العام، ويُصنفون في المرحلة الخامسة (مرحلة المجاعة)، حيثُ زادتْ نسبة انعدام الأمن الغذائي خلالَ عامي 2018-2019م بنسبة ( 21.4 %) من السّكان.

– بطبيعة الحال فإنّ النساءَ والأطفالَ هم أكثرُ الفئات تضرُّراً من العدوان والحصار، خاصّة في أمراضٍ مُعينةٍ، كسُوء التغذية وفقر الدم عوضاً عن الحالة الصّحيّة للأم والجنين أو للمولود خلال الفئتين العُمريتين (0يوم – 28 يوماً) و(أقلّ من 5 سنوات). وتوضحُ لنا الإحصائياتُ إلى أيّ مدى وصلت مستويات سوء التغذية لدى الأطفال والنساء بسبب العدوان وحصاره. فأكثر من 2.6 مليون طفل دون سن الخامسة من العمر يعانون من سوء التغذية، بينهم 500 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد الوخيم، وأكثر من 1.8 مليون أمراة حامل ومرضعة تعاني من حالات سوء التغذية.

– كما حدث تراجع حاد في نسبة تغطية مياه الشرب النقية، حيثُ انخفض مُعدّلُ التغطية من (10% الى 66%)، بعد تضرّر خدمات قطاع المياه والصّرف الصّحيّ؛ نظراً لقيام دول تحالف العُدوان باستهداف عشراتِ الخزانات وآبار المياه والغيول ومضخات رفع المياه والتي تعمل بالطاقة الشمسيّة، اضافة إلى انقطاع التيار الكهربيّ وانعدام الوقود، وارتفاع مُتوسط تكلفة الوحدة المُنتجة وارتفاع كلفة الصّيانة بنسبة (95 %)، وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات المالية للعاملين في القطاع.

كما تضرّرتِ المرافقُ المائية، وتوقفتْ مشاريعُ المياه في القطاع العام والمُختلط والخاص (توقف أنشطة العديد من المُؤسّسات المحليّة)، وتزايد تدهور الوضع البيئيّ في المُدن والمناطق الحضريّة نظراً لتراكم المُخلفات الصّلبة وتراكم القمامة والأوساخ. ويُقدرُ من لا يستطيعون الوصولَ إلى مياهٍ نظيفةٍ بـ (20.5) مليون إنسانٍ يمنيّ بحاجةٍ إلى المياه.

– ووفقاً لبيانات مؤشّر أسعار المُستهلك التي يصدرُها الجهازُ المركزيُّ للإحصاء، فقد ارتفعت تكاليفُ المعيشة أخيراً إلى أكثر من 80 %، عمّا كانتْ عليه قبل العدوان على اليمن، وتشكلُ نسبة الأسر التي لم تحصّل على المال الكافي للحصُول على الاحتياجات الأساسيّة نتيجة العدوان على اليمن بنسبة (92.2) % على المُستوى الاجمالي من حجم الأسر.

الحصار والعدوان يتسبب في انتشار الأوبئة وتعطيل المستشفيات

– انتشار مُختلف الأوبئة وارتفاع عددِ الإصابات المرضية المُزمنة، سواءٌ بأمراض السّرطانات بجميع أنواعها، والتي كانتْ نتاجَ استخدام دول تحالف العُدوان مُختلفَ الأسلحة المُحرّمة دوليّاً، وارتفاعُ عددِ مرضى الفشل الكلوي وأمراض مُتعلقة بالقلب والكبد وغيرها.

وارتفعت نسبة الوفيات جرّاءَ انتشار الأوبئة المُختلفة، وانعدام الأدوية في مخازن وزارة الصّحة أو حتى في السّوق الدوائيّة جرّاءَ الإجراءات التعسّفية لتحالف العُدوان، كما أدّتِ الهجماتُ العسكريّة والحصارُ إلى ارتفاع مُعدلات مرضى السّرطان والفشل الكلوي وغيرها من الأمراض المُزمنة.

وارتفعت نسبة الزيادة في مُعدل الإصابة السّنوية بالسّرطان من (2.3%) قبلَ العُدوان إلى نسبة (5.5%) بعدَ العُدوان نتيجة استخدام العُدوان الأسلحة المُحرّمة دولياً والمُسرطنة، وارتفع عدد المصابين في مارس 2021م إلى 72.000 ألفاً مصابين بالأورام السرطانية، فيما انخفضت نسبة المرضى المُترددين على المراكز للمتابعة الدورية في العيادات الاستشارية وقسم الإعطاء الخارجي الخاص بأخذ الجرعة الكيماوية بنسبة (20%) بعدَ العُدوان نتيجة صعوبة الوصول إلى المراكز الصحية بأمان جراء الاستهداف المتكرر للجسُور والطرقات من قبل العُدوان.

وانخفض وضعف تقديم خدمة الأشعة التلفزيونية (u/s) وخدمة التدخلات الجراحيّة وخدمة العلاج بالإشعاع بنسبة (50%) بعدَ العُدوان وصُعوبة الحصُول على المصادر المُشعة والمُعجّل الخطي وقد تتوقف خدمة العلاج بالإشعاع نهائيّاً نتيجة ضعف كفاءة المصدر المُشع المُتوفر حالياً، الأمرُ الذي قد يسبب كارثة إنسانيّة لمرضى السّرطان.

وتوقف تقديم بعض الخدمات التشخيصيّة التي كانتْ تُقدّمُ مجاناً للمرضى في المركز، وانقطع (50%) من الأدوية الكيماويّة المطلوبة للمرضى خصوصاً الأدوية المُوجّهة والتي تحتاجُ إلى نقلٍ في درجات حرارةٍ معينةٍ، وانخفضت نسبة توفير الأدوية الأساسيّة والمُضادّات الحيويّة والمحاليل الوريديّة (80%) نتيجة الحصار وشحّ الموارد الماليّة، وتوقف (40%) من الأجهزة التشخيصيّة والطبيّة عن العمل بسبب مشاكل الصّيانة وصُعوبة توفير قطع الغيار.

وهناك ما يقاربُ 28 مركزاً للغسيل الكلوي مهددةٌ بالتوقف الكليّ عن العمل وتقديم خدمة الغسيل الكلوي للمُصابين بمرض الفشل الكلوي والسّكري البالغ عددُهم 120 ألف مريض، بالاضافة إلى الآلاف من المُصابين بمرض السّرطان والثلاسيميا. ومن جهةٍ أخرى هنالك أكثرُ من 75 ألفَ مريضٍ يحتاجون إلى العلاج في الخارج ويواجهون الموتَ نتيجة إغلاق مطار صنعاء الدّوليّ، ومنعهم من السفر لتلقي العلاج.

وبلغتْ حالاتُ الاصابة وحالة الاشتباه بالكوليرا حتّى الآن أكثرَ من (2.326.568) حالة، وبلغ عددُ الوفيات بهذا الوباء (3.786) وفاة.

اسلحة محرمة تفتك بالشعب اليمني

واستخدمتْ دولُ تحالف العُدوان أسلحة مُحرّمة دوليّاً في الكثير من هجماتها. وأكدت تقاريرُ طبيّة أنّ الأسلحة والذخائرَ التي تستخدمُها دولُ تحالف العُدوان كانتْ سبباً مُباشراً لتشوّهات الأجنّة والمواليد خصوصاً تلك الذخائرُ والأسلحة التي تمّ استخدامُها في مُحافظاتِ صعدة والحديدة وصنعاء وتعز،

وهي ذاتُ الأسلحة التي استخدمتها القواتُ الأمريكية في عُدوانها على العراق في العام 2004م وخاصّة في منطقة الفلوجة والتي أسفرتْ آثارُها عن تشوه مئاتِ المواليد والأجنّة، كما أنّ تلك الأسلحة – التي حذرتِ المُنظماتُ الإنسانية من استخدامها في اليمن – هي ذاتُ الأسلحة التي استخدمها الكيانُ الصّهيونيّ في قصف قطاع غزة عام 2009م، ونتج منها تشوه العشرات من المواليد والأجنّة.

– في كثيرٍ من الحُروب والنزاعات المُسلحة التي نشبت في السابق وحالياً يتمّ اغفالُ الضّحايا غير المباشرين وبالأخص المدنيون من النساء والأطفال. فصوتُ الطائرات والصواريخ وانفجارها المُباغت حين تتساقط على رؤوس المدنيين ينجمُ عنها عددٌ من الوفيات خاصة النساء والأطفال، كما تتأثر النساءُ الحوامل والأجنّة.

فقد أظهرتِ الإحصائياتُ الأولية والتي تم تسجيلها وتوثيقها لدى وزارة الصّحة العامّة والسّكان أنّ 450 امرأةً في العام 2015م تعرّضنَ للاجهاض الناجم عن الخوف والرّعب والقلق النفسيّ الذي انتشر لدى عددٍ من الأسر اليمنية جرّاءَ القصف المُباشر والمُباغت من قبل طائرات دول التحالف.

وبعد العرض التفصيلي والدقيق للوضع الانساني المتردي في اليمن جراء العدوان والحصار السعودي – الأميركي، يتعرّض القائم بأعمال وزير حقوق الإنسان علي الديلمي في مقابلته مع “العهد” الى تقرير “هيروشيما اليمن” الذي صدر مؤخرًا وأبرز ما لحظه التقرير، مشيرًا إلى أن “هيروشيما اليمن” هو عنوان لأول تقرير حقوقي يظهر حجم جرائم العدوان الذي يدار من قبل أمريكا والسعودية والإمارات ومرتزقتهم من الداخل، ووحشيته تجاه المدنيين الآمنين،

وسمي بهذا الاسم كنوع من الرمزية لجرائم ارتكبتها أمريكا في اليابان على مدينة تسمى هيروشيما بأن قامت بإلقاء قنبلة نووية عليها ما أودى بحياة الملايين من الناس، وتدمير كافة الأعيان المدنية على روؤسهم.

وهذا ما تفعله أمريكا وأعوانها وأدواتها في استهداف اليمن أرضاً وإنساناً وبمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة والتي لها آثار مستقبلية كالقنابل العنقودية. وهي تسمية توضح النموذج الوحشي لما ارتكب في اليمن.

ويوضح الديلمي أن التقرير احتوى على نبذة من جرائم العدوان بحق المدنيين والأطفال والنساء والشيوخ، موثقة بالصور وشهادات شهود العيان. وهذه الجرائم المذكورة في هذا التقرير ما هي إلا جزء بسيط مما تم رصده وتوثيقه من قبل مختصين اتبعوا المعايير والمنهجية الدولية في عملية الرصد والتوثيق،

وما زالت هناك عشرات الجرائم والانتهاكات التي أودت بحياة الناس، والتقرير ركز بدرجة كبيرة على جريمة واحدة من الجرائم الأشد خطورة والمنصوص عليها في نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية وهي جريمة القتل العمد التي تندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

وينوّه الديلمي الى أنه ستكون هناك أعداد وإصدارات أخرى حول مختلف الجرائم المباشرة وغير المباشرة التي طالت اليمن وشعبه وآثار وانعكاسات ذلك على حياة الناس.

دول العدوان تنتهك القانون الدولي بذرائع مزعومة واهية

والتقرير تضمن ثلاثة محاور رئيسية ومن أبرزها: قواعد القانون الدولي وانتهاكات العدوان لها، والذرائع المزعومة لدول العدوان، وجرائم دول العدوان كما يرويها فريق التوثيق والضحايا والشهود.

وردًا على سؤال لـ”العهد” حول دور منظمات حقوق الانسان مما يجري في اليمن، يلفت الديلمي الى أن المنظمات الإنسانية تحركت بوتيرة تخالف النظام الأساسي لعملها ولم تلتزم بالأجندة الإنسانية وإنما الأجندة التي تتناسب مع طلبات دول العدوان، مثلًا:

– القرار الدولي رقم 2342: الذي يُشير مضمونه إلى سوء الحالة الإنسانية في اليمن وأن الوضع الإنساني أصبح كارثياً في معظم محافظات ومناطق اليمن. وقد تم الإشارة إلى ذلك دون أن يتضمن القرارُ سالفُ الذكر أيّ إدانةٍ للعُدوان وجرائمه التي يرتكبها كلّ يوم بحقّ اليمنيين، الأمر الذي يدلُّ على التواطؤ الأمميّ والدوليّ مع قوى تحالف العُدوان، ممّا يعني المزيدَ من الدمار والانهيار والتدهور المستمر للخدمات الأساسية.

– إغلاق مطار صنعاء الدولي: هذا الإغلاق غيرَ المبرر مع إستمرار إستخدام بعثات الأمم المتحده لمطار صنعاء منفذاً جوياً مأموناً لرحلاتها التشغيلية حصراً دون إتاحة استخدامه وفتح خدماته الإنسانية والتجارية أمام اليمنيين يجعل من الأمم المتحدة شريكاً أساسيّاً لدول العدوان ومسؤولة مسؤولية كاملة عن الوضع الإنسانيّ الذي يزداد سُوءاً.

– محاصرة الموانئ والمنافذ البحرية: تعلم الأممُ المتحدة علماً كاملاً مدى تأثير الحصار المفروض في حركة الموانئ في الحديدة والصليف ورأس عيسى تحديداً. هذا الوضع المفروض على المنافذ البحريّة مشهودٌ لدى الأمم المتحده إلا أنها تستمرئ تضليلها العالمَ خدمةً لقوى تحالف العدوان الذي يتخذ من حصار الموانئ وسيلة من وسائل الحرب على اليمن واليمنيين.

كما مثلت، بحسب الديلمي، كلمة أمين عام الأمم المتحدة في افتتاح المؤتمر الخامس لإعلان التعهدات المالية للجهود الإنسانية في اليمن دليلاً على مدى الاستهتار بمُعاناة اليمنيين فرداً فرداً، حيث يُقر أنطونيو غوتيريش بأن المجاعة تلقي بثقلها على اليمن وأن السّباق جارٍ لإنقاذ اليمن من مجاعةٍ قد يتعرضُ لها مُعظمُ الشعب اليمني، ومؤكداً في سياق كلمته أن هناك عدداً غيرَ قليل من اليمنيين يتضورون جوعاً إلى حدّ الموت في ظروفٍ تشبه المجاعة.

تأكيدات مكتب مفوضية حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في اليمن الذي وثقت تقاريره وقوع إصابات بين المدنيين وتأكيد مقتل عدد كبير من المدنيين بمديرية شدا بمحافظة صعده نتيجة قصف جوي وهجوم مكثف من مروحية عسكرية يتضح منه أن جهاز الأمم المتحدة يرصد الواقعة الإجرامية، ويحددُ مرتكبها إلا أنه لا يتخذ أيّ إجراءاتٍ تتعلق بحماية المدنيين وإنصاف الضّحايا إضافة إلى عدم قدرة الأمم المتحدة وتغاضيها عن مساءلة قوات تحالف العدوان عما ترتكبه من جرائم بحق المدنيين.

يضيف الديلمي: ما يزال اليمنيون يتابعون تصريحات هذا الجهاز ومسؤوليه الممتلئة بعبارات القلق والخوف والسهر، حيث أعرب جيمي ماكغولدريك منسق الشؤون الإنسانية في اليمن عن قلقه البالغ إزاء التقارير التي تفيد بوقوع غاراتٍ جويّةٍ على المدنيين في مُحافظة صعدة، بما في ذلك هجماتٌ على منزل وسيارةٍ خاصّة في منطقتين مُنفصلتين أسفرت عن مقتل مدنيين، من بينهم نساءٌ وأطفالٌ…إضافة إلى ما تملكة أجهزة الأمم المتحده من الحث على تذكير أطراف النزاع دون اتخاذ ما من شأنه وقف العدوان وأدواته التي يستخدمها في قتل المدنيين في جميع مُحافظات اليمن،

ومن ذلك ما ورد على لسان أحد مسؤوليها بالنص الآتي: نستذكر أنّ الهجمات العشوائية أو المتفاوتة أو الهجمات التي تستهدفُ الممتلكات المدنية مثل الأسواق هي محظورةٌ بموجب القانون الدولي الإنساني.

ونذكِّر كل أطراف النزاع بواجبهم القائم على ضمان الاحترام الكامل للقانون الدولي المعني بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. ويجب التحقيق ملياً في كل الحوادث المؤدية إلى وقوع إصاباتٍ بين المدنيين من أجل ضمان المساءلة عند اكتشاف حدوثِ انتهاكاتٍ للقانون الدوليّ.

دلالات التواطؤ الأممي مع دول العدوان

وفي مقدمة قائمة دلالات التواطؤ غير المحصورة، حذف المملكة العربية السّعودية من قائمة الدول والجهات غير الرسمية التي تقاعست عن تبني الإجراءات الضرورية لحماية الأطفال، والتي كان لها دورٌ مُباشرٌ في تجنيد أطفال، وعمليات احتجاز، واختطاف، وعنف جنسي، وهجمات على مدارس ومستشفيات.

واستشهد الأمينُ العام بتناقص مستمر وكبير في أعداد القتلى والمصابين في الغارات الجوية، وتطبيق بنود مذكرة تفاهم دعت إلى اعتماد برنامج أنشطة بهدف تعزيز إجراءات الوقاية والحماية.

كما أن أمين عام الأمم المتحدة غوتيريش أضاف أن البرنامج سيخضع للمراقبة لمدة 12 شهراً، وأن أيّ تقاعسٍ في هذا المجال سيفضي إلى الإدراج مرة أخرى في القائمة عن الانتهاكات ذاتها وتعليقاً على هذا القرار الأممي المنسحب خذلاناً وانكساراً وتعدياً على حقوق الإنسان في اليمن.

فقد صرح جو بيكر مدير الدفاع عن حقوق الأطفال في منظمة هيومن رايتس ووتش أن الأمين العام يضيفُ مُستوى جديداً من العار إلى (قائمة العار) من خلال إزالة التحالف الذي تقوده السّعوديّة وتجاهل أدلة الأمم المتحدة المتعلقة باستمرار الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في اليمن.

كما علقت على هذا القرار أدريان لابار، مديرة منظمة “ووتش المعنية بالأطفال والنزاع المسلح بقولها إن الشطب يبعث برسالةٍ مفادُها أنّ الفاعلين الأقوياء يمكن أن يفلتوا من قتل الأطفال، ودعت إلى تقييمٍ مُستقلّ وموضوعيّ وشفافٍ للعمليّة التي أدت إلى إصدار قرار إلغاء السّعوديّة من قائمة العار.

السعودية تمارس الضغوط على الأمم المتحدة

الجدير بالذكر أن تحالف العدوان على اليمن الذي تقوده السعودية ظلّ على القائمة السوداء لمدة ثلاثِ سنواتٍ، حيثُ أُدرج في القائمة في عام 2016، ولكن تمت إزالته لاحقًا بعد احتجاجات تقدمت بها السعودية.

واتهم الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون، السّعوديّة بمُمارسة ضغوطٍ غير مقبولة على الأمم المتحدة، حيث هددت دول حليفة بقطع التمويل الضروري لبرامج المساعدة الإنسانية.

وممّا سبق وتم عرضه، تتضح وفق الديلمي أدلة التواطؤ المُدان من كافة المجتمع اليمني أفراداً وَمؤسساتٍ من خلال المواقف السّلبية للمجتمع الدولي تُجاه مُمارسات تحالف العُدوان التي تتيح له مساحاتٍ أوسعَ لممارسة جرائمه بحق اليمنيين كلّ يوم. مواقف تعكسُ مسؤولية لا تحمل جهداً وتقديراً ولا ضميراً يتناسبُ مع حجم الوضع الإنساني في اليمن الذي يتعدّى حدودَ اختزاله في إطار أزمةٍ سياسيةٍ.

وردًا على سؤال حول ما إذا كان استمرار العدوان سيسهم في اخضاع الشعب اليمني، يؤكد الديلمي أن الشعب اليمني قد أوصل رسالته للعالم وللمخطط الذي ابرم في عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية وطبخ في مطابخ المخابرات الأمريكية واستقر الرأي على أن احتلال اليمن لن يستغرق سوى أسبوعين، وها نحن في العام السابع.

لقد ظنوا أن الأمور تتم وفق تخطيطهم لكن مكر الله ولطفه بالجيش واللجان الشعبية والقوة الصاروخية واشراف قيادة حكيمة قوية ثقتها بالله فقط وتوكلها عليه ممثلة بالقيادة الثورية والسياسية بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله وصمود الشعب اليمني أفشل كل الرهانات الخارجية ولا شك أن التضامن والتناصر مهمان من قائد بحجم سماحة السيد حسن نصرالله حفظه الله والجمهورية الإسلامية.

ينوّه الديلمي الى أن الحصار المستمر يقتل الشعب اليمني وقد ازداد إحكامًا بعد مجيء بايدن وإعلانه أنه سيسعى للسلام في اليمن، وهذه هي طريقته في بناء السلام، الابتزاز، هذه هي مبادراتهم وهذا هو سلامهم المزعوم.

والصمت الدولي يؤكد بشكل واضح وصريح أن القوانين والاتفاقيات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة مات سريريًا وما هو إلا غطاء لمصالح الدول الكبرى ولو كان على أشلاء الأطفال والنساء.

ويشدد الديلمي على أن الشعب اليمني يعتمد على الله ويتحرك بصموده للدفاع عن مظلوميته وقضيته العادلة، أما دول العدوان فرهانها خاسر، مشيرًا الى أن الشعب اليمني يقدم أروع الأمثلة في التضحية والصمود والثبات ويصر على استقلال بلده واحترام سيادته، إنه شعب الصمود والتحدي والإباء والعظمة، ويتوجه الى قوى العدوان بالقول: “أما كفاكم قتلًا للمدنيين وبالذات الأطفال والنساء؟ أما كفاكم دروس رجال الرجال؟
أنتم تواجهون الشعب اليمني. المقولة تقول لكم “اليمن مقبرة الغزاة””.