من يعرف تكوين النظام الاردني لن يشغل نفسه بأخبار الانقلاب الملكي في الاردن .. فالاردن نظام يستحيل فيه قيام انقلاب من داخل القصر او خارجه لأن كل مافي القصر مضبوط الحركة ومراقب بالمخابرات البريطانية والصهيونية..
منذ ان نشأ هذا الكيان الوظيفي كان معلوماً انه غير قابل للحياة بفصله عن محيطه السوري الطبيعي.. انه الحديقة التوراتية الخلفية لاسرائيل التي تحمي ظهرها.. فهو اقتصاديا لايقدر على ان يجد حتى الماء.. وليست فيه اراض زراعية كافية ولاثروات.. فهو صحراء كبيرة لازراعة ولاصناعة ولاسياحة ولا نفط ولاغاز.. ولكنها تُحقن بالكورتيزون الاقتصادي كي تبقى منتعشة وواقفة ومستيقظة..
ومع ذلك فمنذ ان دخلت جيوش لورنس العرب الى الأردن لم تحدث فيها اي حركة تمرد واعطيت ادارتها لموظف سمي ملكا من بني هاشم.. وهو يتبع للتاج البريطاني.. فالملك حسين تربية بريطانية صرفة.. وكان يدرك انه ليس ملكا الا امام شيوخ العشائر الاردنية ولكنه امام السفير البريطاني هو موظف بريطاني..
وكان الرئيس حافظ الاسد قد سئم من سلوك هذا الملك وأصر على وصفه بما يليق به في خطاب شهير قال فيه (ان الملك حسين جاسوس بريطاني يقضّي اجازاته في الأردن) وكان هذا التوصيف افضل تلخيص حقيقي دون مبالغة.. وهذا الشعور من الملك ان ملكه مجرد نكتة ربما كان السبب في ان يقبل بعمل اضافي كموظف في السي أي ايه وعمل كجاسوس باسم مستر (نو بيف) مقابل مليون دولار سنويا وفق الوثائق الاميريكة التي اكدت ان كارتر هو من اوقف هذا الراتب واعتبر انه لايجوز لملك ان يعمل كجاسوس بأجر..
القصر الملكي الأردني هو ملحق بالسفارة البريطانية ولاتصدر عنه اي قرارات مصيرية الا بالرجوع للمملكة المتحدة.. والبريطانيون لايسمحون لأحد ان يلعب في ملعبهم.. ولذلك فان الملك حسين تم تزويجه من الملكة نور وهي امريكية اسمها اليزابيت (ليزا) الحلبي ويقال انها من أصول يهودية سورية.. ثم عندما زوجته من الفلسطينية علياء طوقان وجدت ان ذلك الاختراق للقصر قد يخلخل او يسرب بعض اسراره.. فتم التخلص منها .. لتدخل الملكة منى بدلا عنها.. والملكة منى هي يهودية ايضا واتخذت اسم منى للتمويه واسمها الحقيقي هو أنطوانيت غاردنر..
لذلك التمرد الوحيد والتحدي الذي تعرض له الموظف البريطاني حسين بن طلال كان مع المنظمات الفلسطينية التي اصطدم معها في ايلول وقام بتصفيتها بمساعدة بريطانية واسرائيلية وسعودية..
وعندما اقتربت وفاته تقررت ولاية العهد في بريطانية التي أرسلت على الفور البديل المناسب وهو عبدالله (ابن اليهودية منى) والذي كان لايعرف النطق بالعربية.. ولكن البريطانيين لايسمحون لهذا العرش الوظيفي ان يتم تداوله الا وفق قرار مدروس يكفل ان تستمر وظيفته كحديقة توراتية خلفية لاسرائيل التي هي حديقة للمملكة الصليبية القديمة…
لذلك اذا كان هناك كلام عن انقلاب في الاردن فانني لاأبالي به لانه يستحيل فالمخابرات الاردنية محشوة بالمخابرات الاسرائيلية والانكليزية.. ولايمكن ان تحدث مؤامرة بسبب ان اجهزة الامن تشرف عليها المخابرات البريطانية من الألف الى الياء ..
لا أتذكر في اخبار الانقلاب الا حكاية الانقلاب التركي المسرحي على اردوغان الذي كان طريقة ووسيلة للقبض على التيارات التركية التي كانت تتململ .. فالتهديد بالخطر من الكيان الموازي لفتح الله غولن كان كفيلا بالسماح لاردوغان بأخونة الجيش وأخونة كل المؤسسات التركية والتسلط على كل شيء ومراقبة المعارضة وتخوين كل من يعارضه.. انها نفس طريقة احداث نيويورك فالقبض على كل السياسة الخارجية الامريكية قد تم و كذلك فان تنفيذ المحافظين الجدد لمخططهم كان لابد له من ان يمر عبر بوابة احداث سبتمبر..
فماذا وراء الاكمة في الاردن؟؟ وهل هناك من يريد ان يصنع من الملك بطلا وهو ليس بطلا؟؟ ام “اسرائيل” تريد ان تضغط على الاردنيين وتقول لهم ان ملكهم العظيم في خطر لانه يعترض على مخططات “اسرائيل”..
البطل الهصور في خطر .. وحامي القدس العظيم .. وبطل الهلال الشيعي .. في خطر .. وياخوفي يقولو ان حزب الله وايران وسورية خلف المؤامرة !!!
*نارام سرجون – كاتب سوري