لقد كان استهداف تحالف دول العدوان الذي تقوده السعودية والإمارات بدعم أمريكي بريطاني على اليمن لصالات الأعراس ومجالس العزاء ومختلف المناسبات الاجتماعية منذ اللحظة الأولى على رأس قائمة هذا العدوان المتعجرف والهمجي الذي ارتكب أبشع الجرائم بحق المدنيين العزَّل،
فاستهداف الصالات ومجالس العزاء التي كانت تكتظ بالناس بهدف قتل عدد كبير من اليمنيين يعد إبادة جماعية لتكون الحصيلة مجازر مروعة ارتكبها هذا العدوان السافر في صنعاء وذمار وصعدة والحديدة وحجة والجوف وتعز وغيرها من المحافظات.
لقد كان ارتكاب العدوان تلك المجازر والجرائم برضا تام من المجتمع الدولي الذي يعد شريكاً فعلياً للعدوان السعوأمريكي جراء صمته وتجاهله الجرائم التي ارتكبها النظام السعودي بحق الشعب اليمني كونها ترقى إلى جرائم حرب ضد الإنسانية .
جريمة الصالة الكبرى التي استهدفها العدوان في 8 أكتوبر 2016م بأربع غارات وخلفت أكثر من 1000ما بين قتيل وجريح، لا تزال تلك الجريمة حاضرة في أذهان اليمنيين، حيث فجعت اليمن قاطبة واتشحت السواد إثر استشهاد وإصابة عدد كبير من أبنائها الذين كانوا يؤدون واجب العزاء، وهي بالتأكيد أُمُّ الجرائم السعودية الأمريكية، والجريمة الأكثر بشاعة ودموية ارتكبها طيران العدوان السعودي بحق أبناء الشعب اليمني وأدانها واستنكرها كل أبناء اليمن الشرفاء رجالاً ونساء.
إنها جريمة نكراء لم تحصل في التاريخ وجريمة لا أخلاقية تعكس مدى القبح والإجرام والخسة والنذالة والحقارة لدى حكام السعودية وحلفائهم .
جرائم لم يسبق لها مثيل
لم تكن الصالة الكبرى الهدف الوحيد للعدوان، فهناك الكثير من الجرائم التي لم يكن أحد يتوقع حدوثها حيث أن الكثير من الناس يرون أنها لا تنم إلا عن انحطاط أخلاقي فظيع لمرتكبها لم يسبق له مثيل في تاريخ الحروب والصراعات.
بدأت عمليات استهداف العدوان حفلات الزواج، ومجالس العزاء أواخر سبتمبر من العام 2015م، حينما قصف طيران العدوان خيمتي حفل زفاف أطراف قرية واحجة، القريبة من ميناء المخا، في محافظة تعز، أسفرت حصيلة ضحاياها عن 131 شهيد وجريح من المدنيين تناثرت جثثهم على أرضيّة مسرح الجريمة، تلاها في الشهر التالي، من ذات العام (في الـ7 من أكتوبر 2015)، مجزرة عرس قرية سنبان، في محافظة ذمار، التي استشهد على إثرها 43 مدنياً بينهم 3 عرسان، وأصيب 90 آخرون بجروح متفاوتة الخطورة.
وفي أبريل 2015م استهدف العدوان موكب عرس في منطقة دمت كما استهدف العدوان أيضاً صالة الخيول في يوليو من العام نفسه مخلفا وراءه الدمار الشامل للصالة مع سقوط العديد من الضحايا، وفي العاشر من يوليو من نفس الشهر قام العدوان بتدمير صالة زهرة المدائن التي سقط فيها ما يقارب عشرة مدنيين.
ولم تتوقف تلك الاستهدافات على صالات الأفراح، فقد استهدف الطيران الإجرامي في الخامس من يناير صالة بيت معياد بأمانة العاصمة ما أدى إلى سقوط أكثر من 69 شخصاً بين شهيد وجريح.
وهكذا تُحكى قصص المآسي داخل تلك الصالات التي كان من المفروض أن يملأها الفرح والسرور لكنها تحولت إلى أتراح وأحزان وفواجع مؤلمة حين يأخذ الموت أسراً وعائلات بأكملها، ولن ننسى استهداف العدوان الغاشم صالة في منطقة الصياح التي كانت مليئة بالنساء اللاتي حضرن مراسم عزاء فصرن في غمضة عين جثثاً هامدة أمام مرأى ومسمع العالم.
وفي منتصف ديسمبر من العام 2017م، حالت غارات العدوان دون إكمال زفاف عروس يمنية إلى عش الزوجية، في منطقة هيسان في محافظة مارب، حيث استهدفت 3 غارات جوية مجموعة من النسوة كنّ يشاركن في نقل العروس إلى بيت زوجها، قبل مقتل 11 منهن في الغارات، وإصابة أخريات، في منطقة خالية من أي عمليّات حربية.
وفي 3 يوليو من 2018م استهدفت طائرات العدوان السعودي الإماراتي عرسا بمنطقة غافرة في صعدة راح ضحيته 22 ما بين شهيد وجريح لتتحول المناسبة إلى عزاء والفرحة إلى حزن واختلطت دماء الأطفال بدماء أمهاتهم.
وفي 25 إبريل 2018م استهداف طيران العدوان حفل زفاف في منطقة الرّاقة، مديرية بني قيس، محافظة حجة، الذي تحول إلى مجلس عزاء ومأتم جماعي مثخن بالجراح والإعاقات والذكريات الأليمة، حيث أسفرت الغارة عن مقتل وجرح قرابة 88 ، بينهم 30 طفلاً حضروا بصحبة آبائهم ابتهاجا وفرحاً بمناسبة الزفاف.
جرائم مجالس العزاء
لم يكتف العدوان باستهدافه صالات الأعراس، بل واصل جرائمه بحق الشعب اليمني بغارات الخزي والعار على مجالس العزاء، ففي 21 سبتمبر 2016م استهدف العدوان مجلساً للعزاء في حي سوق الهنود بالحديدة راح ضحيته أكثر من 100 شخص بين شهيد وجريح، وفي 15 فبراير 2017م شن طيران العدوان غارة على تجمع نساء في مناسبة عزاء بقرية شراع بمديرية أرحب شمالي العاصمة صنعاء راح ضحيتها 17 امرأة بين قتيل وجريح.
وفي بداية العام الحالي ارتكب العـدوان مجزرة جديدة باستهداف صالة أفراح في مديرية الحوك بمحافظة الحديدة واستشهد وأصيب أكثر من عشرة مدنيين، وذلك تجديد لعهدهم الشيطاني بمزيد من المذابح والجرائم بحق النساء والأطفال، ورغم تلك الوحشية والقتل ممنهج والإبادة الجماعية من قبل العدوان إلاً أنها لم تثنِ اليمنيين عن إقامة أفراحهم التي لم تتوقف أصلاً خلال العـدوان، على امتداد المحافظات.
صمت دولي
وبالرغم من الصمت الدولي عن تلك الجرائم من قِبَل الأمم المتحدة وخصوصاً مجلس الأمن الدولي، إلا أنّ بعض المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية -كمنظمة هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة أوكسفام، ومنظمة أفاز- قامت بإصدار تقارير صريحة تضمّنت رصد وتوثيق وإدانة بعض تلك الجرائم التي ارتكبها تحالف العـدوان بحق الشعب اليمني، وحَمَّلت تلك المنظمات المجتمع الدولي مسؤولية تلك الجرائم، وطالبت بضرورة محاكمة مرتكبيها، وسرعة وقف الحرب العدوانية ضد اليمن، ورفع الحصار.
وأعلنت تلك المنظمات الدولية أنّ اليمن يُعتبر بلداً منكوباً جرّاء جرائم العـدوان، كما أنّ تلك الإدانات الصادرة عن المنظمات الدولية تعتبر طبقاً للمواثيق والاتفاقات الدولية والقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة بمثابة تقارير دولية لها حجيتها في الإثبات الجنائي الدولي، ويعتمد عليها في اتخاذ القرارات الدولية من قبل مجلس الأمن وغيره من أجهزة الأمم المتحدة.