اقتحام قصر معاشيق الرئاسي
اقتحم محتجون، مدنيون وعسكريون، أمس الثلاثاء، قصر معاشيق الرئاسي، مقر حكومة المرتزقة في عدن. وجاءت المظاهرات بدعوى المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية، وكذلك احتجاجًا على تدهور العملة اليمنية.
لكن اللافت للنظر أن عددًا من المتظاهرين كانوا يحملون شعارات ولافتات ميليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا، كما أنهم طالبوا برحيل تحالف العدوان الذي تقوده المملكة العربية السعودية. وهو ما حدا بعدد من المحللين والمراقبين إلى اعتبار أن ما حدث رسالة تحد من المجلس الانفصالي لحكومة المرتزقة، وهو ما قد يهدد بانهيار اتفاق الرياض.
ورفع المتظاهرون عددًا من المطالب التعجيزية كذلك، منها تسوية مستحقات العسكريين منذ 8 سنوات، إضافة إلى إعادة المتقاعدين إلى العمل، وإلغاء الزيادات المفروضة على النفط.
ووفق المصادر، فقد تمكن جموع المتظاهرين من اقتحام كل الحواجز الأمنية في طريق قصر معاشيق، كما وصلت إلى أعلى التلة التي فيها القصر. كما يشار إلى أن رئيس حكومة المرتزقة، المرتزق معين عبد الملك، ومعه 3 من الوزراء كانوا متواجدين في القصر أثناء عملية الاقتحام وقبل فرارهم.
ومن اللافت للنظر أن المتظاهرين لم ينسحبوا إلا بعد وصول قادة سياسيين وعسكريين من المجلس المدعوم إماراتيًا، وعلى رأسهم وزير الخدمة في حكومة المرتزقة، عبد الناصر الوالي، إضافة إلى القادة العسكريين في قوات الحزم الأمني، ومطهر الشعيبي، مدير شرطة عدن.
ولاحقًا، أكدت مسؤولون يمنيون أن أحداث عدن كانت هجومًا وتمردًا مسلحًا كامل الأركان، وأنه لا علاقة له بالاحتجاج السلمي، مع الإقرار بوجود قصور في الخدمات والأوضاع المعيشية.
محاولات مستمرة لطرد حكومة الإرتزاق
يشار إلى أنه قد تم استقبال حكومة المرتزقة عند وصولها في 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بهجوم انتحاري أودى بحياة أكثر من 28 قتيلًا و 100 جريح، وتفيد مصادر مسؤولة أنه قد أعقب ذلك عشرات المحاولات لاستهداف مقر حكومة المرتزقة بطائرات مسيرة أو بإطلاق النيران، وهو ما اعتُبر سعيًا من بعض الأطراف لإجبار حكومة المرتزقة على مغادرة عدن.
وفي هذا السياق، أعلن محمد قيزان، نائب وزير الإعلام أن حكومة المرتزقة لن تغادر عدن، تحت أي ظرف من الظروف.
وفيما يتعلق بالخرق الأمني الذي سمح للمتظاهرين في تجاوز الحواجز الأمنية، لفتت مصادر مطلعة إلى أن كافة البوابات والحواجز الأمنية تخضع لحراسة قوات تابعة للمجلس الانتقالي، وهو ما حدا بمسؤولين يمنيين إلى اعتبار أن الهدف مما حدث أمس في عدن هو عرقلة اتفاق الرياض ومنع دخول قوات الحماية الرئاسية من أبين إلى عدن.
وإثر ذلك، جاء اتهام محمد قيزان وعدد من النشطاء لميليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي بتوجيه الاحتجاجات لاقتحام القصر، وهو ما يهدد اتفاق الرياض ويضعه على المحك. كما اعتبر قيزان أن اقتحام مقر حكومة المرتزقة، أمس الثلاثاء، يؤكد نية الإمارات ورغبتها في إفشال جهود المملكة العربية السعودية.
وما حدث ليس جديدًا على المجلس الانتقالي الانفصالي، فقد سبق له أن اقتحم قصر معاشيق الرئاسي في أغسطس/ آب عام 2019، وهو ما آل في النهاية إلى مغادرة حكومة المرتزقة لعدن، ومن ثم أعقب ذلك توقيع اتفاق الرياض.
الانفصاليون يدعمون عملية الاقتحام علنًا
وفي ما بدا أنه إقرار ضمني بدعم المجلس الانتقالي لاقتحام مقر حكومة المرتزقة، قال رئيس الجمعية الوطنية في المجلس، أحمد سعيد بن بريك، عبر حسابه الشخصي الموثق على موقع تويتر، إن “إرادة شعب الجنوب دوما منتصرة”.
والأكثر من ذلك أن المجلس هدد -عبر بريك- بإصدار البيان رقم 1 وقلب الطاولة، في إشارة إلى نقض اتفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية بين الانفصاليين وحكومة المرتزقة برئاسة الفار هادي منصور.
وقال القيادي البارز في تغريدة على موقع تويتر: “الخطة (ج) أبين ولحج اليوم وغداً سنقلب الطاولة ولا مجال للمراوغة والبيان رقم (1) من ساحة التحرير بخور مكسر سيكون بعد فترة وجيزة”. مضيفًا أن “شعب الجنوب ملتف حول قيادته في المجلس الانتقالي”. هذا بالإضافة إلى تلميحات قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتيًا إلى ما نعتتها بـ ” ثورة ستقتلع الكل” في المدن الجنوبية.
إضافة إلى ذلك، تصريحات سالم ثابت العولقي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، كانت هي الأخرى ذات دلالات، حيث غرد عقب الاقتحام أمس أن “الشعب والجيش والأمن صف واحد ويجمعهم رغيف الخبز”، في إشارة إلى أن توطؤًا قد حدث من قبل الحراسات الأمنية لاقتحام القصر.
وأضاف العولقي في تغريدة على حسابه في تويتر، أن ” سياسات التجويع وحرب الخدمات وقطع الرواتب لن تنجح في تطويع أبناء الجنوب وتركيعهم، بل ستكون وبالاً على من يستخدم هذه السياسات”.
وفي تأييد واضح لما حدث من اقتحام للقصر، تجاهل العولقي جريمة اقتحام القصر، وعقب قائلًا: “مشهد القمع في سيئون اليوم يذكر الجنوبيين بجرائم القوات الشمالية بعد إنطلاق الحراك الجنوبي في2007م”، ثم استطرد متهمًا جماعة الإخوان المسلمين بأنها تعمل على “فرض هذا المشهد في الجنوب بسلاح التحالف”.
واللافت للنظر أن قياديي المجلس الانتقالي يدعمون التظاهرات والاحتجاجات المطالبة بإسقاط حكومة المرتزقة بشكل علني بالرغم من أن المجلس ذاته ممثل في الحكومة بـ 5 وزراء، وهو ما يشير إلى أن المجلس له مآرب أخرى.
أصابع إمارات الشر تعبث في مستقبل اليمنيين
باختصار، لا يزال قياديو الانتقالي يتحدثون بنفَس انفصالي فيما يتعلق بشعب الجنوب، رغم أنه من المفترض أن اتفاق الرياض قد أنهى هذا الأمر بتشكيل حكومة وحدة وطنية بين الشمال والجنوب برئاسة المرتزق معين عبد الملك.
ولا تزال إمارات الشر وأذرعها يعبثون بحياة الشعب اليمني ومستقبله، دون نظر إلى الحال المأساوي الذي وصل إليه اليمنيون جراء حرب كانت إمارات الشر -ولا زالت- من أهم مُسَعّريها.