مثلما كانت محافظة البيضاء الذي تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية من تطهيرها العام الماضي، بمثابة المعقل الرئيسي للتنظيمات التكفيرية وعلى رأسها تنظيم القاعدة، مثلت محافظة مأرب الشريان الرئيسي لتنظيم القاعدة في اليمن، بحكم قربها من منابع النفط.
ولم يعد خافياً على أحد مدى تماهي التنظيمات التكفيرية مع تحالف العدوان الأمريكي السعودي وانخراطه في المعارك ضد الجيش واللجان الشعبية سواء في شمال اليمن او في جنوبه وفقا لما كشفته قناة الـ بي بي سي البريطانية في تحقيق تلفزيوني اجرته من محافظة تعز قبل عدة سنوات، ما يكشف أن المعركة في اليمن عموما ومأرب خصوصا هي مع الجماعات التكفيرية التي تعمل لصالح العدوان.
ومؤخراً أصدر جهاز الأمن والمخابرات تقريراً مفصلا عن التنظيم التكفيري في مأرب أستهله بنبذه تاريخية عن تأسيس التنظيم إبان الحرب في افغانستان وذلك للتأكيد على متانة العلاقة التي تربط القاعدة بالولايات المتحدة الأمريكية وكذا بحزب الإصلاح الذي يسيطر على محافظة مأرب بدعم من النظام السعودي الذي يقود تحالفاً دولياً ضد اليمن واليمنيين.
ويؤكد التقرير أن الولايات المتحدة أسست التنظيم التكفيري كونه لن يكلفها الكثير في مواجهة الاتحاد السوفيتي انذاك واستخدمت الفتاوى الوهابية من اجل محاربة ما اسمته بالمد الشيوعي في اسيا الوسطى.
وظلت أمريكا تستخدم التنظيم والفتوى الوهابية حتى اليوم لضرب الدول والشعوب التي تواجهها بصورة غير مباشرة، ومنها اليمن.
القاعدة في احضان التحالف
وتواجد القاعدة في محافظة مأرب ليس جديد، بل هو قديم وينخرط فيه عدد كبير من اقرباء قيادات حزب الاصلاح والجماعات السلفية، وضمن تلك الأسماء شقيق محافظ مأرب وهو أحد المنسقين للقاعدة.
ويصطف تنظيم القاعدة، في القتال ضد الجيش واللجان الشعبية في اليمن منذ إعلان الحرب على البلد قبل ست سنوات، لكن الآلة الإعلامية لتحالف العدوان ظلت تقدمهم بصورة الجيش التابع للشرعية المزعومة في الوقت الذي تمنحهم قيادة العدوان مناصب رسمية في مناطق سيطرتها وتسخر لهم المال والسلاح من أجل تحقيق ما عجزت عنه الطائرات.
وقد سبق الكشف عن وجود أجهزة ومعدات يملكها تنظيم “القاعدة” في البيضاء تظهر ارتباطه بأجهزة مخابرات أجنبية، ما دفع الأمريكيين والبريطانيين الى التعبير عن انزعاجهم بعد تمكن الجيش والأمن اليمنيين من القضاء على وجود تنظيم “القاعدة” في محافظة البيضاء وقيامه بنفس المهمة في مأرب.
ولم تأتي عملية مأرب الا بعد تمكن أجهزة المخابرات اليمنية من تفكيك عدد من الخلايا التجسسية ومنها الخلية المرتبطة بالمخابرات البريطانية والتي جرى احالتها مؤخرا للقضاء اليمني.
كما ظهر المدعو أبو الحسن المصري (السليماني) القيادي في تنظيم القاعدة في مأرب وهو يعلن في فبراير الماضي انضمامه العلني إلى التحالف الامريكي السعودي الإماراتي في الحرب على من اسماهم الحوثيين، في جبهة مأرب.
وأسس المصري في مأرب مدرسة لتقديم التعاليم المتطرفة، حيث يؤكد موقع بي بي سي العربي في تقرير نشر في ديسمبر 2009م أن هذه المدرسة تواصل تلقين مبادئ “الاصولية السلفية لليمنيين والمتطرفين الاجانب”.
وكان القيادي في التنظيم، ابو الحسن الماربي، عرض في مارس من العام الماضي خطة على التحالف لمواجهة من وصفهم بالحوثيين..
ويقول زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة، خالد باطرفي، في فيديو اطلع معد التحقيق عليه، إن “كل من يشارك في الجبهات يعلم يقينا بمشاركتنا، إما بالقتال الحقيقي مع إخواننا المسلمين في اليمن، أو بالدعم بما نستطيع في الجبهات”، بينما يقول أحد جنود التنظيم ويدعى أبو عبدالله، في مقطع مصور آخر، إنه ذهب لأول مرة للقتال مع ما تسمى بالشرعية بعد أن قيل له إنه ذاهب لقتال أنصار الله في جبهة تتبع القاعدة في مارب،
ويضيف: “بعد وصولنا مارب أقمنا في مأوى أبو جهم، في الروضة، وجاء أبو فواز الماربي (القائد العسكري للتنظيم في مارب)، وقال سنذهب جبهة صرواح، أخبرتهم أنني سأذهب معهم ظنا مني أن هناك جبهة للتنظيم، لكنني تفاجأت بمرورنا في نقاط عسكرية وكلما أوقفونا يخبرهم أنه أبو فواز الماربي، فيحيونه ويرحبون به، وهكذا في كل النقاط حتى وصلنا المعسكر، فتواصل بقائد المعسكر للحصول على وقود للسيارة، وبعدها واصلنا المسير نحو الجبهة”.
ويردف أبو عبد الله: “عند وصولنا التقى أبو فواز بقيادات عسكرية، فسألت أبو بكر التعزي، وهو أحد جنود التنظيم، عن جبهة التنظيم، فقال ليس لنا جبهة في صرواح ولكن متى ما طلبوا منا واحتاجوا لمشاركتنا نأتي، وفي الطريق يخبرنا أبو فواز أن الشرعية معهم هجمة قريبة ويريدون جنودا من التنظيم وبعد أيام وقعت الهجمة وشارك فيها بعض أفراد التنظيم”.
اهمية مأرب للقاعدة
وفي 2020م شكل التنظيم ما سمي بلجنة الحشد للمقاومين في جبهتي مارب والجوف برئاسة “العميد علي المحمدي (قيادي سابق في الفرقة الأولى مدرع) والعميد حسين عمران (قائد اللواء 190 طيران ودفاع جوي في المكلا سابقاً، والذي سلم معسكره في المكلا لعناصر تنظيم القاعدة)، وتتولى هذه اللجنة مهمة إيصال الدعم لمعسكرات القاعدة وحشد خريجي هذه المعسكرات ونقلها إلى عدد من جبهات مارب والبيضاء والجوف وتعز.
اما التقرير الصادر عن جهاز المخابرات فشير الى أهمية محافظة مأرب بالنسبة للتنظيمات التكفيرية، حيث كانت تمثل الشريان الرئيسي لتنظيم القاعدة ومصدر تمويل لعناصرها في باقي المحافظات ومنها محافظة البيضاء وخصوصاً منطقة قيفة حيث ظلت محافظة مأرب توفر ما تحتاجه عناصر القاعدة في البيضاء من مواد غذائية ومشتقات نفطية وسلاح وغيرها، لتصبح بعد ذلك مأوى رئيسي لقيادات القاعدة وعناصرها بعد فرارهم من البيضاء عقب تطهيرها من قبل الجيش واللجان الشعبية وهو ما جرى كذلك مع تنظيم القاعدة في الجوف.
وبمعية تحالف العدوان الأمريكي السعودي، قامت قيادة التنظيم فيما تسمى ولاية مأرب بإنشاء مآوى آمنة في محافظة شبوة، ومنها مأوى طبي وكذا مآوى استقبال لعوائل عناصر القاعدة، فيما جرى نقل عناصرها وتوزيعهم على جبهات القتال في مأرب.
وحصل جهاز الامن والمخابرات على معلومات تفيد بأن قيادة التنظيم في محافظة مأرب ستقوم باستخدام عناصرها المنتمين لبعض قبائل مأرب للقتال تحت قيادة قوات المرتزقة “ما تسمى قوات الشرعية” كما حصل في جبهة جبل مراد حيث قاموا بالإسناد المدفعي وصنع العبوات وزراعة الألغام وتشريك المواقع بالعبوات، لافتاً الى أن مجموعة من تلك العناصر بقيادة القيادي في القاعدة/ منصر مبخوت هادي الفقير المرادي وكنيته “الزبير المرادي” متواجدون في منطقة الجوبة مؤخرة جبهة جبل مراد.
كما قامت قيادة تنظيم القاعدة بتجميع عناصرها الفارة من محافظة الجوف في منطقة الخسف (آل مروان) وتم نقلها إلى منطقة الرويك وبعد ذلك انتقلت إلى مناطق الصحراء بالقرب من حقل ريدان وتم تكليفها للقتال مع قوات المرتزقة “لفتح جبهة في منطقة العلم حيث تم تكليف القيادي في القاعدة جلال أحمد سعد السبيعي المكنى “حاشد الدب” من أجل ترتيب صفوف قيادة وعناصر تنظيم القاعدة في ما يسمى ولاية الجوف مع القيادي مانع بن عبدالله هضبان المكنى “أبو عرفج”، وتسعى قيادة عناصر القاعدة إلى ربط عناصرها في جبهة جبل مراد بعناصرها في جبهة العلم..
وقال التقرير “تمتلك “ولاية مارب” عددا من المعسكرات وتتنوع بين معسكرات دعوية فقط، أو عسكرية ودعوية إذا كانت في مكان يعد حاضنة شعبية للتنظيم مثل قرية الخثلة الفقراء، مضيفا أن “معسكر شعب علي” يتواجد في جبهة جبل مراد ويقوم هذا المعسكر باستقبال عناصر “القاعدة” التي ستقاتل مع قوات المرتزقة في جبهتي العبدية وجبل مراد”.
ولفت إلى أن معسكر منطقة حريب” يستخدمه التنظيم لإقامة الدورات الدعوية لعناصر “القاعدة”، مشيرا إلى أن “القاعدة” تمتلك 5 مخازن أسلحة في مناطق: الخثلة الفقراء، مزرعة القيادي رائد بن معيلي بمنطقة العرق، منزل القيادي “معاذ الصنعاني” في الحدد، منزل “خالد العرادة” في كرا، ومنزل القيادي “أبو عمار الجهمي”.
وأوضح جهاز الأمن والمخابرات أنه يوجد في نفس منطقة مخزن “خالد العرادة” في منطقة كرا مخازن للأسلحة تحت نظر محافظ مارب المعين من قبل سلطات المرتزقة “سلطان العرادة” وابنه عبدالله، مؤكداً أن “القاعدة” تمتلك مزرعتين في “ولاية مارب” في منطقتي الخشعة -وتسكن فيها بعض الشخصيات من القاعدة-، وفي منطقة العرق وهي وكر لعناصر التنظيم، قائلا إن عناصر القاعدة في “ولاية مارب” تتردد على فنادق: النخيل، رويال، الشرق الأوسط، الصفوة، والدوحة.
العبرة في الخاتمة
ومن خلال المعارك الدائرة في مأرب بين الجيش واللجان الشعبية وتحالف العدوان ومرتزقة يتضح اعتماد المرتزقة في جبهتي العبدية وماهلية على العناصر التكفيرية من تنظيم القاعدة.
وما كشفته ال بي بي سي في 2016م من أدلة تفيد بأن قوات من التحالف الذي تقوده السعودية باليمن قاتلت خلال إحدى المعارك الكبرى على نفس الجبهة مع مسلحين موالين لتنظيم القاعدة ها هو اليوم يتكرر ليكشف عن نوايا التحالف في جعل اليمن ملاذا للمرتزقة والتنظيمات الارهابية، خاصة وان السفير السعودي محمد آل الجابر سبق وان لوح الى نقل إرهابيين من سوريا الى اليمن ولكن هذا ما يسعى أبطال الجيش واللجان الى افشالة.