ما حقيقة توجه حكومة الفار هادي نحو إعلان إقليم حضرموت وتسليم قيادته للمليشيات الإخوانية .. ؟ وهل ستنجح تهديدات انتقالي الإمارات بإعلان الدولة الجنوبية في حضرموت وغيرها وفرض سلطة الأمر الواقع في منع هادي والإخوان ونظام سلمان عن إتخاذ القرار ..؟
هل أصبحت محافظات جنوب الوطن المحتلة بؤرة تنافس وصراع روسي أمريكي جديد ..؟ هذه وغيرها من الأسئلة نحاول الإجابة عليها في سياق التقرير التالي:
عقب إصدار حكومة الفار هادي عدد من القرارات التي وجد فيها إنتقالي الإمارات إنقلابا على ما يسمى باتفاق الرياض.. وصل وفد الانتقالي إلى عاصمة الدب الروسي موسكو في زيارة كان واضحا بالنظر إلى توقيتها الزمني أنها زيارة هادفة إلى الحصول على دعم الحليف الدولي القديم ..
نتائج الزيارة
رغم عدم وضوح الرؤية حول حقيقة المكاسب التي حققها انتقالي الإمارات من وراء زيارته للكرملن الروسي ورغم إعلان المرتزق عيدروس الزبيدي رئيس المجلس عقب زيارته لروسيا عن استعداده للتطبيع مع الكيان الصهيوني .. لم يكن إعلانه ذاك كافيا للفوز برضى الصهاينة والأمريكان وكذا رضى الأنظمة العميلة والتابعة لهم وفي مقدمتها نظام آل سعود ولم تنطل خدعة المراوغة السياسية التي لجأ إليها الزبيدي في تبرير زيارته إلى روسيا وتحقيق هدف إقناع دوائر الاستعمار الغربية أن مجلسه لا يزال حليفا لها ..
بل وجد الأمريكي والبريطاني في زيارة وفد الزبيدي لروسيا تهديدا مباشرا لمصالحهم ومصالح الكيان الصهيوني في المنطقة فكان قرار إرسال قوات بريطانية وأمريكية إلى المهرة هو الرد الأول على تحركات إنتقالي الإمارات.
إجراءات واشنطن
لم تتوقف إجراءات واشنطن وتل أبيب ولندن عند ذلك الحد وفي إطار الاستمرار في العمل على حماية المصالح وتنفيذ المشاريع والأجندات الاستعمارية في المنطقة العربية ككل وبشكل خاص في وطننا اليمني وكذا قطع الطريق أمام تحركات إنتقالي الإمارات الهادفة إلى فرض أجنداته السياسية ونفوذه على الأرض لا سيما بعد زيارة تقاربه مع الروس الساعين في الوقت ذاته إلى الحصول على موطئ قدم ونفوذ مباشر وقوي لهم في المنطقة..
أوعزت واشنطن وتل أبيب إلى حليفهما الاستراتيجي المتمثل في نظام آل سعود إلى الاستمرار في إدارته للمحافظات المحتلة بسياسة حافة الهاوية والحرص على إطالة أمد الصراع والتناحر بين أدوات العمالة والارتزاق الداخلية في تلك المحافظات وعلى رأسها مليشيات الإخوان وإنتقالي الزبيدي المدعوم إماراتيا.
تسريبات إعلامية
وخلال الأيام القليلة الماضية شهدت الكثير من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تسريبات إعلامية تداولها ناشطو مليشيات الإخوان على نطاق واسع حول اعتزام حكومة الفار عبد ربه منصور هادي، الإعلان عما يسمى “إقليم حضرموت” خدمة للحلم والمشروع السعودي الهادف إلى تقسيم اليمن إلى ثلاثة أقاليم .
وفي هذا السياق ذكرت مصادر خاصة في عدن أن إنتقالي الإمارات وفي إطار رده على تسريبات حكومة هادي ومليشيات الإخوان قد أبلغ التحالف والمبعوث الأممي أنه سيعلن قيام الدولة الجنوبية وفرض سلطة الأمر الواقع في حال إعلان حكومة الفار هادي عن إقليم حضرموت.
مصالح مشتركة
إعلان إقليم حضرموت هو الحلم والمشروع السعودي القديم الجديد المتمثل في حلم الفصل والسيطرة والاستحواذ على الإقليم الشرقي لليمن ” حضرموت , شبوة , المهرة” .
غير أن تطورات الوقائع والأحداث التي تشهدها تلك المحافظات والمحافظات الجنوبية المحتلة بشكل عام قد جعلت مصالح أدوات العمالة والإرتزاق المتمثلة في مليشيات حزب الإصلاح ومصالح عدد من تجار حضرموت وكذا مطامع وأهداف نظام الاحتلال السعودي تلتقي هذه المرة في تحقيق حلم الإعلان لإقليم حضرموت كوطن بديل لاستمرار فرض الوصاية السعودية والاستئثار والنهب للثروات لا سيما بعد نجاح ثورة صنعاء في التحرر والخروج من تحت عباءة الوصاية السعودية في ال 21 من سبتمبر من العام 2014م.
كواليس غامضة
وفي سبيل العمل على تحقيق الحلم والمشروع السعودي القديم الجديد جمعت الرياض عشية توقيع ما سمي باتفاق الرياض في الخامس من نوفمبر 2019م ، محافظي شبوة والمهرة وحضرموت في اجتماع خاص رتب من قبلها ، وأعلنت إعادة إحياء مشروع الإقليم الشرقي المسمى حالياً بإقليم حضرموت ، حينها وافق محافظا حضرموت فرج البحسني ومحافظ شبوة بن عديو المحسوبين على الإصلاح واتخذ محافظ المهرة راجح باكريت موقفا مناهضا مطالباً بإقليم المهرة وسقطرى ، ربما كان موقف باكريت هو الموقف الوحيد طيلة تعيينه محافظا للمهرة الذي أغضب نظام الرياض.
ربما كان موقف باكريت إنفعاليا ولم يكن لديه علم مسبق أن الاجتماع مرتب وأن أي معارضة للتوجه السعودي في المحافظات الشرقية سيكون محسوب على صاحبه ، ولذلك فقد تم الإطاحة براجح باكريت الذي قدم المهرة على صحن من ذهب لنظام الاحتلال السعودي ولم تشفع له عشرات المواقف التي اتخذها لصالح الرياض .
لم يقتصر عقاب نظام الاحتلال السعودي لباكريت على الإطاحة به من منصب محافظ المحافظة بل منعه ذلك النظام من العودة إلى المهرة واحتجزه في المطار ووجه الديوان الملكي سفارته في الرياض بشراء شقة لباكريت وطلب أسرته للحضور إلى الرياض وأقر نفيه إلى القاهرة مع راتب شهري متواصل ،
وجاء العقاب الذي تعرض له باكريت على خلفية موقفه الانفعالي من التحركات السعودية نحو إعادة الإقليم الشرقي ، وهو نفس العقاب الذي تلوح الرياض بإنزاله على كل الموالين لها من مسؤولي حكومة الفار هادي الذين سوف يعبرون عن رفضهم أو تحفظهم عن إعلان إقليم حضرموت أي الإقليم الشرقي سابقاً التي حاولت الرياض أن تلحقه بأراضيها مطلع ستينيات القرن الماضي .
سياسة شراء المواقف
التحركات الجديدة للرياض نحو تحقيق أطماعها السابقة في شرق اليمن جاءت هذه المرة من خلال قيامها بشراء مواقف العشرات من مشائخ المهرة وحضرموت بعشرات الملايين ، ولعل قيام طائرة خاصة سعودية بنقل آخر أنجال سلاطين المهرة سابقاً عبدالله بن عيسى آل عفرار من سقطرى إلى المهرة قبل أيام يعد أحد أبرز المؤشرات الخطيرة لمدى الاختراق الذي حققه المال السعودي في استمالة موقف بن عفرار الذي عرف عنه معارضته الشديدة لانضمام المهرة وسقطرى إلى إقليم حضرموت ،
فبن عفرار تزعم معارضة شديدة لنظام الإقليم عبر رئاسته للمجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى خلال الفترة 2011م، 2018م ، إلا أنه انقلب كلياً على توجهه السابق وأصبح أحد أهم أيادي السعودية لإلحاق المهرة وسقطرى بحضرموت .
وعلى مدى الشهرين الماضيين تسارعت خطوات إعلان الإقليم ، وتم استدعاء محافظ شبوة محمد صالح بن عديو للرياض وتم وضعه أمام خيارين إما القبول بخيار إقليم حضرموت والبقاء في منصبه أو اختيار تنفيذ اتفاق الرياض القاضي بعزله من منصبه ، وبعد تحركات ولقاءات بين بن عديو ونائب الفار هادي الجنرال العجوز علي محسن دفع الأخير عددا من قيادات مليشياته العسكرية
إلى التحرك في أوساط قبائل وادي حضرموت لإقناعهم بأهمية المشروع ومقابل الأموال السعودية الطائلة التي دفعتها الرياض بالتنسيق مع أدواتها المرتزقة من قيادات الإصلاح وفي مقدمتها محسن فقد تم توقيع أكثر من طلب من زعماء قبائل الصحراء والوادي الذين يطالبون بسرعة إعلان إقليم حضرموت .
مبررات واهية
ورغم ما تداولته بعض المواقع الإعلامية من أخبار أفادت أن قيادة مملكة العدوان السعودية منعت الفار هادي من إصدار قرار يقضي بأعلان قيام إقليم حضرموت وإسناد قيادته للقيادي في حزب الإصلاح الإخواني المقيم في تركيا الشيخ صلاح باتيس الذي تربطه علاقات وطيدة بالمرتزق علي محسن الأحمر والمرتزق حميد الأحمر.
أشارت مصادر سياسية مطلعة إلى إن مشروع إقليم حضرموت والتوجه الأخير لإعلانه جاء بطلب وتمويل سعودي صرف ، وأن حكومة الفار هادي هي آخر من يعلم ، إضافة إلى أن مدير مكتب الفار هادي الحضرمي عبدالله العليمي وهو قيادي معروف في حزب الإصلاح قد أسهم بشكل كبير في تهيئة المجال لإعلان الإقليم ، وقالت المصادر أن إعلان الإقليم أصبح جاهزاً وينتظر الوقت المناسب لإعلان قرار إنشائه فقط.
وفي الوقت الذي تأتي فيه مبررات تنفيذ المشروع السعودي الاستعماري القديم في المحافظات الشرقية من قبل الفار هادي أن الطلب السعودي يأتي تنفيذاً لمشروع الدولة الاتحادية والبدء بتنفيذ الأقاليم على الأرض ، يأتي صراع أدوات العمالة والارتزاق المتمثلة في حزب الإصلاح الإخواني المدعوم سعوديا والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا الذي يحمل مشروع الانفصال كأحد مبررات إعلان إقليم حضرموت.
ومن خلال ذلك بات واضحاً أن أنظمة الغزو والاحتلال قد اتخذت قرار البدء في تنفيذ سياسة حافة الهاوية في سبيل تحقيق أهدافها ومطامعها الاستعمارية في حضرموت والمهرة وكافة محافظات جنوب الوطن المحتلة من خلال استثمار وإثارة الصراعات بين أدواتها المرتزقة في تلك المحافظات.
وعلى ما يبدو أن هناك اتفاق بين نظامي العدوان والاحتلال المتمثلين في نظامي آل سعود وآل نهيان يقضي بأن يكون إقليم عدن من نصيب الإمارات وأداتها في الداخل المتمثلة في إنتقالي الزبيدي إضافة إلى الضمانة والتأكيد السعودي لها أن مصالحها في ميناء عدن وباب المندب ستظل دون تغيير .
_____
صحيفة اليمن