تقترب المواجهات بين الجيش واللجان الشعبية» من جهة، وقوات الفار هادي من جهة أخرى، من الأحياء الغربية لمدينة مأرب، في ظلّ عجز التحالف السعودي – الإماراتي، إلى الآن، عن الانتقال من مربّع الدفاع إلى مربّع الهجوم.
يأتي ذلك لينبئ، إلى جانب معطيات أخرى، باتّجاه قوات صنعاء نحو حصد مكاسب إضافية، من شأنها تقصير المسافة أكثر فأكثر بينها وبين مركز المحافظة
وواصل الجيش واللجان الشعبية» تقدُّمهما في محيط مدينة مأرب، ليُضيّقا الخناق على قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، من أكثر من اتجاه.
فمن الاتجاه الغربي، تَقدّمت قوات الجيش واللجان خلال الساعات الـ48 الماضية في مسارَين؛ ومن الاتجاه الغربي الشمالي تَوغّلت إلى وسط سلسلة جبال البلق الأوسط والضفّتَين الجنوبية والجنوبية الشرقية لبحيرة سدّ مأرب، بالتوازي مع تقُّدم مماثل في سلسلة جبال البلق القبلي وفي الجانب الغربي للسدّ.
وكانت المواجهات، التي تراجعت ليومين، عادت واشتدّت مساء الخميس في جبهات محيط المدينة، لتعترف قوات هادي، التي تَلقّت مجدّداً تعزيزات كبيرة، بقوّتها، وبفشل الإسناد الجوّي من قِبَل التحالف السعودي – الإماراتي في صدّ هجمات الجيش واللجان، أو التأثير على مسار المعركة التي اقتربت من الأحياء الغربية للمدينة، ومن قاعدة «صحن الجن» العسكرية، بعدما فقدت قوات هادي مواقعها كافة في جبهة الكسارة، وانتقلت المعارك إلى أقصى وادي نخلا الواقع بالقرب من بوّابة مأرب الغربية.
وعلى رغم استمرار المواجهات في جبهات نخلا لأكثر من 17 ساعة حتى مساء الجمعة، تمكّنت قوات صنعاء من السيطرة على حمة الذئاب، ونقلت عملياتها إلى دش الحقن والدشوش مقابل الطلعة الحمراء.
وأكدت مصادر قبلية، لـ«الأخبار»، تمكُّن الجيش واللجان من السيطرة على مواقع استراتيجية في الجبهة الغربية، بعد سيطرتهما الأسبوع الماضي على عروق السحيل شمال منطقة العطيف الاستراتيجية، وتقدُّمهما نحو المناطق الجنوبية لمنطقة ملبودة، وإسقاطهما معظم سلسلة جبال الخشب شمال المدينة، فضلاً عن تقدُّمهما إلى ما بعد نقطة نخلا.
وأرجعت المصادر المواجهات العنيفة في جبهة نخلا إلى أن الجبهة سُلّمت إلى تيّارات سلفية متطرّفة وعناصر تنظيمَي «القاعدة» و«داعش» مطلع الشهر الجاري، لافتة إلى أن الجبهة نفسها تعرَّضت لسلسلة غارات صديقة أودت بحياة العشرات من العناصر المتطرّفة خلال الأسبوعين الماضيين، إضافة إلى تنفيذ طائرات أمريكية بدون طيار غارتين على عناصر وقيادات تابعة لـ«القاعدة»، آخرها أول من أمس.
وكشف جهاز الاستخبارات في صنعاء، في تقرير صادر عنه أمس، لأوّل مرّة، معلومات عن تنظيم القاعدة في مأرب ونشاطه وعناصره وهيكله التنظيمي لما يُسمّى «ولاية مأرب».
وأكد الجهاز تمكُّنه من رصد المآوي والبيوت والمزارع التي يستخدمها عناصر التنظيم والفنادق التي يرتادونها، وأيضاً مخازن السلاح والإمداد ومعسكرات التدريب والتأهيل التابعة لهم، وطرق التهريب التي يتنقّلون عبرها، وعلاقتهم بقوات هادي وميليشيات حزب «الإصلاح» (إخوان اليمن) ووجودهم ضمن جبهات القتال.
فشلت قوات هادي في تغيير تموضعها من الدفاع إلى الهجوم
وعلى رغم تلقّي قوات هادي تعزيزات كبيرة من مختلف المحافظات الجنوبية خلال الأيام الماضية، لم تستطِع تلك القوات، المسنودة من مختلف الفصائل الموالية لـ«التحالف» بما فيها تنظيما «داعش» و«القاعدة»، تغيير تموضعها من الدفاع إلى الهجوم. إذ إن الجيش واللجان، مسنودَين برجال القبائل، لا يزالان يُمسكان بزمام المبادرة، ويتحكّمان بمسار المواجهات.
وخلال الساعات الماضية، شنّا هجوماً من أكثر من محور على قوات هادي في جبهات مراد، وتمكّنا من السيطرة على مواقع عسكرية في مديرية الجوبة، ولا يزالان مُتقدّمَين في حيد آل أحمد الواقعة في جبال مراد.
وتزامن ذلك مع مواجهات عنيفة شارك فيها الطيران السعودي بعشرات الغارات في جبهات صرواح، حيث استطاعت قوات صنعاء إحكام السيطرة على ضفاف سدّ مأرب من أكثر من اتجاه، لتُصبح ضفاف السدّ الجنوبية والشمالية والشمالية الغربية تحت سيطرة الجيش و«اللجان»، فيما لم تتبقَّ سوى الأجزاء الواقعة في بوابة السدّ، وقنواته الرئيسة الواقعة في سدّ مأرب القديم.
وشاركت في مواجهات الساعات الماضية قوات محور همدان التي يقودها اللواء يحيى الرزامي، وهي من القوات التابعة لوزارة الدفاع في صنعاء، والمُدرَّبة تدريباً عالياً. وبعدما أشاعت وسائل الإعلام الموالية لـ«التحالف» نبأ مقتل الرزامي، ردّ الأخير بتصريح صحافي نقلته قناة «المسيرة» التابعة «لأنصار الله» من الصفوف الأمامية لجبهات مأرب، حيث أكّد عزم قيادة صنعاء على استكمال المعركة حتى تحرير كامل تراب المحافظة،
فيما جزم محافظ مأرب، المُعيَّن من قِبَل صنعاء، علي محمد طعيمان، أن «أبناء مأرب بمختلف مكوّناتهم وانتماءاتهم السياسية يقفون اليوم إلى جانب الجيش واللجان الشعبية»، مشيراً إلى أن «قوى العدوان الأميركي – السعودي سعت إلى تحويل مأرب إلى إمارة داعشية تكفيرية بجمع العناصر الإرهابية من مختلف المحافظات، وبعضهم من دول خارجية، وإنشاء العشرات من المعسكرات التي تحضّ على العنف ونشر الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار»، مُذكّراً بـ«نهب قوى العدوان وأدواتها لثروات وخيرات المحافظة»، مستدركاً بأن تلك القوى «باتت محصورة في مركز المحافظة»، الذي «سيتمّ تحريره عمّا قريب»، كما قال.
في غضون ذلك، وفي محاولة لتخفيف الضغط على جبهات محيط مأرب، صعّد حزب «الإصلاح»، المسيطِر على معظم مناطق محافظة تعز الخارجة عن سيطرة الجيش واللجان، المواجهات في جبهات المحافظة خلال اليومين الماضيين، لتدور اشتباكات عنيفة مع الجيش و«اللجان» في محورَين: الأوّل في الأطراف الغربية من مديرية جبل حبشي ومنطقتَي القوز والأشروح؛ والثاني في الجبهة الشمالية الشرقية للمدينة.
الاخبار اللبنانية