شددت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الخناق على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد الإفصاح عن تقرير الاستخبارات الأمريكية حول مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، وعلى الرغم من أن إدارة بايدن حاولت بعد ذلك امتصاص صدمة التقرير، عبر تطمين قيادة المملكة القلقة حول استمرار «التحالف الاستراتيجي»، إلّا أن الإدارة الأمربكية أبرزت هدفها بوضوح ألا وهو إعادة ضبط العلاقات المُصابة بحمّى ترامب، لاستقطاب ابن سلمان مذلولاً إلى دارها وحلب البقرة السعودية على طريقة بايدن وليس على طريقة ترامب.
التقرير السرّي، والذي لم يعد سرياً حمّل محمد بن سلمان، مسؤوليّة دم الصحافي «المعارض» وبعد نشر التقرير فتحت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الباب أمام تحوُّل سيطرأ على إدارة ملفّ العلاقات الخاضعة للتقييم مع المملكة، وأغلقت توازياً فصلاً كاملاً من فصول «الحلف الأعمى» الذي ساد إبّان عهد الإدارة السابقة.
وهي خطوةٌ أُريد منها، كما صار واضحاً، إذلال وريث العرش وإضعافه، لا معاقبته، لِما لذلك من أثمانٍ عالية لا تبتغي الولايات المتحدة تحمُّلها..
«توصّلنا إلى استنتاج مفاده بأنّ، محمد بن سلمان، أجاز عملية في اسطنبول، في تركيا، لاعتقال أو قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي». وضع تقرير الاستخبارات الوطنية الأمريكية هذه الخلاصة، على طاولة العالم أجمع، ليعيد نبش قضيّة ما فتئت تُحاصر وليّ عهد المملكة.
واتّهم تقييم الاستخبارات الأفراد التالية أسماؤهم بأنهم شاركوا أو أمروا أو تواطؤوا في مقتل خاشقجي نيابةً عن وليّ العهد: سعود القحطاني، ماهر المطرب، محمد الزهراني، منصور أباحسين، بدر العتيبة، عبد العزيز الهوساوي، وليد عبد الله الشهري، خالد العتيبة، ثائر الحربي، فهد شهاب البلوي، مشعل البستاني، تركي الشهري، مصطفى المدني، سيف سعد، أحمد زايد عسيري، عبد الله محمد الهويريني، ياسر خالد السالم، إبراهيم السالم، صلاح الطبيقي ومحمد العتيبة.
البورصة السعودية أول الضحايا
عقب صدور تقييم الاستخبارات بدأت ردود الأفعال السياسية بعضها رافض وبعضها مؤيد لهذا التقرير ولكن النتائج الاقتصادية سرعان ما بدأت آثارها على المملكة وهذا بالضبط ما كانت تريده إدارة بايدن للضغط على البقرة السعودية من أجل حلبها.
وكانت البورصة السعودية أولى ضحايا تقرير إدارة بايدن حيث تراجعت الأسهم السعودية بعد إصدار المخابرات الأمريكية التقرير الذي أكد أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية للقبض على الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي أو قتله في 2018.
وتراجع المؤشر الرئيس في السعودية 0.5 بالمئة، وهو أكبر تراجع منذ 18 فبراير، وخسر سهم مصرف الراجحي 1.8 بالمئة في حين نزل سهم الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) المنتجة للبتروكيماويات ثلاثة بالمئة.
ومن جهته قال خالد عبد المجيد من مكتب استشارات الاستثمار “سام كابيتال بارتنرز” في لندن “لا أظن أن المستثمرين اعتقدوا أن ثمة خطراً كبيراً من تدمير الولايات المتحدة للعلاقات مع السعودية باستهداف محمد بن سلمان.. المخاطر السياسية في المملكة عالية وكذلك التقييمات”.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على بعض المتورطين وفق التقرير، لكنها استثنت ولي العهد نفسه في مسعى للحفاظ على العلاقات مع المملكة.
وقال مسؤولون أمريكيون إنهم يبحثون إلغاء مبيعات أسلحة إلى المملكة إذا كانت مبعث قلق بالنسبة لحقوق الإنسان وربما تقتصر صفقات السلاح في المستقبل على الأسلحة “الدفاعية” فقط، بينما تعيد واشنطن تقييم علاقاتها مع السعودية ودورها في حرب اليمن.
الهدف الأصلي هو استمرار حلب البقرة
في الواقع الجميع بات يعلم أن أمريكا لا تريد أن تتضرر مصالحها ومصالح كيان العدو الإسرائيلي في الشرق الأوسط، ولذلك أصبح واضحاً أن قرارات بايدن تتسم بالجدية الكبيرة ولكنها في ذات الوقت شعارات رنانة لإيهام أن استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة قد تغيرت، وخاصة علاقاتها مع السعودية “البقرة الحلوب” للمال،
فإيقاف الدعم المباشر للسعودية في الحرب على اليمن يشكل ضربة للجيش السعودي الذي يعاني بالرغم من وجود الدعم الأمريكي، إلا أن هذا الدعم فعلياً لن يتوقف بل سيتحول إلى دعم غير مباشر، كيف ذلك؟
قال المتحدث باسم القيادة المركزيّة الأمريكيّة، بيل أوربان، إن عمليات الجيش الأمريكي في المنطقة ستعلق، بما فيها اليمن، إلا أنه في الوقت نفسه قال إن الولايات المتحدة تخطط لإقامة قواعد عسكريّة جديدة في السعودية وبالتحديد على البحر الأحمر، إضافة إلى مطارين عسكريين،
وزعم أنّ عملية تقييم الأماكن بدأت منذ عام، وجاءت نتيجة الهجمات التي تعرضت لها المنشآت النفطية السعودية في أيلول الماضي، مدعيّاً أنّ الخطة العسكرية الجديدة ليست استفزازيّة، لكنها تسمح بالحصول على منافذ مشروطة في حالة الطوارئ، على حد تعبيره.
من هنا يتبين للجميع أن هناك التفاف على تصريحات الرئيس الأمريكي أو يمكن القول هي استراتيجية قديمة جديدة لإدارة بايدن.
في السابق كان ترامب، يلعب من فوق الطاولة مع الجميع، مع الأعداء والحلفاء، الا أن الرئيس جو بايدن، ذكرنا بباراك أوباما، الذي كان يقول شيئاً من فوق الطاولة وينفذ عكس ذلك من تحتها، وهذا ليس غريباً لأحد فبايدن كان نائباً للرئيس آن ذلك.
ولذلك إيقاف الحرب في اليمن ومحاسبة ابن سلمان ليست من أولويات بايدن فأولويته كما سابقه ترامب، وهو استمرار حلب اموال السعودية وابن سلمان وضخ أمواله في السوق الأمريكية التي تتعرض لخسائر كبيرة أمام السوق الصينية.
الوقت التحليلي