خلال سنوات الحرب الطاحنة التي بدأت منذ عام 2015 في اليمن والتي أدخلت أكثر من 20 مليون يمني في دائرة الفقر والمجاعات، تكشّفت العديد من الانتهاكات والجرائم للدول المشاركة في الحرب، وأماطت تقارير دولية اللثام عن تورط أطراف إقليمية بانتهاكات جسيمة للقانون الدولي. الإمارات كانت من بين الدول السّباقة التي كان لها حظ وافر من الانتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم التعذيب، مستغلة عضويتها في تحالف العدوان الغاشم.
ويبدو أن المجتمع الدولي غير مهتم إطلاقاً بما يجري في اليمن من انتهاكات بحق المدنيين وغير المدنيين، هذه الانتهاكات التي تتكشف لنا يوماً بعد يوم والتي تشرف عليها وتقودها كل من الإمارات والسعودية تحت حجج واهية لا أساس لها من الصحة، فتارة يدمّرون البنى التحتية لليمن ويضعون شعبه على حافة المجاعة تحت حجة إعادة الشرعية القابعة في فنادق الرياض، وتارة يضعون كل من يقف في وجه طموحاتهم في السجون.
ولكن مسار الحرب في اليمن تغّير خلال الفترة الماضية لمصلحة أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية الذين تمكنوا من تحرير العديد من المديريات والمناطق التي كانت قابعة تحت سيطرة قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي وتمكنوا أيضا من شن العديد من الهجمات داخل العمق السعودي.
وفي هذا السياق، كشفت العديد من التقارير أن أبو ظبي قامت خلال الايام الماضية بإرسال عدد من مرتزقتها إلى محافظة مأرب لقلب الطاولة على الرياض وكسر الانتصارات التي يحققها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية في محافظة مأرب والاستفادة من التطورات الاخيرة.
وعلى هذا الصعيد، كشف الناشط اليمني البارز “حميد رزق” عن دور الإمارات في الاستفادة من التطورات التي تحدث في محافظة مأرب، حيث قال: إن “الإمارات تسعى لاستغلال الأزمة التي يواجهها حزب الإصلاح في مأرب لتوسيع نفوذها في هذه المحافظة”. وأضاف: “الجماعات المرسلة من الساحل الغربي، وكذلك بعض السلفيين الذي جاءوا من الجنوب، هدفهم ليس مساعدة حزب الإصلاح في مأرب وإنقاذه، بل محاولة استبدلها.”
وشدد “حميد رزق” بالقول: “سيكتشف الإخوان المسلمون اليمنيون بعد فوات الأوان أن معارضتهم لمخططات صنعاء كانت أكبر خطأ تاريخي لهم”. ولفت “رزق” إلى أن معظم المقاتلين التابعين لتحالف العدوان هم من مرتزقة المال الى جانب مقاتلين من حزب الإصلاح وبعض القبائل الممولة من قبل السعودية.
وأوضح “رزق”، أن الدور الإماراتي في مأرب أضعف من السعودية، مضيفاً بان احد أسباب ضعف قوى العدوان في مأرب هو بأن جبهة العدوان ليست جبهة موحدة مستبعداً إتحادها بسبب وجود أطراف مختلفة ومتنافسة فيما بينها.
وتابع “رزق”، أن هناك صراعا بين القوات الموالية للإمارات والسعودية في مأرب ناهيك عن وجود بعض القبائل التي تتحرك مقابل المال، حيث أدت هذه الصراعات الى عودة معظم أبناء مأرب الى صف الوطن، مضيفاً أن أبناء مأرب أدركوا بأنهم أمام ميليشيا جاءت لإحتلال محافظتهم وفرض حكم من أطراف ليسوا من أبناء مأرب.
وشدد “رزق” على أن أبناء مأرب باتوا مهمشين وفي كثير من الأحيان يتم ملاحقتهم وإدخالهم في السجون بتهم واهية.
ويرى العديد من المراقبين، أن التحركات الإماراتية الأخيرة في محافظة مأرب جاءت لإستغلال الوضع الحرج الذي تعيش فيه القوات السعودية وذلك من أجل إيجاد موضع قدم لها في هذه المحافظة الإستراتيجية الغنية بالموارد النفطية ولكن المراقبون يعتقدون أن أبوظبي لا تملك الامكانات العسكرية الكافية للوقوف في وجه أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية وأنها في نهاية المطاف سوف تُجبر على الفرار من هذه المحافظة وترك الساحة لقوات صنعاء التي سطرت خلال الايام الماضية الكثير من الانتصارات في ساحات المعركة. وحول الاهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها محافظة مأرب،
فهذه المحافظة تكتسب اهمية لعدة اعتبرت اولا هي قاعدة تجمع وانطلاق اخيرة للعدوان السعودي الامريكي ومرتزقته في المحافظات الشمالية، حزب الاصلاح والتكفيريين التابعين للحزب والإمارات من خلال معسكراتهم وغرف العمليات التابعة لهم ضلوا يتخذوا من مأرب قاعدة انطلاق وتحرك لوجيستي، الامر الذي كان يمكنهم من ادارة الجبهات في مناطق عدة وفي محاور عدة في الداخل اليمني.
وفي هذا السياق، أكد “محمد عبد السلام”، رئيس الوفد اليمني المفاوض، أن معركة مأرب هي معركة مفصلية مع العدوان السعودي – الامريكي وادواته وهي فاتحة لتحرير محافظات يمنية عدة وهي بمثابة تنظيف للمحافظات الشمالية من الاحتلال والمرتزقة. وقال “عبدالسلام”: “معركة مأرب ستفقد العدو واحدة من أهم ساحاته ومنطلقاته وهي بمثابة ضربة قاضية، ولذلك العدو مستميت في المواجهة بهذه المحافظة يحاول بكل ما أوتي بقوة أن يثبت اقدامه وأن يظل محتفظ بهذه المحافظة”.
واضاف: “إن معركة مأرب بكل تأكيد هي معركة مفصلية في مسار المعركة الشاملة والعامة بين اليمن وبين العدوان السعودي الامريكي وادواته وهي فاتحة لتحرير محافظات عدة وهي بمثابة تنظيف للمحافظات اليمنية الشمالية للاحتلال والمرتزقة والتابعين للاحتلال.”
وحول الاهمية الاستراتيجية التي تكتسبها تحرير مدينة مأرب قال رئيس الوفد اليمني المفاوض: “المعركة مفتوحة لتحرير محافظة مأرب والجبهات في محاور عديدة ومواجهات شبه متواصلة بين ابطال الجيش واللجان الشعبية وبين اتباع العدوان السعودي والامريكي، هناك تراجع ملحوظ في صفوف العدو، ولكن مأرب بما لها من أهمية استراتيجية هذه المحافظة النفطية يتم العمل على تحريرها بأقل الخسائر”.
الجدير بالذكر، أنه بعد عامين من غزو تحالف العدوان السعودي الإماراتي لليمن، كشفت الإمارات النقاب عن سياستها الحقيقية الخبيثة في حرب اليمن. ولقد اتهمت حكومة صنعاء، دولة الإمارات، قبل عدة أيام، بالـ”تغطية على نشاطات إسرائيلية” في جزيرة سقطرى جنوب شرق اليمن.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها “زكريا الشامي” وزير النقل في حكومة الانقاذ الوطني في صنعاء. وأكد “الشامي” على أهمية المحافظة على خط الأساس للجرف القاري للجمهورية اليمنية. وشدد على أن الجرف القاري لليمن تم ترسيمه وتحديده من قبل مختصين وفنيين دوليين تابعين للأمم المتحدة والمتمثل في المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية والجرف القاري بأميال محددة وفقا للقانون الدولي.
وفي الختام يمكن القول أنه على مدى العقد الماضي، وضعت دولة الإمارات السياسة الخارجية العدوانية على جدول أعمالها لتوسيع نفوذها في المنطقة والقرن الإفريقي. وتسعى دولة الإمارات إلى التسلل إلى المناطق الجنوبية والشرقية اليمنية من أجل التجارة مع أوروبا وتجاوز مضيق “هرمز”،
وكذلك المنافسة الاقتصادية مع السعودية ومنع موانئها التجارية من الانهيار من خلال استغلال موانئ عدن وحضرموت والمهرة. ومن الناحية الأيديولوجية والسياسية، تنظر دولة الإمارات العربية المتحدة لحزب الاصلاح اليمني ذو الميول الإخوانية والحراك الجنوبي الانفصالي كأداتين لتحقيق أهدافها ومصالحها الخبيثة في اليمن
ومن جهة أخرى تقوم أبو ظبي بالاستثمار طويل الأمد على الرئيس المستقيل “منصور هادي” وذلك لاستخدامه كلعبة على التراب السعودي، لتنظيم وتعزيز قوى المجلس الانتقالي في المحافظات الجنوبية اليمنية، وتحقيق توازن ضد منافسيها السعوديين ولهذا ينبغي على أبناء الشعب اليمني الذين لا يزالون مخدوعين بتحالف العدوان السعودي الإماراتي،
أن يدركوا جيدا بأن هذا التحالف الغاشم لم يأتي إلى اليمن من أجل اعادة تحسين الاوضاع المعيشية لأنباء الشعب اليمني وبناء الدول اليمنية الحديثة وإنما جاء من أجل احتلال الأماكن والمواقع الاستراتيجية ونهب الثروات النفطية والغازية الموجودة في العديد من المحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية ولهذا يجب على أنباء الشعب اليمني الوقوف في صف واحد لطرد قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي واستعادة كل الأراضي اليمنية التي لا تزال قابعة تحت سيطرة تلك القوات الغازية.