توفي صباح اليوم الإثنين المناضل اللبناني العربي أنيس النقاش، بعد إصابته بفيروس كورونا. وكان النقاش دخل العناية المشددة في أحد مستشفيات دمشق قبل أيام.
ونعت حركة فتح النقاش، وسيُنقل جثمانه غداً من دمشق ويوارى في ثرى مدينة بيروت.
النقاش باحث سياسي متخصص بالشؤون الإقليمية، ومنسّق شبكة الأمان للبحوث والدراسات الإستراتيجية.
من هو؟
أنيس محمد خير النقاش من مواليد بيروت 1951. وكان قد أولى اهتمامًا وثيقًا بالقضايا الوطنية والعرقية وتأثر بعمه “زكي النقاش” الذي كان معلما.
وتعلم في المدرسة التي كانت “مدرسة للعلوم وقاعدة للنضال” تعاليم الأهداف الإسلامية وشارك في الاضراب الشهير ضد العدو الصهيوني في مطار بيروت عام 1968.
خلال هذه الفترة انضم إلى التنظيم الطلابي لحركة فتح وقام بتدريب عسكري. ثم عيّن رئيساً للخلايا السرية التي أقيمت في القرى الحدودية اللبنانية الإسرائيلية وشارك في “الجبهة الفلسطينية” التي فتحت في منطقة العرقوب إبان حرب تشرين الأول 1973.
وكان النقاش رائدًا إعلاميًا في مجال المقاومة على مر السنين، وهو معروف بأنه من أنصار محور المقاومة وناقد قوي للأنظمة العربية الموالية للغرب.
الدور النضالي
ولد النقاش في بيروت عام 1951، وتعلم في مدرسة المقاصد الإسلامية في بيروت، شارك منذ صغره في حركات احتجاجية، حيث خرج في تظاهرة تضامنية مع المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد.
في عام 1964، انتسب سراً إلى حركة فتح وأسّس “خلية المقاصد”.
أضرب النقاش عن الطعام “احتجاجاً على تخاذل الدولة والعرب”، عندما دمَّرت قوة كوماندوس إسرائيلية الأسطول اللبناني في مطار بيروت عام 1969، وانتهى به الأمر في المستشفى. في العام نفسه، بدأ نشاطه العسكري، “بعد انتفاضة المخيمات بسبب قيام الشعبة الثانية بملاحقة الفدائيين”.
كان يواكب الاحتجاجات الطلابية نهاراً، والجهوزية العسكرية ليلاً، رغم قلَّة السلاح. وخلال حرب 1973 انتظم في المجموعات الأولى التي أطلقت الصواريخ على المستوطنات.
شارك النقاش في الكثير من العمليات الفدائية وروى قصصها، وأبرزها عمليّة فيينا، مع مجموعة وديع حداد في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي هدفت “لتأديب بعض الأنظمة على دعمها القوى اليمينية في لبنان، والحصول على دعم للثورة”، عبر طلب فدية قيمتها عشرة ملايين دولار.
عارض التورط في الحرب الأهلية التي أصيب في يوم انطلاقتها 13 نيسان/أبريل 1975. كتب إلى القيادة محذراً من كوارث الانخراط في هذه الحرب.
تأسيس بوادر المقاومة اللبنانية
عند الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1978، انتقل إلى الجنوب مشاركاً في التصدي للعدوان.
قرر ترك “فتح” وتأسيس فصيل لبناني، ولكن الفتحاويين ظلوا يعتبرونه واحداً منهم رغم انفصاله عن الحركة، وتأسيسه سريّتين لبنانيتين في كفرشوبا وبنت جبيل، أصبح أفرادهما جزءاً من قيادة المقاومة لاحقاً، مثل عماد مغنية.
كان له دور هام في التنسيق بين قيادة الثورة الفلسطينية وقيادة الثورة الإيرانية، ونسج علاقات واسعة مع كوادر الثورة الإيرانيّة، تدريباً وتعاوناً أمنياً وعسكرياً، ووجد ضالّته فيها.
دفاعاً عن الثورة، لم يتردد في الذهاب إلى باريس عام 1980، لاغتيال رئيس الوزراء الإيراني الأسبق شهبور بختيار، فيما نجا الأخير بأعجوبة.
حُكم بالمؤبد لكنه سُجن لمدة 10 سنوات في فرنسا بعد محاولة اغتيال بختيار في باريس، وهو آخر رئيس وزراء في عهد شاه إيران محمد رضا پهلوي، وأفرج عن النقاش عام 1990.
كان السجن مسرحاً لنضال من نوع آخر. إذ نفّذ ثلاثة إضرابات عن الطعام، دام آخرها 130 يوماً، احتجاجاً على عدم شموله بقرار عفو عام، رافضاً إفراجاً لا يشمل رفاقه.
أدرك وراء القضبان أنّه إما أن يقتل الوقت أو يقتله. إلى أن أفرج عنه في 27 تموز/يوليو 1990، بقرار عفو وقّعه فرانسوا ميتران.