أعلنت اليمن مؤخراُ عن بدء محاكمة جواسيس يعملون لصالح جهاز الاستخبارات البريطاني.
ويكشف النشاط التجسسي لعدد من ضباط جهاز الاستخبارات البريطاني وآخرين على أراضي الجمهورية اليمنية عن الدور البريطاني الخطير الذي تلعبه في اليمن، فهي لا تكتفي بتزويد السعودية والامارات بالأسلحة الفتاكة التي تستخدم لقتل اليمنيين بل تجند العملاء وتزودوهم بوسائل الاتصال والتواصل والأجهزة والبرامج والتطبيقات الفنية المتطورة من اجل الرصد والتعقب وتحديد المواقع وتأكيد ورفع المعلومات والإحداثيات.
وتؤكد خلية التجسس المكونة من 6 أفراد أن المخابرات البريطانية قامت بتدريبهم وأوكلت اليهم تنفيذ نشاطهم التجسسي والتخريبي في عدد من محافظات الجمهورية اليمنية منها أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء وعمران وصعدة والجوف ومأرب والمهرة وحضرموت.
ولم يكن الدور البريطاني في العدوان على اليمن خفياً فمنذ إعلان العدوان على اليمن في مارس 2015 شاركت بريطانيا في العمليات العسكرية والاستخباراتية حيث قامت بتزويد الرياض وابو ظبي بالاسلحة الفتاكة التي تسببت بمقتل الآلاف من الأطفال والنساء وتدمير البنية التحتية اليمنية، ولم تكتفي الحكومة البريطانية بتجاهل الدعوات المتكررة من قبل منظمات بريطانية واوربية ناشطة في مجال حقوق الانسان لوقف تصدير السلاح.
ونشرت صحيفة “ديلي إكسبرس” البريطانية تقريرا عن إصابة جنديين بريطانيين من كتائب SAS المصنفة من القوات الأخطر في العالم، وهما جزء من فريق مكون من اثني عشر عنصرا بريطانيا تم نشره في مهمة سرية للغاية في اليمن، ضمن مهمة مشتركة إلى جانب وحدة لفريق “القبعات الخضر” الأمريكيَّة.
وقال النائب في البرلمان البريطاني والوزير السابق للتنمية الدولية البريطانية، أندرو ميتشيل، إن مشاركة الجيش البريطاني في هذه الحرب تعتبر جزءا من “التواطؤ المخجل” لبريطانيا في هذه المعاناة.
ومؤخراً أعلنت الحكومة البريطانية عزمها على بيع المزيد من الأسلحة للمملكة السعودية، رغم الدعوات المتصاعدة المطالبة بوقف بيع الأسلحة .
ومنتصف العام الماضي، أعلنت بريطانيا، استئناف إصدار تراخيص تصدير الأسلحة إلى السعودية، بعد امتثالها عام 2019 لحكم قضائي يمنعها من بيعه للرياض، خوفا من استخدامه في حرب اليمن.
وفي 20 يونيو 2019، قضت محكمة بريطانية بأن الحكومة خالفت القانون بسماحها بتصدير أسلحة إلى السعودية، استخدمت في حرب اليمن، بعد أن قال نشطاء إن استخدام الأسلحة ينطوي على الأرجح على انتهاك لقانون حقوق الإنسان.
ونص الحكم، حينئذ، على أنه لا يتطلب من بريطانيا وقف تصدير الأسلحة فورا، لكنه يعني تعليق منح التراخيص الجديدة لتصدير السلاح إلى السعودية.
وتعد بريطانيا سادس أكبر مصدر للسلاح بعد الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا والصين، وفقا لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
ومثلت مشتريات السعودية 43% من إجمالي مبيعات السلاح البريطانية خلال العقد الماضي، بحسب تقارير صحفية.
التدريب والسيطرة الجوية
وسبق لبريطانيا وأن مولت برنامج سري لتدريب القوات السعودية، كما تتجلى مشاركة بريطانيا العسكرية في العدوان على اليمن، في تولي كوادرها في السلاح الملكي البريطاني العمل بشكل مباشر مع إدارة مركز عمليات التحكم والسيطرة العسكري السعودي، وتحديد بنك الأهداف في عمليات القصف، وطبيعة المهمات، وكذا الأسلحة التي ستستخدم في هذه المهمات، كما أنها تتولى التنسيق مع كوادر “البريطانية لأنظمة الطيران” لتنفيذها وتحضير القذائف والمعدات والطائرات وفق برنامج زمني متفق عليه مع القوات السعودية.
ويتواجد في المملكة السعودية قرابة 6300 فرد من الخبراء والمستشارين من أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني لتقديم المشورة والتدريب.
في أواخر نوفمبر 2017، كشفت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، في تقرير لها، عن الدور البريطاني في العدوان على اليمن، عنونته بـ”الحرب القذرة”.
وأكدت الصحيفة البريطانية، في تقريرها، أن الجيش البريطاني يشرف على تدريب القوات السعودية بشكل سري، تحت اسم عملية “كروس وايز”، التي شملت قوات من الكتيبة الثانية للفوج الملكي الاسكتلندي، ترتكز مهمتهم على تدريس تقنيات الحرب غير النظامية (I.W) لضباط معهد مشاة القوات البرية الملكية السعودية.
وتشير “الديلي ميل” إلى أن انكشاف هذه العملية جاء عن طريق الخطأ، عندما تم نشر ملخص وصور على موقع الفوج الاسكتلندي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، والذي ظهر فيها مدرب بريطاني يقف أمام خريطة اليمن وهو يشرح استراتيجية هجوم محتمل، موضحة أن وزارة الدفاع البريطانية استدركت الأمر وقامت بعد 20 دقيقة بإزالة الصور.
الملف اليمني بيد بريطانيا
وتتولى بريطانيا ملف اليمن في مجلس الامن الدولي كما ان المبعوث الاممي الى اليمن بريطاني الجنسية وقد نتج عن التدخل الدبلوماسي البريطاني في اليمن، آثار كارثية، كان أسوأها فشل اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة وموانئها، وقد خلقت طريقة إدارة المبعوث الأممي (البريطاني)، عوائق جديدة أمام حلحلة ملفات استوكهولم ناهيك عن تغاضي مجلس الامن والامم المتحدة لجرائم الحرب التي ارتكبها العدوان بحق اليمنيين.
ومؤخراً أثارت تصريحات السفير البريطاني التي دعا فيها إلى وقف ما أسماه “الهجمات” على مأرب والجوف، وإثبات الجدية في الرغبة بالسلام، ردود أفعال يمنية سيما وانها جاءت في الوقت الذي وافقت فيه بريطانيا على بيع اسلحة للسعودية بقيمة 1.4 مليار دولار .
وقد علق رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام، على السفير البريطاني أن من يتوجب عليه أولاً وفوراً وقف هجماته هو المعتدي المجرم.
وقال عبدالسلام في تغريدة ، إن “على بريطانيا وغير بريطانيا أن يتذكروا أنهم مستمرون في العدوان وفرض الحصار على الشعب اليمني، ومن يتوجب عليه أولاً وفوراً أن يتوقف هو المعتدي المجرم”.
وأضاف ” المدافع عن نفسه هو في مساره الصحيح والمحق، والملامةُ عليه أخلاقياً ووطنياً وإنسانياً إن توقف قبل أن يتوقف العدوان وينتهي الحصار”.
وتزامنت تصريحات السفير البريطـاني مع تصريحات مماثلة للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عبر فيها عن قلقه من العمليات العسكرية للجيش واللجان الشعبية في محافظة مأرب.
ورد محمد عبدالسلام على غريفيث بالقول أن نوصيف أعمال المدافعين عن أنفسهم من أبناء شعبنا بالعدائية يجعل منه مبعوث بلاده بلبوس أممي”.
ولفت إلى أن الأمم المتحدة إذا أصرت على مقاربة الشأن اليمني من منظور رباعية العدوان فهي تساهم في استمرار المعاناة.. مضيفا ” من يتوسط لإحلال السلام عليه أن يعدل من منطقه الأعوج”.
اهداف بريطانيا
وتسعى بريطانيا الى تحقيق اهدافها في المنطقة من خلال تعميق التعاون مع السعودية والامارات تمهيدا لتقسيم اليمن والعودة لإحتلال الجنوب وهو ما يتضح من خلال تصريحات رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي الى لندن ودعوته من هناك بريطانيا الى العودة الى جنوب اليمن.
وتكشف تصريحات الزبيدي عن الاطماع البريطـانية في دعم الانفصاليين وإرساء قواعد لها على البحر الأحمر والخليج ومن ثَمَّ السيطرة على المحيط الهندي، والحصول على السيطرة الاقتصادية والسياسية في المنطقة.
وتعود أطماع بريطانيا في اليمن إلى اتفاق 1947م من القرن الماضي، والذي وقع بين كل من الاتحاد السوفييتي وبريطانيا وأمريكا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية: «إتفاقية أعالي البحار»، التي تنظم وجود القوى الكبرى في السواحل والموانئ وحقوق المرور وقضايا كبيرة تتعلق بمصالح الشركات الملاحية البحرية التي تتبع هذه الدول.
وتحاول بريطانيا إحياء الاتفاقية، وقد بدأت بأول خطوة بالفعل من خلال الدفع بتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، والتي في الأساس سيتم تسليمها عاجلاً أو آجلاً لإسرائيل.
كما تكشف مذكرة وزير الخارجية البريطـاني السابق، جورج براون، الموجودة ضمن وثائق الأرشيف الوطني البريطاني، والتي تعود إلى أكتوبر 1967، المحاولات البريطانية الأخيرة للبقاء في الجزر اليمنية أو تدويلها على الأقل، وعدم تسليمها ، وحتى بعض الجزر التابعة للشمال اليمني كانت تحاول بريطانيا سحبها وضمها للجنوب حتى يتسن لها التحكم بها.
ومن ابرز بوادر التدخل البريطـاني المباشر في اليمن ما جرى في محافظة المهرة شرقي اليمن ، حيث بدأت تظهر بريطانيا بشكل جلي على السطح من خلال التناغم في التحركات الدبلوماسية والتكتيكات الاستخباراتية التي تبرر لهذا التدخل .
وحمل الإعلان البريطاني عن تعرض سفينة تجارية لهجوم قبالة ميناء نشطون في المهرة , والذي جاء بعد اربعة ايام من زيارة السفير الأمريكي كريستوفر هنزل إلى المحافظة بذريعة مكافحة الإرهاب , الكثير من المؤشرات على مخطط دولي جديد يستهدف هذه المحافظة الاستراتيجية .
وتتواجد قوات عسكرية امريكية وبريطانية في مطار الغيضة الذي اصبح قاعدة عسكرية مغلقة للقوات السعودية والامريكية والبريطانية , وسط معلومات عن توجهات دولية لتحويل المطار الى مركز للقوات الدولية تحت مبرر مكافحة الإرهاب .