تتناثر أقاويل هنا وهناك أن أعضاءً في الإدارة الأمريكية الجديدة والكونجرس أجروا اتصالات في الأيام الماضية لبحث إمكانية الإطاحة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من خلال تحضير خطة استخباراتية محكمة لتحقيق الهدف دون أن تكون لذلك تداعيات على المصالح الأمريكية وقواعدها العسكرية، أو على استقرار المملكة والمنطقة.
الإدارة الجديدة تميل إلى ان تتصدر الحكم شخصية جديدة من الأسرة الحاكمة يرجح أنه الأمير أحمد بن عبد العزيز، المسجون حالياً على خلفية اتهام ابن سلمان له بمحاولة الانقلاب عليه بالتحالف مع ولي العهد السابق محمد بن نايف رغم انهم جميعاً مجرمون وقاموا بانتهاكات فاضحة في مجال حقوق الإنسان.
ويقال أن هناك رغبة حقيقية داخل إدارة بايدن لتغييب ابن سلمان عن المشهد، لكن الخلاف فقط في التوقيت، فبينما يرى فريق ضرورة الإطاحة به الآن، يرى فريق آخر إرجاء الأمر لحين وفاة والده الملك سلمان، وأن جناح الصقور في إدارة بايدن دبّر خطة محكمة بالتعاون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية وأطراف داخل الأسرة الحاكمة، للإطاحة بابن سلمان، لكنه ينتظر التوقيت المناسب.
ويبدو أن هناك قناعة لدى جناح نافذ في إدارة بايدن بأن بقاء ابن سلمان في منصبه مستقبلاً سيشعل حروباً جديدة في المنطقة كما حدث في اليمن وحصاره قطر، وأنه سيواصل سياسة القتل والتنكيل ضد خصومه كما حدث مع خاشقجي، وأيضاً سيتسبّب في الإضرار بالمصالح الأمريكية واقتصادها كما حدث منذ عامين عندما أغرق الأسواق العالمية بالنفط، ما أضر بصناعة النفط في الولايات المتحدة
وتسبب في فقد الكثير من العاملين الأمريكيين في عمليات إنتاج النفط الصخري وظائفهم، إضافة إلى إقصاء ابن سلمان جميع الشخصيات الرفيعة في الأسرة الحاكمة لمصلحة صعوده، وبعض هذه الشخصيات كانت مقربة من واشنطن وقدمت خدمات جليلة لها على مستوى التعاون الاستخباري ومكافحة الإرهاب، كمحمد بن نايف الذي لا يقل ارهاباً وفساداً عن ابن عمه.
ويقال أن بعض الشخصيات في الحزب الديمقراطي تعدُّ الإطاحة بابن سلمان بأقل ثمن يجب دفعه مقابل قتله خاشقجي بهذه الطريقة البشعة، وأن تكون بداية تنفيذ خطة الإطاحة بابن سلمان عندما تنشر التسجيلات التي بحوزة المخابرات الأمريكية، والتي تؤكد ضلوع محمد بن سلمان في عملية اغتيال خاشقجي، وإعطاء الأمر المباشر بالتخلص منه.
من جانبه، قال سعد الفقيه، المعارض السعودي، إن لديه معلومات مؤكدة بأن إدارة بايدن لا ترغب في إزاحة محمد بن سلمان عن الحكم بشكل مباشر، لتعارض ذلك مع القانون الأمريكي.
ويرى الفقيه أن خطة الإدارة الأمريكية للإطاحة بابن سلمان تتمثل في الضغط عليه للإفراج عن أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف وباقي الأمراء من السجن، ومنحهم حصانة لعدم تعرضه لهم، موضحاً أنه في حال حدث ذلك فإن هؤلاء الأمراء سيزيحون ابن سلمان تلقائياً عن الحكم، في حال منحتهم الإدارة الامريكية الحصانة والحماية.
وكان آدم شيف، رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب الأمريكي، قد طالب الشهر الماضي مديرة المخابرات الوطنية الجديدة أفريل هاينز، برفع السرية عن تقرير بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في تركيا عام 2018.
ونشر النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا تغريدة تضمّنت الخطاب الذي أرسله إلى هاينز، قال فيها: “لمدة عام، رفضت إدارة (الرئيس السابق) نشر تقرير عن مسؤولية السعودية. لقد طلبت من المديرة هاينز رفع السرية عن هذا التقرير. يجب أن تكون هناك مساءلة وعدالة”, كما أن حماسة أعضاء الكونغرس لرفع السرية عن جريمة مقتل خاشقجي، دليل مؤكد على اعتزام الإدارة الأمريكية الجديدة اتخاذ موقف حاسم ضد ولي العهد السعودي ابن سلمان.
ويُروى أن أكثر ما يزعج الإدارة الجديدة من ابن سلمان هو دعمه السابق للرئيس الأمريكي ترامب، سواء في حملته الانتخابية، أو بعد ذلك، من أجل البقاء في منصبه ودعمه مالياً لتحقيق بعض الإنجازات الاقتصادية التي مكنته من استهداف مؤسسات الدولة وخرق الدستور وضرب مصالح الولايات المتحدة الخارجية.
وكانت صحيفة الـ “واشنطن بوست” قد نشرت تقريراً أواخر العام الماضي، أشارت فيه إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق، تدرس طلباً لتوفير الحصانة لولي العهد السعودي من الملاحقة القضائية.
ويتركز طلب الحصانة، وفق الواشنطن بوست، على القضية المرفوعة ضد ابن سلمان، من قبل سعد الجبري، مسؤول الاستخبارات السعودي السابق. ووفقاً لمراقبين، فإن هذا الطلب السعودي يعكس قلق ابن سلمان من تعامل إدارة بايدن مع عدة ملفات لا تزال عالقة، أهمها الحرب في اليمن، وقضية مقتل خاشقجي، وملف حقوق الإنسان. وهو ما ينبئ بفترة مزعجة تلوح في الأفق، بالنسبة لابن سلمان السعودية، خاصة في ظل ما تقوله الـ “واشنطن بوست”، من أن بايدن كان قد تعهد سابقاً بإعادة النظر في العلاقات مع الرياض.
وبحسب الصحيفة، فإن إدارة بايدن “منزعجة بشدة من قضية سعد الجبري”، وتريد إرسال هذه الرسالة إلى السعوديين.
وأوضحت الصحيفة أن أحد أسباب قلق مسؤولي إدارتي ترامب وبايدن من هذه القضية، هو أن سعد الجبري “كان شريكًا رئيسيًا لوكالة المخابرات المركزية في جهودها لمكافحة الإرهاب ضد القاعدة”.