تعتبر بريطانيا شريكاً أساسياً ومن ابرز الدول الداعمة لتحالف الشر والعدوان الذي تقوده السعودية والإمارات وحلفاؤهما ضد اليمن منذ مارس 2015م فالدور البريطاني ارتقى إلى المشاركة الفعلية وتقديمه الكثير من الدعم والإسناد اللوجستي والسياسي والعسكري ليرتكب العدوان جرائم ومجازر وحشية بحق الشعب اليمني. فصفقات السلاح البريطاني الذي تجاوزت مبيعاته اكثر من 18 مليار دولار وفر غطاء للعدوان القذر لاستخدام جميع أنواع الأسلحة الثقيلة حتى المحرمة دوليا كالعنقودية والفسفورية
كما أن غارات العدوان السعودي لم ترحم لا البشر ولا الحجر وأدت إلى دمار هائل في البنية التحتية وتدمير الموانئ والمطارات المدنية والخدمات العامة، والمنشآت الاقتصادية العامة والخاصة، والمرافق الحكومية، والمنازل السكنية، فقتل وجرح خلالها آلاف المدنيين الأبرياء أغلبهم من النساء والأطفال، ما جعل الأمم المتحدة تضعها في القائمة السوداء لقتلة الأطفال، لتتراجع عن قرارها بعد مدة تحت ضغط المال السعودي.
بعد أن استطاعت صنعاء إسقاط كل الرهانات وبعد أن عجزت دول العدوان في الوصول إلى الحسم العسكري وتأكدت أمريكا من ذلك قررت واشنطن تسليم بريطانيا الملف اليمني لخبرتها الاستعمارية الطويلة للدول ، وممارستها خلط الأوراق واللعب على المتناقضات، وإدارتها للصراعات الداخلية وتغذيتها بصبغات انفصالية وعنصرية وطائفية، بالإضافة لتبنيها مراكز قُوى على حساب أخرى.
فالدور البريطاني في الملف اليمني في تنام بعد تشكيل اللجنة الرباعية الدولية في مايو 2016 والتي ضمت الدول الرئيسة في العدوان على اليمن وهي بريطانيا والولايات المتحدة والسعودية والإمارات دون غيرها، وقد اتضحت ملامح الدور البريطاني أكثر من خلال تعيين ثُلاثي بريطاني لإدارة الملف سياسياً وإنسانياً واقتصاديا.
ومن أهم صفقات السلاح البريطاني إلى السعودية منذ انطلاق العدوان على اليمن في مارس 2015م طائرات مقاتلة وعمودية وطائرات بلا طيار بقيمة 2.2 مليار جنيه استرليني وذخائر وصواريخ وقنابل بقيمة 1.1 مليار جنيه وعربات مدرعة ودبابات بقيمة 430 مليون جنيه.
وحصلت أكثر من 80 شركة بريطانية على رخص لتصدير صفقات السلاح إلى السعودية وعلى رأسها ثالث اكبر شركة منتجة للأسلحة في العالم وهي شركة BAE التي تنتج مختلف أنواع الأسلحة وعلى رأسها طائرات تورنيدو وتايفون المقاتلة.
وهذه الشركة هي التي تعاقدت مع السعودية في صفقتي “اليمامة” و”السلام” التي تجاوزت قيمتهما المائة مليار جنيه استرليني وخضعت لتحقيقات طويلة في بريطانيا وغيرها بسبب تهم رشوة وفساد شابت الصفقات.
وذكرت العديد من التقارير الصحفية البريطانية ومنظمة العفو الدولية أن السعودية استخدمت قنابل عنقودية بريطانية الصنع في عدوانها على اليمن وهو ما يشكل انتهاكا لالتزامات بريطانيا التي وقعت على معاهدة منع إنتاج وتخزين وتجارة هذا النوع من الذخائر .
تجاهل القانون الدولي
أكدت العديد من المنظمات العاملة في المجال الإنساني أن بريطانيا تعد ثاني أكبر مصدّر للمعدات الدفاعية في العالم حيث تتراكم الحصة الأكبر في سوق الدفاع الجوي 63%، والدفاع الأرضي 24% من الصادرات و13% من حصة الصادرات الخاصة بالدفاع البحري، وأشارت تلك المنظمات إلى أن دول الشرق الأوسط اشترت 60% من صادرات المملكة المتحدة الدفاعية في عام 2019.
وأعربت منظمة العفو الدولية عن انتقادها لبريطانيا على مواصلة بيع صفقات الأسلحة إلى السعودية، متهمة لندن بـ “تجاهل القانون الدولي”. ووصفت المنظمة في بيان لها، تصريح وزيرة التجارة الدولية البريطانية، “ليز تروس”، حول اعتبارها غارات القوات السعودية على اليمن أحداثاً فردية، بأنه تصريح خبيث للغاية.
وأشار البيان إلى أن بريطانيا باعت للسعودية أسلحة بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني خلال العدوان على اليمن، مضيفة أن قرارها الأخير بمواصلة بيع صفقات الأسلحة للرياض هو محاولة لتجاهل القانون الدولي. وذكّر بيان المنظمة أيضا أنّ محكمة الاستئناف البريطانية، قضت العام الماضي بأن مواصلة الحكومة منح تراخيص تصدير المعدات العسكرية إلى السعودية غير قانوني.
الرياض تدفع أموالها للندن
ورغم كل الجرائم التي يرتكبها عدوان آل سعود في حق اليمنيين دأبت الرياض على دفع أموالها للندن منذ بروز اسم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بهدف الترويج لرؤية 2030، ومن ثم انخرطت السعودية في الحرب على اليمن وقادت عدواناً دوليا في مارس/ 2015، واقترن اسمها بجرائم الحرب، فظهرت الحاجة الماسة لتلميع صورة الرياض في بريطانيا ما تطلب دفع المزيد من الأموال لتحقيق ذلك.
ولم تكن السوق الأمريكية الوحيدة للسعودية في شراء صفقات الأسلحة، حيث وصل حجم مبيعات الأسلحة البريطانية والخدمات للجيش السعودي، بين 2015 و2019 ما يزيد على 15 مليار جنيه إسترليني (18 مليار دولار)، وفقاً لبيانات شركة “بي إيه إي سيستيمز” الذي نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية في أبريل الماضي.
وتكشف الأرقام المأخوذة من التقرير أن الشركة البريطانية المصنعة للأسلحة قد حققت 2.5 مليار جنيه إسترليني (3 مليارات دولار) من المبيعات للجيش السعودي خلال عام 2019 بأكمله.
وواصلت السعودية شراء الأسلحة البريطانية ، إذ عقدت صفقات ، حسب صحيفة الغارديان اللندنية، بقيمة تبلغ نحو 5.3 مليار جنيه إسترليني (6 مليارات دولار)، شملت أسلحة وقنابل ذكية وأنظمة تتبُّع ومراقبة من بريطانيا.
وتُعد السعودية أكبر مشترٍ للسلاح البريطاني،
بحسب ما ذكر في موقع “منظمة ضد تجارة الأسلحة” المتواجد في المملكة المتحدة، حيث فاق حجم الصفات العسكرية خلال فترة 2015 – 2017 الـ13 مليار جنيه أسترليني (15 مليار دولار)، وشملت معظم الصفقات أسلحة وذخائر ومعدات عسكرية.
صفقات توفر مليارات الجنيهات
تلك الصفقات خلفت جدلا عاما في بريطانيا ووجهات نظر متفاوتة بشأن مشاركة بريطانيا غير المباشرة في الحرب على اليمن، إلا أن ساسة بريطانيين دافعوا بقوة عنها لأنها تعود بفوائد اقتصادية جمة على الاقتصاد الوطني البريطاني بسبب مساهمة المبيعات في الحفاظ على آلاف الوظائف الهندسية في البلاد، وتوفيرها مليارات الجنيهات من العوائد لتجارة الأسلحة البريطانية.
نتائج كارثية ومكاسب بريطانية
الحرب على اليمن، التي دخلت عامها السادس، يُنظر إليها على أنها تسببت في أسوأ أزمة إنسانية، حيث يزداد يوميا أعداد الضحايا المدنيين.
أما تلك المكاسب التي تحصدها بريطانيا من استمرار الحرب على اليمن، فقد دفعت وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت، لتبني نداء حماسي لمواصلة بيع الأسلحة للسعودية، زاعما أن تعليق الصادرات العسكرية البريطانية سيُقلّص تأثير المملكة المتحدة على مسار النزاع، ويُهمّش دورها مع استمرار العدوان.
ومن أجل استقطاب أكبر كمٍّ ممكن من الأموال الخليجية، من المتوقع أن يواصل جونسون سياسة بيع الأسلحة إلى دول الخليج، خاصة أن هذه الدول هي المشتري الأول للأسلحة البريطانية خلال السنوات الأخيرة.
دور خبيث
الدور الخبيث والمشبوه الذي تقوم به لندن لا يخفى على أحد من خلال مساندتها لتحالف العدوان السعودي في عدوانه على أبناء الشعب اليمني خلال السنوات الماضية عبر تقديم كل أشكال الدعم العسكري لها، في ظل التواطؤ الأممي والتعامي عن جرائم نظام “آل سعود” بحق أبناء الشعب اليمني الذين تنتشر فيهم العديد من الأمراض والأوبئة القاتلة نتيجة استخدام السعودية الأسلحة المحرمة دولياً.
وكشفت العديد من التقارير أن بريطانيا وقعت خلال السنوات الماضية مع السعودية العديد من الاتفاقيات العسكرية التجارية تزيد قيمتها على 16 مليار دولار. وأعلنت شركة “بي إيه إي سيستمز”، التي تُصّنع مقاتلات “تايفون” أن بريطانيا وافقت خلال الفترة الماضية على استكمال المحادثات مع الرياض بشأن طلبية لشراء ثمان وأربعين مقاتلة من هذا الطراز في صفقة بعدة مليارات من الجنيهات الاسترلينية.