قامت إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بفرض تجميد مؤقت على مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى دول العداون برئاسة المملكة العربية السعودية والإمارات ضمن خطة مراجعة صفقات الأسلحة التي وافق عليها الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي بلغت قيمتها مليارات الدولارات، في خطوة تم وصفها بأنها نموذجية من قبل الإدارة الجديدة.
وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال -أول من نشر الخبر- فإن مسؤولين أمريكيين مطلعين على الأحداث أكدوا أن تلك المراجعة تشمل بيع ذخائر دقيقة التوجيه إلى الرياض، بالإضافة إلى مقاتلات من طراز F-35 متطورة إلى أبو ظبي، وهي صفقة وافقت عليها واشنطن كجزء من اتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، وقد استخدمت تلك الصفقة في العدوان على اليمن.
مقاتلات من طراز 35
وقال مسؤولون أمريكيون إنه أمر ليس غريباً أن تقوم إدارة جديدة بمراجعة مبيعات الأسلحة التي وافق عليها سلف، وأنه على الرغم من التوقف المؤقت، فمن المرجح أن تمضي العديد من الصفقات إلى الأمام في النهاية -وفق توقع المسؤولون.
ولكن تماشياً مع تعهدات الحملة التي قدمها الرئيس بايدن، تسعى واشنطن إلى ضمان عدم استخدام الأسلحة الأمريكية لتعزيز العدوان العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، وتسببت بقتل الآلاف من المدنيين، وتشريد الملايين وانتشار الجوع والأوبئة.
في إطار ذلك، قال وزير الخارجية، أنتوني بلينكين، في جلسة التثبيت الأسبوع الماضي، إن بايدن “أوضح أننا سننهي دعمنا للحملة العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن، وأعتقد أننا سننجح في ذلك خلال وقت قصير جدًا”.
بعض الخبراء والمحليين توقعوا أن هذه الخطوة إشارة من الإدارة الجديدة للحلفاء الخليجيين بانتهاج نهج مغاير لإدارة ترامب فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة الضخمة.
يُذكر أن إدارة ترامب، قامت نهاية العام الماضي بعقد عدد من صفقات الأسلحة مع السعودية والإمارات، إذ قامت ببيع ذخيرة صغيرة بقيمة 290 مليون دولار للسعودية وغيرها من الأسلحة للإمارات، في إطار دعم ترامب القوي لإسرائيل وحملة “الضغط الأقصى” ضد إيران.
كما أعلنت إدارة ترامب الطوارئ مع التلويح بالفيتو لتسريع مبيعات الأسلحة للسعودية في عام 2019 بعد أن علق الكونجرس مبيعات بقيمة 8 مليارات دولار للسعودية والإمارات والأردن، وهي الخطوة التي أثارت غضب الحزبين باعتبارها تحدي للسلطة التشريعية، ودعماً للنظام السعودي المستبد ذو الانتهاكات الجسيمة في مجال حقوق الإنسان، وخاصة فيما يتعلق بجريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، الذي رفض ترامب أن توجه أي اتهامات لابن سلمان بالتورط في مقتله.
بالإضافة إلى ذلك، قامت إدارة ترامب بإخطار الكونرس في نوفمبر/تشرين الثاني بأنها وافقت على بيع أكثر من 23 مليار دولار في أنظمة أسلحة متطورة، بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز F-35 وطائرات بدون طيار، إلى الإمارات، وقد جاء هذا الإعلان بعد وقت قصير من موافقة الحكومة الإماراتية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل في صفقة بوساطة الولايات المتحدة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي -آنذاك -مايك بومبيو في بيان تعليقاً على الصفقة “هذا اعتراف بعلاقتنا العميقة وحاجة الإمارات لقدرات دفاعية متقدمة للدفاع عن أمنها ضد التهديدات الإيرانية المتزايدة”.
لاقت تلك الصفقة إدانة واسعة بين صفوف الجماعات الحقوقية والمشرعين الجمهوريين والديموقراطيين، والذين قالوا إنها قد تؤجج الصراع الإقليمي، لا سيما في ليبيا واليمن، حيث تشن الإمارات والسعودية حربا مدمرة ضد المتمردين الحوثيين في البلاد.
وطرح المشرعون قرارات مشتركة من الحزبين تسعى لوقف الصفقة، لكن جهودهم باءت بالفشل في مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث لم يحظ تصويتان إجرائيان بأغلبية في المجلس، كما هدد ترامب باستخدام حق النقض ضد أي جهود للكونغرس لوقف المبيعات.
خطوة تجميد مبيعات الأسلحة لاقت استحساناً بين الديموقراطيين في الكونغرس، إذ صوتوا على الفور لصالح القرار، وكتب السناتور كريس مورفي على تويتر معلقاً على الخطوة “الأسلحة التي بعناها للسعودية والإمارات استخدمت لقتل تلاميذ المدارس، وغذت الصراع مع الميليشيات المتطرفة، وأثارت سباق تسلح خطير في الشرق الأوسط… هذه هي الخطوة الصحيحة… حان الوقت الآن لإعادة تقييم علاقاتنا مع الحلفاء الخليجيين”.
الجدير بالذكر أن مجموعة من المشرعين الديمقراطيين قاموا بإرسال رسالة واضحة إلى وزير الخارجية توني بلينكين يوم الثلاثاء -في يومه الأول- مفادها أن العلاقة الأمريكية السعودية بحاجة إلى التدقيق والإصلاح، وأوضح المشرعون أنهم يريدون اتخاذ إجراء عملي لحل هذا الموضوع، وحثوه، من بين طلبات أخرى، على تجميد تسليم الأسلحة إلى السعودية.
وبالرغم من بلينكين أن لم يعلنها صراحة خلال جلسة تأكيده بوقف تسليم جميع الأسلحة إلى السعودية أو الإمارات، إلا أنه قال إن إدارة بايدن ستتوقف عن دعم الحملة العسكرية السعودية في اليمن.
وفي أول مؤتمر صحفي له يوم الأربعاء، قال بلينكين إن تجميد مبيعات الأسلحة تهدف إلى “التأكد من أن تلك الصفقات الخاضعة للتدقيق الآن هي شيء يعزز أهدافنا الاستراتيجية ويدفع سياستنا الخارجية إلى الأمام”.