بقرارها تعليق صفقات السلاح التي أبرمتها إدارة دونالد ترامب مع السعودية والإمارات، تُوجِّه الإدارة الأميركية الجديدة رسالة مفادها بأن أسلوب «اللعب على المكشوف»، الذي ساد في المرحلة السابقة، انتهى إلى غير رجعة.
لكنها إشارات لا يمكن، بأيّ حال من الأحوال، البناء عليها لاستشراف «انقلاب» مرتقب في المشهد، إذ هي أقرب ما تكون إلى تفعيل سياسة «القيادة من الخلف»، لغاية تبلور الشكل النهائي لتحالفات واشنطن والتنازلات المبتغاة من شركائها الذين تعتزم استشارتهم في كلّ شاردةٍ وواردة تخصّ الإقليم، فضلاً عن ملفّاتها العالقة، وفي مقدّمها الحرب المتواصلة على اليمن.
افتتحت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، مسار تقييم آفاق العلاقات مع حلفائها السعودية والإمارات القلقِين إزاء المتغيّرات التي يمكن أن تطرأ على سياسات واشنطن في المنطقة.
مسارٌ أطلقته بُعيد قرارها تعليق صفقات السلاح «مؤقّتاً» للإمارات والسعودية ، وهي خطوة يُحتمل أن تفتح الباب أمام إلغائها
ولم يَزِد فشل السعودية وأبو ظبي في هذا المضمار، والغطاء الأميركي الذي ظلّل عمليّتهما العسكرية، طوال السنوات الستّ الماضية، الإدارة الجديدة إلّا تمسُّكاً بما صارت واشنطن الجديدة تعتبره إحراجاً متزايداً لا ينقصها في الوقت الراهن.
فلا هرولة أبو ظبي إلى إتمام صفقة الـ«إف-35» في العشرين من الشهر الجاري – أي في اليوم ذاته لتنصيب بايدن -،ولا مفاخرتها المستمرّة باتفاق التطبيع الذي لم تَجنِ من ورائه أيّ مكسب سوى «السلام مقابل السلام»،
وعدت واشنطن بإجراء مراجعة للسياسات المتعلّقة بالتسليح، وبالتزاماتها في إطار «اتفاقات أبراهام»
ربط البيت الأبيض، أول من أمس، قرار تجميد صفقة بيع مقاتلات «إف-35» للإمارات وذخائر للـ السعودية، بضرورة التأكّد من أنها تلبّي الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة،
بما في ذلك البحث عن طريقة لإنهاء حرب السعودية على اليمن، واعداً بإجراء مراجعة للسياسات المتعلّقة بالتسليح، فضلاً عن تلك المرتبطة بالتزامات واشنطن في إطار «اتفاقات أبراهام».
صحيح أن إدارة بايدن لم تتوانَ عن دعم اتفاقات التطبيع التي تريد البناء عليها، لكنّها لا تبدو متحمّسة إزاء «الهدايا» التي حصّلها المطّبعون لقاء «السلام» مع تل أبيب، لا سيّما أن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، جدّد، في أعقاب قرار وزارة الخارجية، التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على التفوّق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة.
وعلى رغم المؤشرات الكثيرة إلى احتمال إلغاء الصفقة مع الإمارات، إلّا أن سفير أبو ظبي في واشنطن، يوسف العتيبة، كان يتوقّع أصلاً، كما قال، أن تراجع الإدارة الجديدة السياسات الأميركية الحالية.
وبعد يومين من تنصيب بايدن، أعلنت الإمارات أنها وقّعت خطابات الاتفاق الخاصة بالصفقة في آخر أيام رئاسة دونالد ترامب من أجل شراء ما يصل إلى 50 مقاتلة «إف-35» بقيمة 10.4 مليارات دولار، و18 طائرة مسيّرة مسلّحة من طراز «أم كيو 9 بي» بقيمة 2.97 مليار دولار، وذخائر مختلفة بقيمة 10 مليارات دولار، في صفقة بقيمة إجمالية تبلغ 23 مليار دولار
وقد رحبت السناتورة الديموقراطية، إليزابيت وارن، بقرار إدارة بايدن تعليق هذه الصفقات لمراجعتها، لافتةً إلى أن السعودية والإمارات مسؤولتان عن استمرار المأساة الإنسانية في اليمن من خلال حملة قصف لا معنى لها منذ سنوات.
في الإطار ذاته، جاء ردّ السناتور الديموقراطي، كريس ميرفي، إذ علّق على الخطوة الأميركية بالقول إن الأسلحة التي باعتها بلاده للرياض وأبو ظبي «استُخدمت لقتل أطفال المدارس، مضيفاً أن التعليق هو الخطوة الصحيحة، وأن الوقت قد حان لإعادة النظر في علاقات واشنطن مع الحلفاء الخليجيين.