مجلس النواب الأمريكي
أكدت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي أن محاكمة الرئيس السابق دونالد ترامب بتهمة التحريض على العنف ستبدأ قريبا، دون أن تحدد الموعد الدقيق. وقالت بيلوسي للصحفيين، يوم الخميس: “سأتحدث مع من يديرون العملية بشأن متى سيكون مجلس الشيوخ مستعدا لمحاكمة رئيس الولايات المتحدة السابق بسبب دوره في التحريض على العصيان في الكابيتول”.
واتهمت بيلوسي دونالد ترامب بإرسال أنصاره إلى مبنى الكابيتول وتحريضهم على اقتحام المبنى، بينما كان المشرعون مجتمعين للإقرار بنتائج الانتخابات التي فاز فيها الديمقراطي جو بايدن. وأشار مصدر مطلع لـ”رويترز” إلى أن بيلوسي قد تحيل ملف عزل ترامب إلى مجلس الشيوخ يوم الجمعة.
يذكر أن مجلس النواب وافق يوم 13 يناير الجاري على مساءلة الرئيس ترامب على دوره المفترض في اقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول في 6 يناير. وبالتالي أصبح ترامب أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة فتح ملف عزله مرتين. ولكن لم يتم إحالة القضية إلى مجلس الشيوخ قبل أن ترك ترامب منصب الرئاسة في 20 يناير.
مجلس الشيوخ الأمريكي
أعلن زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي، تشاك شومر، يوم الجمعة، أن لائحة الاتهام بحق الرئيس السابق دونالد ترامب ستحال، يوم الاثنين، على مجلس الشيوخ الذي تعود إليه صلاحية محاكمته بتهمة “التحريض على التمرد”.
وأوضح شومر، أن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي “أبلغتني أن لائحة الاتهام ستحال الاثنين على مجلس الشيوخ”. ويواجه ترامب اتهاما بتحريض أنصاره على اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير، فيما كان أعضاء الكونغرس مجتمعين للمصادقة على فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية.
وأضاف شومر في حديث من قاعة الكونغرس، أن محاكمة ترامب ستجرى في مجلس الشيوخ و”سيكون هناك تصويت على ما إذا كان يجب إدانة الرئيس، لقد تحدثت إلى رئيسة مجلس النواب (نانسي) بيلوسي، التي أبلغتني أن المواد ستُسلم إلى مجلس الشيوخ يوم الاثنين”.
ولكن لم تصدر حتى ظهر الجمعة، أي تصريحات علنية لبيلوسي بشأن إجراءات عزل الرئيس الأمريكي السابق. ولم يتطرق شومر إلى الجدول الزمني لمحاكمة ترامب أمام مجلس الشيوخ، حيث يناقش الديمقراطيون المدة اللازمة للانتهاء من العملية، لكن المحاكمة يجب أن تبدأ في الساعة الواحدة ظهر اليوم التالي لتسلم المجلس مواد العزل.
ويأتي إعلان شومر، ليؤكد رفض المشرعين الديمقراطيين، طلبا من زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، بتأجيل محاكمة عزل ترامب إلى منتصف فبراير. وبموجب جدول زمني مقترح على تكتل الجمهوريين في الشيوخ، أراد ماكونيل الانتظار حتى 28 يناير، لقراءة مواد العزل في المجلس، على أن يؤدي بعدها أعضاء المجلس القسم كمحلفين، ويتم إصدار مذكرة استدعاء لترامب.
الدستور الأمريكي
يرى أستاذ القانون في جامعة تكساس، ستيفان فلاديك، أن محاسبة ترامب بعد مغادرته البيت الأبيض، ليست ممكنة فحسب من الناحية الدستورية بل واجبة وضرورية. ويوضح البند الثاني من الدستور الأمريكي، في قسمه الرابع، أن رئيس الولايات المتحدة ونائب الرئيس وكافة الضباط المدنيين، يُعزلون من المنصب ويدانون عند التورط في أمور مثل الخيانة والفساد والجرائم الأخرى وإساءة التصرف.
وعند الاعتماد، بشكل حصري، على هذا البند من الدستور الأمريكي، فإن المستفاد هو أن إجراءات العزل تصبح غير قابلة للتطبيق عندما يكون المسؤول قد غادر المنصب. لكن القسم الثالث من البند الأول في الدستور الأمريكي يوضح أمرا مهما، بشأن صلاحيتي مجلس الشيوخ في إجراء محاكمة العزل، وهما لإزالة المنصب، إضافة إلى نزع الثقة وحرمان المسؤول المدان من أي تشريف أو منصب فيدرالي في الولايات المتحدة.
ويعد هذا البند بيت القصيد، لأنه يحدد بشكل واضح، صلاحيتي مجلس الشيوخ، ورسالته واضحة في أن إجراءات العزل لا تقتصر فقط على الإزالة من المنصب، وإنما الحسم بشأن الحق في تولي مناصب فيدرالية مستقبلا. ويوضح الأكاديمي الأمريكي، أن مجلس الشيوخ صوت ثماني مرات على إجراء العزل من المنصب، لكنه لم يصوت على نزع الثقة سوى ثلاث مرات فقط، وهذا يعني أن المسارين مختلفان.
وتبعا ذلك، فإنه من الممكن دستوريا أن يكون ثمة تصويت لنزع الثقة من ترامب عندما يصبحُ رئيسا سابقا، وهذه الخطوة في مجلس الشيوخ ستحرمه من شغل أي منصب فيدرالي مستقبلا. وأوضح الأكاديمي أن قرار نزع الثقة هو الذي جعل الدستور يسمح بإجراءات العزل في حق ضباط سابقين، لأن الأمر لا يقتصر على الإزالة من المنصب.
مواقف مشابهة
ولو لم تكن الأمور على هذا النحو، لاستطاع أي مسؤول أمريكي كبير أن يتفادى نزع الثقة منه، من خلال الاستقالة، قبل أن يقوم مجلس الشيوخ بعزله. وقطع الدستور الأمريكي، الطريق أمام التهرب من “نزع الثقة”، فأتاح إكمال إجراءات العزل حتى بعد مغادرة المنصب.
فمثلاً.. في سنة 1876، استقال وزير الحرب، وقتئذ، وليام بنكناب، قبل دقائق قليلة من تصويت مجلس النواب على عزله، وتقرر، حينها، أن تستمر إجراءات العزل، لأن استقالته لا يمكن أن تتحدى سلطات الكونغرس. ونجا وزير الحرب الأمريكي من قرار الإدانة بفارق ضيق في مجلس الشيوخ، وهو لم يكن يشغل منصبه، لكن الدرس المستفاد من حالته، هو أن مجلس الشيوخ أكد صلاحيته في محاكمة ضباط سابقين، ولم يجر الالتفات إلى الاستقالة التي قدمها قبل عزله في مجلس النواب.
أما في حالة الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي استقال في أغسطس 1974، فقد استقال ساكن البيت الأبيض، وقتئذ، لأن مسألة عزله كانت محسومة، لكنه فضل أن يتحمل المسؤولية ولم يتنصل من أخطائه.
ولم يتحرك الكونغرس، وقتئذ، لأجل عزل نيكسون أو نزع الثقة منه، لأنه لم يكن ثمة أي مؤشر على عودته المحتملة لأجل شغل أي منصب فيدرالي في الولايات المتحدة، لكن المؤسسة التشريعية كانت قادرة بصلاحياتها على إجراء المحاكمة التي تفضي إلى مسارين بارزين هما العزل من المنصب ونزع الثقة.