لاقت تصريحات بومبيو وزير خارجية ترامب المعزول رفضا وتنديدا أمميا ودوليا واسعا، حيث عبرت الأمم المتحدة عن رفضها للقرار وكذلك الاتحاد الأوروبي ومنظمات ووكالات الإغاثة والعمل الإنساني واعتبرته قراراً كارثياً سيؤدي إلى نسف جهود الأمم المتحدة في التوصل إلى حل سياسي، ويفاقم من الحالة الإنسانية الكارثية التي يعيشها الشعب اليمني جراء العدوان والحصار.
علاوة على أن القرار يواجه معارضة شرسة داخل الإدارة الأمريكية نفسها، فإن مشرعين وأعضاء كونغرس أمريكيون يرون كارثية القرار وما فيه من خلط للأوراق يريدها ترامب المعزول.
وعلاوة على الرفض المطلق من قبل الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن، حيث يعتبر أعضاء الحزب أن القرار هو محاولة من ترامب لإغلاق الصندوق في وجه بايدن وتعقيد دور إدارته في الحل السياسي في اليمن، كما أن أصواتاً في الكونغرس وفي مجلس الشيوخ والنواب عارضت القرار بشدة واعتبرته تهورا سيقضي على الدور السياسي الأمريكي، إضافة إلى المعارضة الشديدة من قبل المنظمات على رأسها الأمم المتحدة وموظفوها ووكلاؤها، فقد صرح الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن ذلك لن يكون إيجابيا، كما أعتبر رئيس برنامج الغذاء ديفيد بيزلي أن القرار سيقضي على جهود المنظمات في محاولة تلافي حدوث المجاعة، والشيء نفسه اعتبره وكيل الأمين العام للأمم المتحدة.
الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والمسؤولون والموظفون الأمميون عارضوا القرار واعتبروه خطرا سيتسبب في حدوث مجاعات كبيرة في اليمن، لكونه سيعيق وصول المساعدات وسيجعل المنظمات غير قادرة على التعامل مع السلطات التي تعتبرها تابعة لأنصار الله.
ورغم أن القرار أحادي من أمريكا فقط وليس من الأمم المتحدة إلا أن العادة أن القرارات الأمريكية تأخذ مداها الكبير في الانعكاسات وخصوصا ما يخص قرارات التصنيف في لوائح الإرهاب.
الديمقراطيون عارضوا القرار واعتبروه تفخيخا من ترمب، وإغلاقا للصندوق في وجه بايدن ، من شأنه أن يقضي على أي دور مستقبلي لبايدن وإدارته في التأثير بمسار الحرب على اليمن.
الأمم المتحدة: القرار لن يمنعنا من مواصلة الجهود
وردا على أسئلة الصحفيين حول إعلان بومبيو اعتزام إدارته المنتهية شرعيتها إصدار قرار يصنف أنصار الله ضمن المنظمات التي تعتبرها أمريكا خطرا عليها وتصنفها إرهابية، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة إن القرار غالبا ما ستكون له تبعات إنسانية وسياسية، وأضاف ستيفان دوجاريك في المؤتمر الصحفي اليومي أمس إن اليمن يستورد الغالبية العظمى من احتياجاته الغذائية، وأعرب عن القلق من أن يؤثر التصنيف الأميركي بشكل سلبي على واردات الغذاء وغيره من السلع الأساسية في الوقت الذي يتضور فيه اليمنيون جوعا.
وأضاف المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة إن العملية الإنسانية في اليمن، وهي الأكبر في العالم، لا يمكن أن تحل محل القطاع الخاص أو تعوض الانخفاض الكبير في الواردات التجارية من الغذاء والسلع الأساسية الأخرى.
وقال دوجاريك إن تصاعد خطر المجاعة في اليمن يؤكد حتمية أن تصدر الولايات المتحدة بشكل عاجل التصاريح والإعفاءات الضرورية لضمان استمرار وصول المساعدة الإنسانية إلى جميع المحتاجين بأنحاء اليمن بدون انقطاع.
وبالنظر إلى الأهمية المركزية للواردات التجارية لبقاء ملايين اليمنيين على قيد الحياة، يجب أن تضمن التصاريح والإعفاءات أيضا قدرة القطاع الخاص على مواصلة العمل من أجل منع الانهيار الاقتصادي والحيلولة دون حدوث المجاعة على نطاق واسع.
وأعرب المتحدث باسم الأمم المتحدة عن القلق من أن يكون للإعلان الأميركي أثر ضار على جهود استئناف العملية السياسية في اليمن، بالإضافة إلى إحداث مزيد من الاستقطاب في مواقف أطراف الصراع.
وعلى الرغم من التداعيات السياسية المحتملة، أكد دوجاريك مواصلة العمل مع جميع الأطراف لاستئناف ومواصلة العملية السياسية الجامعة للتوصل إلى حل شامل متفاوض عليه لإنهاء الصراع.
الاتحاد الأوروبي: القرار يعيق الحل
وانتقد الأتحاد الأوربي يوم أمس الثلاثاء، قرار الإدارة الأميركية ضد «أنصار الله» ، وقال الاتحاد الأوروبي إن هذا التصنيف «يجعل الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للتوصل إلى حل شامل للصراع اليمني أكثر صعوبة».
وأعرب الاتحاد الأوروبي عن «القلق بشكل خاص بشأن تأثير هذا القرار على الوضع الإنساني في اليمن الذي يواجه حالياً خطر انتشار المجاعة على نطاق واسع»، وأشار الاتحاد الأوروبي إلى أنه «لا يزال مقتنعاً بأن الحل السياسي الشامل وحده هو الذي يمكن أن ينهي الصراع في اليمن». معتبراً أنه «سيواصل تعزيز الحوار بين جميع الأطراف».
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة الولايات المتحدة إلى الإسراع في منح الإعفاءات العاجلة، بما يسمح بإيصال المعونات إلى جميع السكان المحتاجين على امتداد البلاد. ونبّه غوتيريش إلى خطورة تصنيف الولايات المتحدة «أنصار الله» من الناحيتين الإنسانية والسياسية، قائلاً إن «اليمن يعتمد اعتماداً شبه كلي على الاستيراد لتلبية احتياجات سكانه الغذائية».
الصليب الأحمر
وفي هذا السياق، عبر الصليب الأحمر في صنعاء عبر عن رفضه للقرار، وكذلك المركز النرويجي للاجئين ومنظمة اليونيسف لحماية الأطفال حيث عبر مسؤولوها عن رفضهم للقرار وإدانتهم له، وأن أنشطتهم الإنسانية لن تتوقف بسببه.
مشرعون أمريكيون يستنكرون حماقة ترامب
بدوره السيناتور كريس مورفي ، اعتبر إعلان وزير خارجية بلاده بأنه قصير النظر وحكم بالإعدام على ملايين اليمنيين الذين يعانون من سنوات الحرب، وقال مورفي على تويتر “سيؤدي هذا القرار إلى قطع المساعدات الإنسانية ، وجعل محادثات السلام شبه مستحيلة.
من جهته ندد عضو الكونغرس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب جريجوري ميكس بهذا التوجه وقال إنه “يعرض حياة الشعب اليمني للخطر”، مضيفًا: هذا القرار ضربة مدمرة لآفاق السلام وتحريض متهور لمزيد من المعاناة فيما يعد بالفعل أكبر أزمة إنسانية في العالم”.
من جهة ثانية دعا سكوت بول، قائد السياسة الإنسانية في منظمة أوكسفام أمريكا، بايدن إلى إلغاء هذا الأمر فيما لو تم إقراره فور توليه منصبه، واصفًا بأن اتخاذ هذه الخطوة ستعود بنتائج عكسية لجهود السلام.
وقال بول في بيان “كل يوم تبقى فيه هذه التصنيفات سارية المفعول سيزيد من معاناة الناس في اليمن. ونقل موقع ميدل ايست عن منظمة ” اكسب دون حرب” الشعبية مخاوفها والتي قالت إن التصنيف “ليس أكثر من محاولة ساخرة أخيرة لمنع إدارة بايدن من عكس مسار ترامب الكارثي في اليمن.
مشكلة لأمريكا
قال المحرر الأول بصحيفة ” نيوز ويك” الأمريكية ديفيد برينان في مقال نشرته المجلة أن ما يقوم به الرئيس الأمريكي ترامب هو الهدية الأخيرة لدعم السعودية التي تقود حربًا على اليمن منذ أكثر من خمس سنوات، وبالمقابل تهدف هذه الخطوة إلى إعاقة الرئيس المنتخب جو بايدن في مهامه السياسية القادمة والمتراكمة.
فيما قال بيتر سالزبري ، كبير محللي شؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، حسب صحيفة ” نيوز ويك” إن التصنيف “يهدد بمعاقبة جميع اليمنيين بشكل جماعي من خلال التسبب في مجاعة لها عواقبها الكارثية.
من جهتها قالت صحيفة ”الغارديان” إن توجه ترامب سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد التي مزقتها الحرب. وذكر تقرير الصحيفة الذي كتبه “بيثان مكيرنان” مراسل الشرق الأوسط، تصريح وزير الخارجية البريطاني السابق: “آخر ما يحتاجه اليمنيون هو المزيد من توقف المساعدات والتدفقات الاقتصادية”. وقال مدير المجلس النرويجي للاجئين في اليمن، محمد عبدي، إن هذه الخطوة “ستعرقل قدرة وكالات الإغاثة على الاستجابة” للوضع السيئ بالفعل.
وقال إن الاقتصاد اليمني المتعثر سيتلقى ضربة مدمرة أخرى، “إن إدخال الغذاء والدواء إلى اليمن – وهي دولة تعتمد بنسبة 80% على الواردات – سيصبح أكثر صعوبة”. من جانبه وصف سفير الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق إلى اليمن “جيرالد فيرستين”، بـ”الخطأ الكبير”.
وقال الدبلوماسي الأمريكي لـ”سي إن إن” إن الإقدام على هذه الخطوة يعتبر “مشكلة لأمريكا أكثر من كونه مشكلة بالنسبة للحوثيين”. وتابع: بالنسبة للولايات المتحدة “سيجعل ذلك الأمور أكثر تعقيدا بالنسبة لأمريكا من ناحية لعب دور إيجابي في محاولات حل النزاع وإنهاء الحرب”، وفق المتحدث.
الثورة