يبدو أن قوات صنعاء انتقلت من مرحلة تطويق مدينة مأرب إلى مرحلة حسم المعركة الدائرة الآن على تخومها. هذا ما توحي به التطوّرات الأخيرة في جبهات محيط المدينة، حيث توشك الجبهة الجنوبية على السقوط تماماً، ليغدو اقتحام مركز المحافظة من خلالها، وتحديداً من مديرية وادي عبيدة، يسيراً، وبعيداً عن التسبّب بخسائر بشرية في صفوف النازحين، الذين لا تزال قوات المرتزقة تستخدمهم دروعاً بشرية.
لم تفلح كلّ الخطط العسكرية التي أقرّتها قيادة تحالف العدوان، أخيراً، في وقف تقدّم قوات الجيش واللجان الشعبية نحو مدينة مأرب. وعلى رغم الإسناد الجوّي الكثيف الذي تلقّته قوات المرتزقة، خلال المواجهات التي دارت في خلال الأيام الماضية في جبهات شمال مأرب.
إلا أن الجيش و”اللجان الشعبية” أحرزا تقدُّماً إضافياً في تخوم المدينة، وتَمكَّنا من نقل المعركة من جبهات شرق مديرية مدغل شمال مركز المحافظة، إلى غرب مخيّم السويداء الواقع في النطاق الجغرافي للمركز أيضاً. وفي موازاة ذلك، تَقدّمت قوات الجيش واللجان الشعبية في جبهات جنوب مأرب من ثلاثة محاور، وتَمكّنت من السيطرة على أكثر من 140 كيلومتراً في جبهات حريب وجبل مراد والعبدية.
وجاء هذا التقدّم في أعقاب هجمات نَفّذتها قوات المرتزقة، مسنودةً بطيران العدوان، في جبهات جنوب المدينة وشمالها. إذ شنّت تلك القوات، مساء الجمعة، هجوماً على مواقع الجيش واللجان” في منطقة العكد وأجزاء من وادي نخلا شمال المدينة، لتردّ الجيش واللجان الشعبية بعملية معاكسة تمكّنت في خلالها من السيطرة الكاملة على وادي نخلا وعلى نقطة نخلا وقرن ملبودة، مواصِلةً التقدُّم نحو الحمام الكبريتي الواقع عند تخوم مركز المحافظة.
استخدام النازحين دروع بشريه
واتّهم نشطاء حقوقيون في مخيّم السويداء، قوات المرتزقة، بتعريض الآلاف من النازحين لخطر الموت، بعد هروب عشرات الآليات التابعة لها إلى محيط المخيّم والاحتماء بالنازحين. وطالبوا السلطات المحلية والمنظّمات الدولية بسرعة إخلاء “السويداء” بعد اقتراب المواجهات منه.
وهي مطالباتٌ قوبلت بالتجاهل من قِبَل السلطات المحلية، التي عمدت، أيضاً، خلال الأيام الماضية، إلى نقل مليارات الريالات من العملة اليمنية من فرع البنك المركزي في مأرب إلى مدينة عتق في محافظة شبوة، الأمر الذي قوبل باعتراض قبائل مأرب التي احتجزت شحنة مالية مساء السبت كانت في طريقها إلى شبوة.
وكانت قوات المرتزقة قد حاولت، الأسبوع الماضي، نقل المعركة من تخوم مدينة مأرب إلى المديريات الواقعة شرقي مديرية بيحان التابعة لمحافظة شبوة، لكنها تَكبّدت خسائر مادية وبشرية فادحة، وأضاعت عشرات المواقع العسكرية في جبهات جبل مراد وحريب والجوبة والعبدية.
الجيش واللجان تسيطر على 72 كيلومتر
ووفقاً لمحافظ محافظة مأرب الموالي لصنعاء، اللواء علي محمد طعيمان، “فقد سيطر الجيش واللجان الشعبية خلال الأيام الماضية على 72 كيلومتراً من مديرية حريب، من اتجاه مديرية العبدية ومنطقة أبلح”.
وأوضح طعيمان أن “هذا التقدّم ضَيّق الخناق على قوات المرتزقة، بعدما تمكّنت قوات صنعاء العام الفائت من تأمين سبع مديريات، وفرضت وجودها بشكل كبير في خمس مديريات محيطة بمدينة مأرب، وذلك من أصل 14 مديرية”. وبيّن أن “الجيش واللجان لم تعد أمامهما سوى مديريتين فقط لحسم كلّ محافظة مأرب، وهما أصبحا موجودَين في أطراف المدينة”.
وخاضت قوات الجيش واللجان الشعبية، التي سبق لها أن تَقدّمت في مناطق الصنف والمعود وسيحلة والدورة والموجاء وهضبة الصوملة ومنطقة البديع في مديرية جبل مراد خلال الأسابيع الماضية، مواجهات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة مع قوات المرتزقة في عدد من مناطق المديرية نفسها في الأيام الفائتة.
وانتهت تلك المواجهات إلى سيطرة الجيش واللجان” على منطقة الصفراء، وتَمكُّنهما من استعادة منطقتَي الخربا والحدبا الاستراتيجيّتَين المطلّتَين على سائلة بقثة وسط جبل مراد، بعدما كانت قد استعادتهما قوات المرتزقة مطلع الشهر الجاري. كما توغَّل الجيش واللجان الشعبية، خلال اليومين الماضيين، في مناطق جديدة في المديرية كمنطقة الصفراء، باتجاه مواقع المرتزقة في منطقة الوقل.
كذلك، أكدت مصادر قبلية، تمكُّن الجيش واللجان” من السيطرة على مناطق واسعة في مديرية حريب في مأرب، شمال مديرية بيحان التابعة لمحافظة شبوة. ولعلّ من أبرز تلك المناطق الضيق الكبير وذيوجان ونقيل المثفر وعقبة أبلح، فضلاً عن منطقة المزاحم المطلّة على مدينة الجوبة.
وأشارت المصادر إلى تقدّم الجيش واللجان الشعبية في مختلف المديريات المتاخمة لمدينة مأرب من أكثر من اتجاه، موضحة أن ذلك سيسهّل تقدّمها صوب المجمّع الحكومي، وخصوصاً أنها حَقّقت سيطرة واسعة في محيط المدينة، واستطاعت الأسبوع الماضي انتزاع مناطق واقعة بعد حزمة بادي وحزمة آل زيع في مديرية مدغل غربي مركز المحافظة.
تعطيل ملف الأسرى
في المقابل، وبعد توجيهها قوات المرتزقة بوقف أيّ عملية لتبادل الأسرى مع صنعاء، وتسبُّبها جرّاء ذلك بتعطيل 10 صفقات كانت قد أُبرمت فعلاً، عرضت قيادة “تحالف العدوان” إغراءات مالية كبيرة على القيادات المرتزقة في مأرب، ودعمت زعماء قبائل موالين لها بعشرات الملايين لحشد المسلّحين القبليين في مناطق مراد وعبيدة، إلا أن تلك الخطوات جميعها لم تفلح في إعادة اللحمة إلى جبهات مأرب.
وقد أدّت إلى وقوع صراعات قبلية، توازياً مع استمرار الانشقاقات العسكرية الكبيرة في أوساط قوات المرتزقة، التي أعلن أكثر من 300 من مجنّديها أخيراً انضمامهم إلى قوات صنعاء. يضاف إلى ما تقدّم، قيام تنظيم “القاعدة”، الثلاثاء الماضي، باختطاف ضابط سعودي كبير بعد استدراجه إلى وادي عبيدة، ليتمّ الإفراج عنه أواخر الأسبوع الفائت بوساطة قبلية، مقابل فدية مالية تجاوزت 500 ألف ريال.
(رشيد الحداد- جريدة الأخبار)
عملية عسكرية لإستهداف صغير بن عزيز
على ذات السياق، افادت مصادر قبلية بمأرب عن عملية عسكرية للجيش واللجان الشعبية، يوم أمس الثلاثاء، استهدفت رئيس أركان المرتزقة صغير بن عزيز، وفريق العمليات المشتركة التابعة لمرتزقة العدوان.
وأكدت المصادر بأن رئيس أركان المرتزقة صغير بن عزيز، كان زائر لجبهة الرحبة بجبل مراد وعند وصوله الى مؤخرة المرتزقة “عند الخيام” قام استطلاع بالشرح والتوضيح لصغير عزيز حول مجريات المعركة، وفي الاثناء استهدفتهم مدفعية الجيش واللجان الشعبية.
كما أكد المصدر أن الضربة أصابت هدفها بدقة، ونتج عنها مصرع العديد من المرتزقة اضافة الى عدة جرحى.