تتزايد يوما بعد يوم المطالب الشعبية المنددة بتواجد دول تحالف الحرب على اليمن وبسط نفوذها وكذا بالفساد الحاصل بالمحافظات الجنوبية بشكل عام وبمحافظة عدن على وجه الخصوص والمطالبة أيظا بنفيذ المشاريع الخدمية وتوفير الخدمات العامة للمواطنين ، ويأتي ذلك في ظل انعدام شبه تام لمياه الشرب في أغلب أحياء محافظة عدن وانقطاع التيار الكهربائي لساعات في تلك المحافظات اليمنية الجنوبية.
كما اتسعت رقعة الأصوات التي تطالب بإنهاء ما يصفه الأهالي بعبث وفساد الشرعية المدعومة من تحالف الحرب على اليمن ، حيث ينتقد سياسيون وعسكريون وإعلاميون بشكل عبث وفساد الحكومة اليمنية العائدة من الرياض، وكذا المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا وكذلك الفساد السياسي والتخريبي الداعم للإرهاب، حد قولهم.
وقالوا أن الفساد لم يعد يطاق السكوت عنه، وبات يهدد البلاد والمواطن الذي ينعكس عليها هذا الفساد سلبيا، ودعوا إلى تحرك شعبي وكذلك تحرك للمجلس الانتقالي، لمواجهة فساد الشرعية، ودعوة أخرى للتحالف لإدراك حقيقة الفساد وما يترتب عليه من معاناة وفشل.
سياسيون ونشطاء كتبوا عن أبرز عمليات الفساد لقوى نفوذ داخل الشرعية، والتي ،بحسب كلامهم ، أهدر فيها المال العام، وصرف في غير موضعه.
وفي هذا الصدد قال عضو الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي وضاح بن عطية : “تخيلوا أن الشرعية قامت خلال السنوات الماضية بتعيين أكثر من ٣٠٠ وكيل ومستشار جالسين في الفنادق لا يقومون بأي عمل ويستلمون رواتب بالدولار وكل واحد منهم يستلم راتب أكثر من ٤٠ مدرس!” ، مضيفا : “الواحد يستلم راتب أكثر من ٤٠ مدرس وفي الأخير يقولون لا يوجد ميزانية نصحح وضع المدرسين”.
من جانبه يرى السياسي والقيادي بالحراك الجنوبي محمد النعماني أن انصياع الانتقالي للإمارات وحكومة المحاصصة للسعودية جعل مسألة اتخاذ القرار لدى هؤلاء منعدمة وبالتالي لا يمكن لهم أن يحققوا تطورا وتنمية بالمحافظات الجنوبية لأن ذلك مخالف لإرادة دول تحالف الحرب على اليمن .
بدوره قال الناشط بالحراك الجنوبي توفيق باوزير : “في الوقت الذي توقف صرف رواتب منسوبي وزارة الداخلية نشاهد وزارة الداخلية بحكومة هادي تسخر خزينة الوزارة، وصرف 3 مليار ريال، لدعم مجاميع مسلحة اتهمها لإثارة الفوضى في أرجاء محافظة عدن بين الحين والآخر كما أن ارتباطه الوثيق بقيادات القاعدة في أبين وفر لهم الحماية والدعم المالي” حد قوله .
واضاف باوزير : “لقد طال الفساد المؤسسة العسكرية وجعل ينخر في جسدها حتى أصبحت هشه لاتقوى على مجاراة المرحلة ، مشيرا إلى أن قوات مايسمى بالشرعية يضم 120ألف أسم وهمي لا وجود لهم”.
إلى ذلك قال الصحفي راجح العمري : ” إن إصرار المتنفذين في حكومة وقيادات هادي على إطالة معاناة المواطن بعدن ورفضهم المستمر بفتح باب المنافسة الحرة لاستيراد المشتقات النفطية دليل واضح وصريح كفيل بكشف نوايا المتنفذين للهيمنة على رأس مال الدولة واستخدام تلك الأموال التي يقبضونها في مصالح خاصة، وأشار إلى أن التاجر المتنفذ أحمد العيسي الذي يحتكر المشتقات النفطية، عليها ضرائب تقدر 750مليار لم يدفعها، وهذه جزء من فساد قوى نفوذ أخرى في الشرعية”.
وفي الوقت الذي ذكر سياسيون ونشطاء إلى أبرز مظاهر الفساد المالي والإداري، فقد لفت هاني نجل الرئيس الجنوبي علي سالم البيض، إلى الفساد السياسي، الذي قال إن سببه الإخوان، ويهدف الان إلى هزيمة السعودية والرئيس اليمني المقيم بالرياض عبدربه منصور هادي نفسه.
مراقبون يرون الصبر على فساد حكومة هادي والانتقالي ودول تحالف الحرب على اليمن الداعمة لهما لم يعد يطاق وأنه لا بد من تحرك شعبي لرفع المعاناة التي يتسبب بها فساد وعبث الشرعية.
سكان محليون يقولون أن عدن والمحافظات الجنوبية تبدو اليوم مُنهَكة تماماً. وتشير الكثير من المباني المُدمّرة في المدينة إلى عجز حكومة هادي والانتقالي عن إعادة الأمور الى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب على اليمن ، حالُها في ذلك حالُ الرئيس المقيم بالرياض عبدربه هادي الذي لا يملك حتّى قرار العودة إلى محافظة عدن التي يرأسها.
المُلفت في الموضوع هو استمراريّة هادي في السلطة الهجينة هذه رغم مرور سنوات على فترة رئاسيّة لم يكن من المفترَض أن تدوم أكثر َ من سنتيَن ،فالرجل ذو الـ75 عاماً الذي فرّ من صنعاء إلى عدن، ومنها إلى الرياض عبر مسقط في آذار/ مارس 2015، ما زالَ يُدار من العاصمة السعودية الرياض .
مراقبون يرون أنه لا وجود لمؤسّسة الرئاسة في عدن إلّا في نطاق مساحة صغيرة في ناحية نائية من المدينة على البحر حيثُ يوجد القصر الرئاسي في منطقة معاشق في مديرية كريتر، وهو مكان استراتيجيّ محصّن في نهاية منطقة حُقّات الجبلية ومُطلٌّ على البحر، وتحاصره بغرض حراسته قوَّة سعوديّة وتقطنه حكومة هادي او مايسمى بحكومة المحاصصة وتتقاسم الحكومة سلطتَها مع المجلس الانتقالي الذي يسيطر على جزء آخر من المعسكرات في عدة مديريّات في المدينة مدعوماً بذلك بقوات ألوية الحزام الأمني التي ساندته في صراعه مع حكومة هادي نهاية يناير 2018.
وفي مشهد كهذا، يبدو وضع اللا دولة الماثل في عدن وكأنّه مستدام. ولا أحد يعلم متى يُمكن أن ينتهي، ولا متى يستطيع الرئيس اليمنيّ المقيم بالرياض ترك الرياض والعودة إلى بلاده ليستقرّ فيها.و تبدو الأمور وكأنّه اعتاد على هذا الوضع وارتاح له.
وعن فساد الشرعية وعلى سبيل المثال لا الحصر
كشفت مصادر مطلعة في شركة النفط اليمنية بعدن أن إدارة مصافي عدن عازمة على فرض جبايات مليارية بحق الشركة والتجار المُورِّدين وموزعي المشتقات النفطية، مُتذرِّعة بمستحقات وأجور عمال المصافي.
وأوضحت المصادر أن إدارة مصافي عدن تُحاول إقرار فرض رسوم مقابل خروج المشتقات النفطية، حيث من المُزمَع أن ينصَّ القرار على تحصيل 20 دولاراً مقابل كلّ طن يتم ضخه عبر المنشأة تحت مُسمّى تغطية النفقات التشغيلية ومرتبات العاملين في المصافي.
المصادر أشارت إلى أن منشأة مصافي عدن تضخ ما يُعادل 450 ألف طن شهرياً من البترول والديزل والمازوت، وتسعى لجباية أكثر من تسعة ملايين دولار، أي ما يُعادل ثمانية مليارات ريال يمني شهرياً، مؤكِّدين أنّ من المستحيل أنْ تبلغ نفقات المنشأة التشغيلية وأجور العاملين هذا القدر من المليارات.
وقالت المصادر إن الجبايات التي تحاول مصافي عدن فرضها من شأنها مُفاقمة أزمة المشتقات النفطية وأسعار المحروقات التي سيتم تحميلها على متوسط ميزانية الأسرة، بالإضافة إلى فتحها مجالات فساد أخرى في المنشأة التي تشهد تنامياً في عمليات الفساد وصلت حد استحداث مساكب وأنابيب جديدة بطريقة غير مشروعة.
يُشار إلى أن الصحفي جلال الشرعبي المُقرّب من السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر كان قد كشف عن مساعي إدارة مصافي عدن لتحقيق مكاسب شخصية، مؤكِّداً أن صفقة مشبوهة وقّعتها المصافي مع مصرف اليمن والبحرين الشامل، تقضي بتوريد أكثر من 70 ألف طن من المشتقات النفطية لكهرباء عدن بتخفيض يبلغ 150 دولاراً في الطن الواحد، مقابل عمولات قد تصل إلى نحو 10 ملايين دولار يتقاضاها مسؤولون في المصافي وحكومة هادي والمجلس الانتقالي.
وبحسب تقارير محلية ودولية فإن ذات الشيئ يتكرر والفساد ذاته موجود في محطة كهرباء عدن وموانيئ عدن والمكلا وطيران اليمنية وقطاع المياه وقطاع التربية والتعليم والصحة ومختلف القطاعات الخدمية وهو الأمر الذي تسبب بوجود غضب عارم لقيادات جنوبية وقيادات فيما يسمى بالشرعية .
_______
رفيق الحمودي