في مؤامرة جديدة، زادت الرياض إنتاجها النفطي وصادراتها بمقدار مليون برميل يومياً ووصلت الصادرات النفطية إلى أكثر من 13 مليون برميل يومياً خلال الـ 12 مارس 2020م، بسبب التوترات مع موسكو، وبهدف إلحاق ضرر بالاقتصاد الإيراني.
ولكن بسبب تفشي وباء فيروس “كورونا” والركود الاقتصادي الحاد الذي خلفه هذا الوباء في العالم وإغلاق المصانع والصناعات، كانت تلك الخطوة السعودية مجرد حماقة لأنه مع تنفيذ “آل سعود” لتلك المؤامرة، هبط سعر النفط العالمي فجأة ولامست بعض الأسواق سعر الصفر دولار للبرميل الواحد. وأعلنت الأسواق الأمريكية أنها ستدفع 37 دولاراً للبرميل، ما يعني أنه في أسواق أمريكا، انخفض النفط إلى اقل من 37 دولاراً.
وحول هذا السياق، قال وزير المالية السعودي “محمد الجدعان”: إن “السعودية ستتخذ إجراءات تقشفية لخفض الإنفاق العام، وأن الرياض تستعد لطلب قرض غير مسبوق بقيمة 220 مليار ريال (59 مليار دولار) هذا العام، بزيادة قدرها 100 مليار ريال”.
وكشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن تعليق قطاع السياحة، الذي يساهم بنسبة 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسعودية، أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، حيث قدرت الهيئة العليا للحج والعمرة أن السياحة السعودية تكسب نحو 5.3 مليارات دولار إلى 6.9 مليارات دولار سنوياً ولكنها هذا العام فقدت هذا المبلغ بسبب تفشي “كورونا”.
كما تراجعت الاحتياطيات الأجنبية للسعودية بنحو 20 مليار دولار في أبريل الماضي، في حين انخفض صافي الأصول الأجنبية للشركات من 497 مليار دولار في نهاية فبراير إلى 473.3 مليار دولار في نهاية مارس.
سلسلة متكررة من القمع والسجل الأسود
سوف نذكر هنا بعض الاعتقالات التعسفية وجرائم القتل والقمع التي ارتكبها نظام “آل سعود” خلال عام 2020م.
لقد تم اعتقال عدد كبير من الأمراء السعوديين، أبرزهم الأمير “محمد بن نايف”، ولي العهد السابق، والأمير “أحمد بن عبد العزيز” شقيق الملك، في مارس 2020م.
اعتقال أبناء “سعد الجبري”، وهو مسؤول أمني سعودي فر إلى الخارج وهدد بفضح “محمد بن سلمان”. حيث قامت قوات الأمن السعودية بأوامر من “محمد بن سلمان” باعتقال ابنائه وهم “سارة” (20 عامًا) وعمر (21 عامًا) للضغط عليه وإجباره على العودة إلى المملكة.
قتل “عبد الله الحامد”، الناشط القانوني السعودي في سجنه في 24 نيسان الماضي. قتل “عبد الرحيم الحويطات” بسبب معارضته بيع منزله الذي تضمنه مخطط “نيوم”، ولقد وقعت هذه الجريمة في 15 نيسان الماضي، ولقد نفذ هذه الجريمة مساعد “محمد بن سلمان”.
استمرار التعدي على المناطق الشيعية وخاصة القطيف والعوامية واعتقال النساء ورجال الدين في هذه المناطق. وفي 9 كانون الأول الماضي، حاصرت قوات الأمن السعودية مسجد الإمام الحسين (ع) في منطقة “الزارة” جنوب مدينة العوامية الشيعية، ثم دمرته وهذا المسجد هو نفس المسجد الذي ألقى فيه الشهيد الشيخ “نمر باقر النمر” خطبة ضد نظام “آل سعود” وأمّ المصلين فيه.
في 14 ديسمبر الماضي، أطلق ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” حملة جديدة لاعتقال عدد من المسؤولين السعوديين بهدف قمع المعارضين المحتملين بحجة محاربة الفساد. الجدير بالذكر أن وضع حقوق الإنسان في السعودية طغى على القمة الافتراضية التي عُقدت في 21 و 22 نوفمبر الماضي خلال قمة مجموعة العشرين التي استضافتها السعودية.
وخلال تلك الفترة عارضت العديد من جمعيات حقوق الإنسان، حضور قادة العالم في هذا الاجتماع بسبب الإجراءات المناهضة لحقوق الإنسان في السعودية. وفي هذا السياق، كتبت جريدة “هاندلسبلات” الألمانية حول قمة مجموعة العشرين التي عُقدت هذا العام في الرياض: “إذا كان الوضع الحالي في العالم يحتاج إلى ظهور علامة لتؤكد على الاضطراب الحاصل فيه، فإن تلك العلامة هي ما رأيناها في قمة مجموعة العشرين التي عقدتها السعودية”.
هزيمة ترامب وكوابيس بن سلمان
لقد كانت هزيمة “دونالد ترامب” في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أهم شاغل للمسؤولين السعوديين عام 2020م؛ لأنهم رأوا أن كل نفقاتهم المالية والسياسية ضاعت عند خسارة “ترامب”. وفي هذا الصدد، حاول السعوديون لفت انتباه الرئيس الأمريكي المنتخب “جو بايدن” وذلك من أجل تغيير سياساته تجاه السعودية والتغاضي عن قضايا انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في هذا البلد.
لقد فشلت جميع جهود السعودية لحل الأزمة مع قطر وما يسمى بـ “المصالحة العربية”. ففي الـ20 نوفمبر 2020م، أعلن وزير الخارجية الكويتي “أحمد ناصر محمد الصباح” عن تحركات دبلوماسية لإنهاء الحصار المفروض على قطر الذي تم فرضه في يونيو 2017م من قبل السعودية ومصر والإمارات والبحرين عليها.
ولكن وفي ضوء الشروط الـ13 التي وضعتها الدول لإنهاء الحصار، بما في ذلك قطع العلاقات مع إيران وإغلاق قناة الجزيرة الإخبارية، يقول خبراء إنه من المستحيل التوصل إلى مصالحة في هذه المرحلة. كما أن الإمارات العربية المتحدة لديها خلافات مع السعودية حول قضايا مختلفة في المنطقة، بما في ذلك الأزمة الخليجية، ويبدو أن أبو ظبي لا توافق على المصالحة مع قطر.
كما أصدر البرلمان البحريني بيانًا يعارض أي تسوية مع قطر بحجة اعتقال عدد من الصيادين القطريين واتهمت المنامة جارتها قطر بالتآمر لقلب النظام في البحرين. على أي حال ، إن المصالحة بين السعودية وقطر لم تتحقق بالكامل في عام 2020م، ويبدو أن الأمر سيستغرق سنوات حتى تغفر قطر لجيرانها، وقد يستغرق الأمر سنوات حتى تثق تلك الدول المقاطعة بقطر مرة أخرى.
مؤامرات التطبيع العربي – الصهيوني
يمكن تصنيف تحركات المملكة العربية السعودية لجذب انتباه الحكومة الأمريكية وخدمة مصالح الصهاينة في عام 2020م على النحو التالي: إجراءات ولي العهد السعودي في مساعدة “ترامب” على إعلان خطة “صفقة القرن” المناهضة للفلسطينيين ومحاولة تنفيذها.
المساعدة في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ومحاولة تشكيل حلف ناتو عربي (بهدف مواجهة إيران) ووضع “حزب الله” اللبناني الذي يقاتل الكيان الصهيوني على قائمة الجماعات الإرهابية. إعطاء الضوء الأخضر للإمارات والبحرين لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وتقديم المساعدة في ملف الاتفاق السوداني مع الصهاينة.
التصريحات المعادية للفلسطينيين التي أدلى بها “بندر بن سلطان” السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة، والترويج للتسوية مع الصهاينة في وسائل الإعلام السعودية. فتح المجال الجوي السعودي أمام الرحلات الجوية الإسرائيلية في الـ2 سبتمبر 2020.
زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” إلى المملكة العربية السعودية ولقاءه بـ”محمد بن سلمان” في 22 نوفمبر الماضي. حذف محتوى مناهض للصهيونية من الكتب المدرسية لطلبة المدارس في السعودية في منتصف كانون الاول الماضي.
مستنقع اليمن إخفاقات السعودية
عشية نهاية عام 2020م وبعد أكثر من 5 سنوات هجوم قوات “آل سعود” على اليمن وقيامهم بارتكاب الكثير من المجازر وقتل الآلاف من المدنيين، لم تستطع السعودية إخراج “أنصار الله” من صنعاء ومن العديد من المناطق التي تسيطر عليها هذه الأخيرة في غرب وشمال اليمن. ولقد أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في نوفمبر 2020م، بمقتل 223 ألف شخص منذ اندلاع الحرب اليمنية.
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير الإخبارية، أنه في ظل التقدم الملحوظ الذي حققته قوات “أنصار الله” اليمنية في مأرب خلال الفترة الماضية، اتضح أن حرب اليمن تحتضر وأن السنة السابعة من هذه الحرب قد لا تكتمل، وأن اتفاق “ستوكهولم” قد انهار أو أنه أصبح في وحدة العناية المركزة وأن المملكة العربية السعودية خسرت هذه الحرب، وأن اليد العليا في هذه الحرب أصبحت لـ”أنصار الله”.
ولفتت تلك التقارير إلى أنه في مطلع 2020م استهدف أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية بشكل متكرر مواقع عسكرية سعودية في مختلف مدن البلاد. وذكرت تلك التقارير أن أبطال الجيش اليمني شنوا أيضا هجمات صاروخية خلال الفترة الماضية من داخل الأراضي اليمنية على مواقع حساسة داخل العمق السعودي.
وقد تكون الضربة الصاروخية التي نفذتها قوات “أنصار الله” في 23 نوفمبر على منشآت تابعة لشركة أرامكو السعودية باستخدام صاروخ “قدس 2″، أكبر ضربة عسكرية يمنية على المملكة العربية السعودية في عام 2020م.
وخلال الفترة الماضية هاجمت وحدة الصواريخ التابعة للجيش اليمني أيضا محطة توزيع النفط التابعة لشركة أرامكو، وهي شريان حيوي للاقتصاد السعودي على مشارف ميناء جدة، مما قلص الإنتاج السعودي من النفط إلى النصف.
ولطالما أفاد مراقبو الحرب اليمنية بأن ميزان الحرب أصبح لصالح قوات صنعاء وأصبحت ساحة المعركة مستنقعًا للمحتلين السعوديين الإماراتيين.