انفجارات واشتباكات وهلع وارتباك أمني، تسيد مشهد وصول وزراء حكومة الارتزاق التي شُكلت في الرياض وأدت اليمين الدستورية في إحدى فنادقها، وزامنت الانفجارات مع وصول الطائرة التي تقل العائدين من الرياض.
تفجيرات مطار عدن الأمس خلطت الأوراق من جديد بعد البهرجة الدعائية من قبل أطراف الارتزاق حول واقع مختلف أنتجه الاتفاق، لكن التفجيرات عكست الصراع العدائي المتأصل بين طرفي الارتزاق والعمالة.
وتزامنت التفجيرات مع وصول وزراء الارتزاق مطار عدن، والتي استقر بهم الحال في قصر معاشيق، لكن محللون يرون أن بقاءهم ينذر بجولة جديدة من الصراع الدموي قد تغرق عدن والمحافظات المحتلة في أتون واقع دموي يهدد حياة المئات من المواطنين.
من الداخل
ووثق ناشطون لحظات انطلاق الصواريخ التي استهدفت المطار، وأظهرت الفيديوهات لحظة انطلاق الصواريخ تباعا من إحدى مناطق المدينة، وأصوات الصواريخ متبوعة بالأدخنة المتصاعدة أثناء الانطلاق، كما تداول الناشطون فيديوهات أخرى لحظات وصول الصواريخ إلى المطار.
في حين أكد موقع “الأيام” الإخباري وفقاً لمصادر خاصة، أن الصواريخ انطلقت من المنطقة الخضراء في مديرية دار سعد بمدينة عدن، وأكد مصدر محلي في مطار عدن الدولي أن ميليشيا الإمارات صادرت الرسيفرات الخاصة بأجهزة المراقبة في المطار، قبل يومين من عودة “حكومة الفار هادي” إلى المدينة، دون ذكر الأسباب.
يُذكر أن الإمارات كانت قد سحبت منظومة الدفاع الجوي من مطار عدن، بعد قيام “الانتقالي” بطرد “حكومة هادي” من عدن في أغسطس 2019م بعد حرب شوارع شهدتها المدينة انتهت بسيطرة الأخير على كافة المعسكرات والمقرات بما فيها معاشيق.
قوة الاجندات
يؤكد القيادي الجنوبي سمير المسني- عضو المكتب التنفيذي لملتقى التصالح والتسامح الجنوبي- أن قوى الاحتلال وضعت سيناريو لمرحلة قادمة من إدارة الصراع بما يضمن لها السيطرة، ويبعد عنها مخاطر أن تفقد ما تخطط له.
القيادي المسني قال لـ”الثورة” في معرض حديثه تعليقا على أحداث الأمس- «ما حدث في مطار عدن الدولي من انفجارات هزت منطقة خورمكسر والمناطق القريبة منها ماهو إلا سيناريو جديد لقوى الاحتلال ( السعودية والإمارات ) لتفجير الوضع العسكري وتحويل المحافظات الجنوبية إلى ساحة حرب واقتتال بين الجنوبيين ( صراع جنوبي- جنوبي ) حتى يتسنى لها تمرير أجنداتها القادمة عبر هذا الصراع الدموي».
وأضاف عضو المكتب التنفيذي لملتقى التصالح والتسامح الجنوبي: «قوى الاحتلال لم تكتف بما حدث ويحدث في جبهة وادي سالم والطريه في محافظة أبين ؛ وإلا كيف يمكن تفسير إصرار السعودية والإمارات على عودة الحكومة في هذا الظرف بالذات والأوضاع متأزمة للغاية في عدن من انتشار كثيف لقوى المجلس الانتقالي ومن أحزمة أمنية وغيرها، وبالمقابل تواجد ألوية الحماية الرئاسية في معاشيق وما جاورها والكل واضع يده على زناد البندقية وفوهات المدافع على استعداد لتدمير المدمر؛ نحن على إدراك تام بأن ما يحصل سوف يؤدي إلى انفجار الوضع برمته في الداخل وخصوصا محافظة عدن».
وأكد المسني «أن الخاسر الأكبر هو المواطن الجنوبي».. داعيا «إلى تفويت الفرصة على أعداء اليمن وعدم الانجرار خلف قوى العدوان».. وأضاف «كما أطالب جماهيرنا في المحافظات الجنوبية المحتلة إلى الاصطفاف جنبا إلى جنب وتوحيد الكلمة وحمل السلاح نحو العدو الرئيسي ( الإمارات والسعودية ) فكفى صمتاً وتخاذلاً فالتاريخ لا يرحم ؛ اللهم إني بلغت اللهم فاشهد».
تفجيرات أخرى بالتزامن
استنكار القيادي الجنوبي المسني لتوقيت وصول حكومة العمالة والارتزاق، والأيادي على الزناد، أعقبه بساعات قليلة وقوع ثلاثة انفجارات استهدفت قصر معاشيق الذي قيل انه جرى نقل أعضاء «حكومة المنفى العائدة» إليه بعد انفجارات المطار، ما يشير إلى الإصرار على تفجير الوضع في المدينة، كما أشارت إلى ذلك ردود أفعال مختلفة.
إلى وقت متأخر من مساء أمس كان أعداد الوفيات من ضحايا الانفجارات تتزايد بفعل خطورة بعض الإصابات، كما أفاد بذلك موظفون في وزارة الصحة بعدن.
وناشد الرئيس الأسبق علي ناصر محمد المجتمع الدولي إيقاف ما وصفه بـ”الحرب العبثية”، مؤكداً أن في استقرار اليمن استقراراً للمنطقة والعالم.. وقال في منشور له عقب التفجيرات التي ضربت مطار عدن: “لقد حذَّرنا منذ بداية الحرب ٢٠١٥ أنها ستطول ولن تُحسم بثلاثين يوماً أو ثلاث سنوات، ونحن اليوم على مشارف العام السابع لهذه الحرب، وحينها تعرضنا للنقد والهجوم من قبل تجار الحروب الذين لا يريدون.
نهاية لهذه الحرب لأن في نهايتها نهاية لمصالحهم في اليمن والمنطقة”، واعتبرت الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، التفجيرات في مطار عدن بأنها تثبت أن الإرهاب متصالح مع الإمارات ومليشياتها.
ضحايا
وقد أكدت مصادر متطابقة أن حصيلة ضحايا الانفجارات التي هزت عدن ارتفعت إلى 26 قتيلا و65 جريحا، وقدرت أن ترتفع حالات الوفيات نظرا لوجود حالات حرجة بين المصابين وأكدت أنها تتلقى العلاج والمتابعة الطبية في مستشفيات بمدينة عدن”.
فيما أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن مقتل أحد موظفيها في الانفجار كانت عائدة من صنعاء إلى بيروت.
إلى ذلك أكد مدير مطار سيئون الدولي تحويل الرحلات الجوية المقرر وصولها إلى مطار عدن، إلى مطار إلى مطار سيئون بعد تأثر مطار عدن بحادثة الانفجار التي تعرض لها.
وضع منهار
يأتي هجوم الأمس على وقع تحركات عسكرية ووضع أمني غير مستقر تشهدها عدن والمحافظات المحتلة، فقبيل ساعات من الهجوم الذي استهدف مطار عدن الدولي، شوهدت قواطر محملة عدداً من الأطقم والمدرعات العسكرية غادرت مدينة عدن صباح أمس صوب محافظة أبين، وبحسب المصادر للصحيفة فقد شوهدت القواطر وهي تمر بنقطة العلم في طريقها إلى زنجبار.
فيما اغتال مسلحون مجهولون مساء الأحد ضابطاً يتبع قوات طارق محمد صالح وهو على متن سيارته نوع هيلوكس بالقرب من شارع المهندسين بالشيخ عثمان في عدن.
ويؤكد محللون أن حكومة هادي باتت أمام اختبار صعب بعد تعليق المواطنين الآمال على عودتها، لاستقرار الوضع الاقتصادي والأمني، وإنقاذهم من الخوف وشبح المجاعة الذي يقترب كل يوم من مجموعة جديدة منهم.