توجيهات حكيمة من قائد الثورة بترك الباب مفتوحاً أمام الراغبين في العودة فالوطن يتسع لجميع أبنائه، الانشقاقات والتصدعات في صفوف قوى العدوان ليست جديدة، فقد بدأت منذ وقت مبكر بسبب تناقض أجندة وأهداف ومطامع دول تحالف العدوان، لكن الجديد واللافت الذي شهده العام المنصرم 2020م هو تزايد موجة العائدين من صفوف تحالف العدوان إلى حضن الوطن مستفيدين من قرار العفو العام الذي صدر في العام 2016وتم تمديده بقرار من القيادة السياسية العليا.
ويبدو أن مخططات تحالف العدوان الخبيثة صارت تتكشف يوما بعد يوم ومرحلة إثر أخرى ما دفع الآلاف من المخدوعين لشد الرحال إلى صنعاء بعد أن صحت ضمائرهم، حيث تم استقبالهم والترحيب بهم.
وقد استقبلت العاصمة صنعاء طيلة أشهر العام المنصرم مجاميع كبيرة من المخدوعين العائدين من مختلف المناطق العسكرية الواقعة تحت سيطرة قوى العدوان وكذلك من الحد الجنوبي لمملكة العدوان، لكن الأسابيع الأخيرة من هذا العام شهدت تصاعدا كبيرا في موجة العائدين من المغرر بهم بينهم قيادات محاور وألوية وقادة كتائب في خطوة تؤكد أن هناك صحوة ضمير ومؤشر وعي كبير لدى المنخرطين في تشكيلات العدوان بعد إدراكهم العميق خبث ودناءة المخططات التي ينفذها تحالف العدوان وتستهدف حاضر ومستقبل اليمن ومصالح وثروات شعبه.
ومن أبرز العائدين خلال الأيام والأسابيع الماضية قائد ما يسمى بمحور آزال في باقم بصعدة العميد هاني الوصابي، وقائد الكتيبة الأولى في ما يعرف بـلواء الفتح بالجوف المقدّم رمزي الظاهري، اللذين عادا وبرفقتهما المئات من الضباط والجنود الذين سردوا في رواياتهم جوانب من المعاملة المهينة التي تعرضوا لها من قبل قوى الغزو والاحتلال والعدوان وخاصة أولئك الذين يخدمون في الحد الجنوبي، داعين بقية زملائهم إلى سرعة العودة إلى حضن الوطن خاصة بعد انكشاف الأهداف الحقيقية للعدوان وخدمته الصريحة للكيان الصهيوني.
ويقول مسؤولون عسكريون إن الجهات المختصة في مؤسسة الجيش تلقت مؤخرا طلبات من قبل عشرات القيادات العسكرية الموالية لتحالف العدوان وقيادات سياسية وحزبية وقبلية بالعودة .. مشيرين إلى أن هذه الموجة ليست الأولى خلال العام الجاري، لكنها الأكبر حيث استقبل المركز الوطني للعائدين، التابع لوزارة الدفاع في صنعاء خلال شهر ديسمبر المنصرم أكثر من 300 عائد بينهم قادة معسكرات وقادة كتائب وسرايا.
ونظراً لارتفاع أعداد طلبات العودة إلى صنعاء، والتخلّي عن القتال في صفوف قوى العدوان وخاصة في محافظتَي مارب والجوف، وكذلك في الحدّ الجنوبي للمملكة خَصّصت وزارة الدفاع في حكومة الانقاذ رقماً مجّانياً لاستقبال الراغبين في العودة إلى حضن الوطن واتّخذت عدة إجراءات لحماية العائدين في جميع النقاط التابعة للجيش واللجان الشعبية وقوات الأمن، كي لا يتعرّضوا للاحتجاز أو الاستهداف من قِبَل طيران تحالف العدوان الذي يسعى للانتقام من العائدين ومعاقبتهم جرّاء تخلّيهم عن القتال في صفوفه.
موجة الانشقاقات في صفوف العدوان تواصلت خلال الفترة الأخيرة ليلتحق قائد ما يسمى بلواء العز في محور الجوف العميد حمد راشد الحزمي- وهو رئيس مجلس قبائل دهم في محافظة الجوف- ومعه عشرات الجنود والضباط الذين وصلوا إلى صنعاء بأسلحتهم ومعدّاتهم العسكرية الحديثة.
وذلك بعد أيام فقط على استقبال ا25 من الجنود والضباط الذين كانوا مُرابطين في منطقة الخوبة السعودية، من بينهم ركن الاستخبارات فيما يعرف باللواء الثالث عروبة العقيد أحمد عباس السدعي، ونائبه المُقدّم عمار مصلح الحربي، ونائب ركن القوى البشرية الرائد محفوظ عبده المدية, إلى جانب العشرات من جنود ما تسمى المنطقة العسكرية السابعة وضبّاطها في جبهات محافظة مارب الذين اعلنوا تخليهم عن القتال في صفوف العدوان ووصل الكثير منهم إلى صنعاء.
وأكد مسؤولو حكومة الإنقاذ أن هناك توجيهات صريحة من قبل السيد /عبدالملك الحوثي -قائد الثورة بترك الباب مفتوحا أمام كلّ من يريد العودة إلى حضن الوطن، وفقاً لقانون العفو العام، انطلاقا من حقيقة أن الوطن يتسع لجميع أبنائه.
وبالتوازي مع موجة عودة الجنود والضباط المخدوعين إلى صف الوطن فإن وزارة الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني تلقت قرابة 60 طلباً لعودة سياسيين وقيادات في حكومة الفار هادي من الدرجتين الثانية والثالثة، وأعضاء مجلس شورى وشخصيات اجتماعية وإعلامية خلال الفترة الماضية، وبالفعل عاد الكثير منهم إلى صنعاء بينهم قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام على غرار القيادي المؤتمري ياسر اليماني وتمت معاملتهم بموجب قرار العفو العام.
وكانت العاصمة صنعاء قد استقبلت عدداً من الإعلاميين الموالين لتحالف العدوان وعدداً من الأسرى الذين أفرج عنهم بموجب صفقة التبادل التي أبرمتها الأمم المتحدة منتصف أكتوبر الماضي.
وقالت مصادر محلية في مارب أواخر اكتوبر الماضي إن خمسة من الأسرى المُفرَج عنهم والمحسوبين على حكومة الفار هادي عادوا إلى صنعاء قادمين من مدينة سيئون بعد أيام من الإفراج عنهم للعيش بين أسرهم وأهاليهم في العاصمة.
والتقى مدير دائرة التوجيه المعنوي في قوات صنعاء، المتحدث الرسمي باسم الجيش واللجان الشعبية العميد يحيى سريع مطلع الأسبوع الجاري أكثر من 300 عائد من ضبّاط وجنود، لافتاً إلى أن القيادة السياسية والعسكرية العليا أصدرت قرار العفو العام لكلّ مَن يرغب في العودة إلى الصفّ الوطني في إطار «الحرص على تفويت الفرصة على أعداء الوطن والشعب وحقن دماء اليمنيين».
وجَدّد سريع الدعوة لبقية المخدوعين الذين لا يزالون في صفّ التحالف إلى استغلال الفرصة والعودة والاستفادة من قرار العفو العام، مؤكداً أن هذه الفرصة لن تستمرّ طويلاً.
وينصّ قرار العفو العام الصادر عن المجلس السياسي الأعلى في 20 سبتمبر 2016م، والذي مدّده المجلس العام حتى 2020م، على إعفاء كلّ مدني أو عسكري شارك بالقول الفعل في جريمة العدوان.
وينطبق العفو على كلّ من صَوّب موقفه وعَدَل عن مساندة العدوان بالقول أو الفعل عائداً إلى وطنه خلال فترة نفاذ القرار، وكلّ مَن عَدَل عن القتال في صفّ العدوان وعاد اختيارياً إلى منزله أو مقرّ إقامته الأصلي، وكلّ مَن ترك القتال إلى جانب العدوان وانضمّ إلى صفوف الجيش واللجان الشعبية في مختلف الجبهات.
ومنح القرار العائدين حق ممارسة كامل حقوقهم السياسية والمدنية طبقاً لأحكام الدستور اليمني والقوانين النافذة، وقَدّم ضمانات بعدم ملاحقتهم قضائياً، مستثنياً العناصر الذين استجلبوا العدوان على الشعب اليمني، وكلّ مَن ارتكب جرائم ضدّ الإنسانية وساعد في تحديد الإحداثيات التي سَهّلت للعدوان استهداف وتدمير البنية التحتية وقتل المدنيين، وكلّ من ارتكب أو ساهم في ارتكاب جرائم إرهابية، وكلّ مَن شارك في سلب ونهب وهتك الأعراض، والسجناء الفارّين من السجون.
لذلك فقد مثَّل العام المنصرم عام صحوة الضمير والوعي الوطني المتزايد بمخططات العدوان ومؤامراته الخبيثة، ومن المتوقع أن تشهد الأيام والاسابيع القادمة من العام الجديد عودة المزيد من المغرر بهم إلى حضن الوطن والتكفير عن سنوات من الغي والضلال.