شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منذ الليلة الماضية وحتى صباح اليوم السبت سلسلة من الغارات الجوية على مواقع للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ما أدى إلى إصابة مواطنين اثنين وإحداث أضرار مادية كبيرة في مدينة غزة، في الوقت الذي تتوعد فصائل المقاومة الفلسطينية بالرد والردع السريع.
وبحسب وسائل الإعلام الفلسطينية فقد جاء قصف الاحتلال الإسرائيلي العنيف بزعم إطلاق صاروخين من قطاع غزة تجاه المستوطنات المحاذية للقطاع، فيما زعم جيش الاحتلال أيضاً أن القبة الحديدية تصدت للصاروخين قبل سقوطهما داخل المستوطنات.
ونُقل عن مصادر فلسطينية بقطاع غزة، القول: إن طائرات الاحتلال الإسرائيلي قصفت بـ5 صواريخ موقعا شرق حي التفاح في مدينة غزة، ما أدى إلى إصابة طفلٍ وشاب بجراح مختلفة إضافة إلى أضرار مادية كبيرة، كما أدى لانقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة في مدينة غزة.
وأضافت المصادر: إن القصف تسبب بأضرار كبيرة أيضاً لحقت بمركز تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة التابع لوزارة التنمية الاجتماعية إضافة إلى أضرار في مستشفى الدرة للأطفال في حي التفاح بغزة جراء قصف موقع للمقاومة.
وأشارت إلى أن قصف الاحتلال لموقع شرق حي التفاح أدى إلى أن اندلاع حريق في مكان الاستهداف فيما تمكنت طواقم الدفاع المدني من السيطرة عليه.
وفي المحافظة الوسطى بغزة، قصفت طائرات الاحتلال نقطة للضبط الميداني شرق مدينة دير البلح، بينما قصفت طائرات العدو بصاروخين أرضا زراعية شمال شرق مخيم البريج وسط القطاع.
وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أكدت أن القصف الذي شنّته طائرات إسرائيلية فجر اليوم، ألحق أضرارا جسيمة بمحتويات مستشفى حكومي للأطفال.. واستنكرت استهداف “قوات الاحتلال الإسرائيلي لمحيط مستشفى الدرة، بحيّ التفاح، شرقي مدينة غزة”.
وقالت الوزارة إن: “عشرات الأطفال المرضى، وأمهاتهم داخل المستشفى إلى جانب الطواقم الصحية، أصيبوا بالهلع، من القصف”.. مضيفة: إن القصف “تسبب بـإرباك العمل، وإعاقة تقديم الخدمات الصحية، وتحطّيم النوافذ فيما تناثر الزجاج داخل غرف المرضى والأقسام الحساسّة”.
وحذرت الوزارة من “انعكاسات نفسية خطيرة على الأطفال المرضى، الذين كانوا داخل المستشفى”.. ولم تبلغ عن وقوع إصابات، جراء هذه الغارات.
ويأتي هذا العدوان الإسرائيلي الهمجي في ظل ركب التطبيع المذل الذي تشهده المنطقة العربية، وفي الوقت الذي تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية طريقها في التحضر لمواجهة الاحتلال وتوحيد صفوفها حيث تمخضت اللقاءات بين فصائل المقاومة في غزة عن إيجاد “غرفة عمليات مشتركة” تصدر البيانات العسكرية الرسمية.
وإضافة إلى ذلك فقد تم الاتفاق على تحديد الأهداف المرحلية للمقاومة خلال المواجهات والحروب، بما في ذلك طرق توسيع المواجهة وآليات الضغط العسكري على الاحتلال، وبالتالي تكامل المهمات العسكرية بين الفصائل.
وبناء على ذلك فقد أعلنت غرفة العلميات المشتركة تنفيذ مناورة عسكرية أطلق عليها “الركن الشديد” تشارك فيها الفصائل كافة خلال الأيام المقبلة، والتي من المتوقع أن تبدأ غداً الأحد، وذلك “في إطار تعزيز التعاون والعمل المشترك بين فصائل المقاومة، وتجسيداً لجهودها في رفع جاهزيتها القتالية بصورة دائمة ومستمرة، ونتاجاً لحجم الاستعدادات القتالية التي تقوم بها”.
وأفادت مصادر بالمقاومة الفلسطينية بأن “أهمية هذه المناورة، في هذا التوقيت، تنبع من أنها تأتي وسط معلومات استخبارية وميدانية لدى المقاومة فحواها إمكانية إقدام الاحتلال على خطوة غادرة قبيل نهاية ولاية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ولذا فهي “تحمل هذه المناورة رسالة باستعداد المقاومة وقدرتها على الرد والردع”.
وبما أن هذه هي المناورة الأولى من نوعها في غزة، فهدفها إيصال “رسائل ردعية” للاحتلال فقد أصبحت وما تزال الشغل الشاغل لوسائل الإعلام العبرية التي قالت إن أجهزة الاحتلال الأمنية والعسكرية كافة ستراقبها.
وزعم بيان لجيش الاحتلال الإسرائيلي، نُشره “تويتر”، أنه قصف مواقع تتبع لحركة حماس، بينها “موقع لتصنيع الصواريخ، ونفق، وموقع عسكري”، وذكر أنه شنّ هذه الغارات، ردا على إطلاق صواريخ من قطاع غزة.. دون أن يورد مزيداً من التفاصيل.
وأعلن جيش الاحتلال، الليلة الماضية، اعتراضه صاروخين “أُطلقا من قطاع غزة” باتجاه المستوطنات المحاذية له، ولكن لم تعلن أي من الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، مسؤوليتها عن إطلاق الصاروخين.
فيما زعمت وسائل إعلام عبرية، أن المناورة التابعة للمقاومة “سيتخللها إطلاق صواريخ تجريبية نحو البحر، إلى جانب نشاط عسكري واسع النطاق”، وأعادت نشر تقارير سابقة حول خطط الاحتلال بخصوص غزة خلال الحرب المقبلة.. مذكرة بأن رئيس أركان هيئة الأركان العامة، أفيف كوخافي، يخطط لقتل 300 فلسطيني من (حماس) يومياً في الحرب المقبلة، مثلما ادعى.
وهذا بحسب مراقبين إن دل على شيء فهو يدل على تخوف الاحتلال من أي حرب مقبلة وإعلانه الاستعداد لقتل المدنيين وارتكاب المجازر وعدم الالتزام بأي من قواعد الحرب النزيهة.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي فقد وصل وسم أو هاشتاق (غزه_تحت_القصف) إلى الترند، والذي هاجم الناشطون فيه بشراسة الدول العربية التي وقعت اتفاقات العار بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.. متسائلين عن “السلام” المزعوم الذي تكلموا عنه وفائدة التطبيع مع العدو الإسرائيلي.
الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أكد في بيان لها، أنّ “شظايا صواريخ الاحتلال الإسرائيلي أصابت مستشفى أطفال ومركز تأهيل لذوي الحاجات الخاصة، وتسبّب قصف الطائرات الحربية بترويع المدنيين”.
ووصف قاسم، القصف الإسرائيلي بـ”الهمجي”.. مؤكداً أن هذه الجريمة لن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني، بل ستزيده إصراراً على التمسك بحقوقه المشروعة والنضال من أجلها.
من جهته قال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور يوسف الحساينة، إن “المناورة المشتركة للمقاومة الفلسطينية التي سيتم تنفيذها لأول مرة في قطاع غزة وسميت بـ”الركن الشديد” تحمل البشريات لشعبنا وأمتنا وتنظر إليها بعين الأمل والرجاء في توحيد الطاقات الفلسطينية لمواجهة المخاطر والتهديدات، وتحمل رسائل عدة”.
وشدد الحساينة في حوار له مع وكالة “فلسطين اليوم” الإخبارية، على أن قضية الأسرى لا زالت تحتل المكانة الأساسية في جدول أعمال المقاومة الفلسطينية، ومسألة تحريرهم من سجون العدو الصهيوني تعتبر أولوية.
وأشار إلى أن اتفاقيات “أوسلو” والانقسام الفلسطيني الداخلي، لصالح الكيان الصهيوني، والظروف السياسية الناتجة عنها، وفّرت البيئة السياسية المناسبة للعدو الصهيوني في توسيع مستوطناته.
وأكد أن فصائل المقاومة جزء من مشروع مقاوم مناهض ومعادي للكيان الصهيوني والسياسات الأمريكية في المنطقة تراكم قوته وحضوره رغم المؤامرات والحصار.
وختم الحساينة بالقول: إن التطبيع مع الكيان الصهيوني لن يُضفِ عليه الشرعية، وسيبقى كياناً طارئاً غريباً محتلاً، ولن يجلب لهذه الأنظمة الاستقرار حتى وإن انخرط معه في تحالفات أمنية وعسكرية لمواجهة قوى المقاومة، فهذا الكيان الذي يعاني من مأزق وجودي لا يمكن أن يمنح شرعية ولا استقرار لكيانات طارئة هامشية مستبدة.
بدوره أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل أن الغارات الإسرائيلية ضد قطاع غزة تدلل على مدى التخبط داخل قيادة الاحتلال الإسرائيلي التي تعيش أزمات سياسية وعسكرية لا سيما حل الكنيست والذهاب لانتخابات رابعة.
وقال المدلل في تصريح لإذاعة (صوت القدس): “إن الاحتلال الإسرائيلي يحاول أن يصدر أزماته السياسية لترويع أبناء شعبنا في قطاع غزة وكسر إرادة المقاومة خصوصًا في ظل التطور النوعي في إمكانيات المقاومة وهي ذاهبة لمناورة عسكرية مشتركة”.
وأشار إلى أن الاحتلال يحاول أن يخلط الأوراق في قطاع غزة إلا أن حكمة المقاومة تمنع ذلك من خلال منح الاحتلال فرصة لعدم تغيير قواعد الاشتباك.. مؤكدًا أن المقاومة اليوم وبشكلها المتطور فإنها تبث الرعب في قادة الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أن “طريق العز والنصر والعودة لا يأتي إلا من خلال التضحيات، وأبناء شعبنا لا زالوا يقدمون المزيد من التضحيات؛ لكن الزمن الذي كنا فيه نقصف ونقتل ونأسر وحدنا قد ولى دون رجعة، اليوم مع المقاومة تغيرت الأمور حيث فرضت على الاحتلال معادلة القصف بالقصف والقتل بالقتل”.
وأشار المدلل إلى أن الانقسام الفلسطيني أضر كثيرًا بالشعب الفلسطيني.. معرباً عن تمنياته أن تتم مصالحة فلسطينية تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته وحقه في مقاومة الاحتلال.
وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية في غزة استنكرت بشدة القصف الإسرائيلي لمناطق عدة في القطاع والذي أدى إلى استهداف مسجد الودود في حي التفاح شرق مدينة غزة، وقالت في بيان لها: إن القصف الإسرائيلي واستهداف مسجد الودود أدى إلى وقوع أضرار كبيرة لحقت بالمسجد.
وطالبت الوزارة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المختلفة باتخاذ مواقف جريئة إزاء الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، خاصة ما يتعلق بالاعتداء على المقدسات والمساجد ودور العبادة، كما أكدت على ضرورة محاسبة قادة العدو الإسرائيلي على هذه الجرائم.
بلدية غزة هي الأخرى أدانت قصف الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم، لخط المياه الرئيسي في شارع صلاح الدين المغذي للأحياء الشرقية من مدينة غزة الذي تعرض لقصف مباشر وأدى إلى تدمير جزء كبير منه.
وقالت في بيان لها إن الخط يبلغ قطره نحو 20 إنش ويغذي أحياء الشجاعية والدرج والتفاح والزيتون وأجزاء من حي الصبرة من آٔبار الصفا شمال المدينة.. مبينة أن أضراراً بالغة لحقت بالخط بطول نحو 50 متراً وكذلك في الشارع الذي تعرض لأضرار كبيرة.
وأضافت إن طواقمها شرعت على الفور في عملية إصلاح الخط.. متوقعة أن تستغرق أعمال الإصلاح نحو 48 ساعة من أجل إعادة ضخ المياه للمناطق المذكورة.
وطالب رئيس البلدية يحيى السراج المجتمع الدولي وكافة المنظمات الدولية والحقوقية للوقوف عند مسؤوليتها وتجنيب المدنين واستهداف المنشآت المدنية والإنسانية.. واعتبر أن استهداف مصادر الحياة كخطوط المياه تعد جرائم حرب يجب أن تتوقف.
ودعا كافة الجهات المحلية والدولية للوقوف عند مسؤوليتها ومساندة البلدية في ظل الأزمة التي تعاني منها لمنع توقف الخدمات الأساسية ومنع حدوث أزمة صحية وبيئية في المدينة.