تكبدت استثمارات دبي خسائر مالية قياسية تجاوزت 2.6 مليار دولار خلال ستة أشهر فقط وسط أزمة حادة تواجه الإمارة بفعل الانهيار الاقتصادي التدريجي.
وأظهرت بيانات مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية (الذراع الاستثماري لحكومة دبي)، امس الاول ، تسجيل خسائر خلال النصف الأول من سنة 2020 بقيمة 9.4 مليارات درهم (2.6 مليار دولار)، وسط هبوط الإيرادات.
كانت مؤسسة دبي سجلت أرباحا بقيمة 10.5 مليارات درهم (2.85 مليار دولار) خلال النصف الأول من 2019.
وحسب البيانات، هبطت إيرادات المؤسسة خلال النصف الأول بنسبة 31% على أساس سنوي، إلى 73.7 مليار درهم (20 مليار دولار).
وأشارت البيانات إلى تراجع ملموس في عائدات قطاعات النقل واستثمارات النفط والغاز، يقابله جزئياً ارتفاع في دخل الخدمات المصرفية والمالية التي تشمل “دينيز بنك” التركي.
وكان بنك الإمارات دبي الوطني -أكبر بنوك دبي- نفذ صفقة استحواذ على كامل أسهم بنك “دينيز” مقابل 15.48 مليار ليرة تركية (2.77 مليار دولار).
وذكرت المؤسسة أن صافي الخسائر يعود بأغلبيته إلى قطاع النقل، وبدرجة أقل إلى أنشطة الضيافة في القطاعات الأخرى.
وانخفضت أصول المؤسسة بنسبة 1% خلال النصف الأول على أساس سنوي إلى 1107.7 مليار درهم (301.6 مليار دولار).
وبلغت مديونيات المؤسسة نحو 869.5 مليار درهم (236.75 مليار دولار) خلال النصف الأول، لتحافظ على مستويات مماثلة للعام 2019.
كما تراجعت حصة المجموعة من حقوق المساهمين بنسبة 6.4%، إلى 191.5 مليار درهم (52.1 مليار دولار) خلال النصف الأول.
وقبل أيام أظهر تقرير دولي تدهور شديد في أعمال القطاع الخاص في إمارة دبي بحيث هبط النشاط إلى أدنى مستوى منذ أشهر وسط ارتدادات عنيفة للعقارات في ظل تفاقم أزمة اقتصاد الإمارات.
وأبرز مؤشر مديري المشتريات “آي إتش إس ماركت”، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، هبوط نشاط القطاع الخاص الشهر الماضي إلى أدنى مستوى منذ مايو/ أيار، حيث انخفض المؤشر إلى 49 نقطة مقابل 49.9 نقطة في أكتوبر/ تشرين الأول. وانخفاض المؤشر إلى ما دون 50 نقطة يشير إلى الانكماش.
وقد تدهور نشاط القطاع الخاص غير النفطي في دبي خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مع استمرار تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد على الطلب، وسط مخاوف من حدوث انتكاسة جديدة في التوظيف، حيث بدت أنشطة السفر والسياحة والعقارات الأكثر تضرراً من الأزمة.
وقال ديفيد أوين ، الخبير الاقتصادي في مؤسسة “آي إتش إس ماركت” للأبحاث: “ظهر انخفاض جديد في الإنتاج ونمو أبطأ في المبيعات عبر القطاع الخاص غير المنتج للنفط في دبي الشهر الماضي، مما يسلط الضوء على احتمال حدوث تراجع اقتصادي مزدوج ” من وباء كورونا وهبوط أسعار النفط.
وتراجعت المعنويات بشأن نشاط العام المقبل إلى مستوى قياسي منخفض جديد في نوفمبر/ تشرين الثاني، وسط مخاوف متزايدة بشأن تباطؤ التعافي الاقتصادي.
وكانت بيانات صادرة عن مركز دبي للإحصاء في نوفمبر/ تشرين الثاني، قد أظهرت تعمق الانكماش في الإمارة، بعد أن قبع تضخم أسعار المستهلكين في النطاق السالب للشهر الـ 23 على التوالي خلال أكتوبر/تشرين الأول.
فيما أعلن مصرف الإمارات المركزي آنذاك عن تمديد فترة تطبيق العناصر الرئيسية لحزمة التحفيز الاقتصادي، التي أطلقها تحت مسمى “خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة” حتى نهاية يونيو/حزيران من العام المقبل 2021.
وكشف المركز، عن تسجيل التضخم في دبي سالب 3.41% الشهر الماضي، بعد أن انخفض إلى 103 نقاط ، مقارنةً بـ 107 نقاط خلال أكتوبر/تشرين الأول 2019. وكان معدل التضخم قد دخل إلى النطاق السالب في الإمارة لأول مرة في نحو 4 سنوات في ديسمبر/ كانون الأول 2018.
والتضخم بالسالب يشير وفق تصنيف المؤسسات المالية الدولية، ومنها صندوق النقد الدولي، إلى تراجع النشاط الاقتصادي وتراجع الائتمان بسبب انخفاض المعروض النقدي، ما يؤثر بشكل ملحوظ على الإنتاج ويدفع للركود ويزيد من معدلات البطالة والتعثر المالي.
وتواجه الاستثمارات والقطاعات المالية والاستهلاكية والعقارية بشكل خاص صعوبات في ظل تراجع الإنفاق وتراجع الاقتصاد متأثراً بهبوط أسعار النفط، فضلاً عن الأضرار الناجمة عن جائحة كورونا منذ بداية العام الجاري.
وذكرت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية العالمية أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، أن اقتصاد دبي قد ينكمش “بشكل حاد” بنحو 11% في 2020، في ظل تضرره من انحسار السياحة والطيران بسبب جائحة كورونا، متوقعة أن تستمر الأضرار حتى عام 2023.