مع وصول قوات صنعاء إلى الضواحي الشمالية والغربية لمدينة مأرب، باتت وجهاً لوجه مخيمات تضمّ مئات آلاف النازحين، ولم ترتدع القوات الموالية لـ»التحالف» عن تلغيم بعضها في مسعًى أخير منها لمنع اقتحام المدينة. إزاء ذلك، تتمسّك «أنصار الله» بالحذر وسط حقل الألغام هذا، مؤكدة أن الحسم العسكري سيكون آخر خياراتها
تقترب قوات صنعاء، يوماً بعد آخر، من مدينة مأرب، وسط حالات انهيار متلاحقة في صفوف القوّات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي. وهي تمكّنت، خلال الأيام الماضية، من السيطرة على تبّة إيدات الراء الاستراتيجية شمالي المدينة، وتوغّلت في منطقة الفرع شمالي صافر، وسيطرت على عدد من المواقع في جبهتَي جبل مراد والمناقل جنوباً، كما أحرزت تقدّماً على الجبهات الغربية، لتجد نفسها أمام عدد كبير من مخيّمات النازحين المحيطة بالمدينة من الجهتَين الغربية والشرقية، والتي لم تَسلْم من زرع الألغام في محيطها من قِبَل قوّات هادي.
وبحسب مصادر قبلية، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن الجيش و»اللجان الشعبية» أصبحا على مقربة من عدد من المخيمات في محيط مدينة مأرب، كـ»الجفينة» الذي يقطنه أكثر من 40 ألف نسمة ويقع على مقربة من الخطوط الأمامية للمواجهات في المحيط الغربي للمدينة، و»ذنة» في صرواح والقريب من سدّ مأرب والذي يقع أمام خطوط التماس في كوفل، والسويداء والميل والخير، ومخيّمات أخرى تقع قرب منطقة أيدات الراء ونخلاء التي سقطت أخيراً بيد قوات صنعاء.
واتهم محافظ مأرب الموالي لصنعاء، اللواء علي محمد طعيمان، قوّات هادي، بتحويل مخيمات النازحين المنتشرة في الضواحي الشمالية والغربية للمدينة إلى دروع بشرية.
وقال، خلال اجتماع عقده مع قيادات الأجهزة الأمنية في المناطق المستعادة من قِبَل قوات صنعاء، إن «قوى التحالف عملت، منذ تحرير محافظة الجوف، على بناء مخيمات في غربي وشمالي غربي مأرب تحت مسمّى (نازحي الجوف)، لاستخدامها دروعاً بشرية»، مضيفاً إن «قوى العدوان تمنع النازحين في تلك المناطق من اللجوء إلى مناطق آمنة» بعد اقتراب طلائع الجيش و»اللجان» من أطراف المدينة. وأشار طعيمان إلى أن «لدى الأجهزة الأمنية في المناطق المحرّرة من مأرب معلومات عن زرع تلك القوات الألغام حول المداخل الغربية والشمالية الغربية للمدينة، ظنّاً منها بأنها ستكون طوق نجاة لها».
تكشف خريطة مخيمات النازحين في مأرب وجود نيّات مسبقة لتحويلهم إلى دروع بشرية
وكان عدد من القيادات القبلية في مأرب قد دعوا، الثلاثاء، قوات هادي و»التحالف» إلى تجنيب مخيمات النازحين ويلات الصراع، وعدم استخدام الورقة الإنسانية كأداة حرب. وفي هذا الإطار، أكّد الشيخ القبلي، محمد صالح المرادي، في منشور عبر صفحته في «فايسبوك»، أن «قوات هادي، بإسناد من التحالف، تتّخذ من مخيمات النازحين في صرواح ومداخل مدينة مأرب دروعاً بشرية بعد خسارتها مواقع استراتيجية في صرواح».
كما حذّر ناشطون في المجال الإنساني في مأرب من مخاطر محاولات قوّات هادي بناء خطّ دفاع جديد بالقرب من المخيّمات.
وقال عدد من هؤلاء إن تلك القوّات أقدمت، مسنودةً بالشرطة العسكرية، في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، على اقتحام مخيّمات النازحين في السويداء ونخلا، حيث حفرت الخنادق وبنت المتاريس، بعد أيام من فقدانها معسكر الماس.
وتَكشف خريطة مخيّمات النازحين في محافظة مأرب عن وجود نيات مسبقة لتحويل هؤلاء إلى دروع بشرية.
استخدام مخيمات النازحين كورقة أخيرة لإعاقة تقدم المجاهدين
ويرى مراقبون أن حكومة هادي تحاول، اليوم، استخدام تلك المخيمات كورقة أخيرة لإعاقة تقدّم قوات صنعاء صوب مدينة مأرب. وعلى رغم إخلاء 25 موقعاً للنازحين من المواقع العسكرية خلال الأشهر الماضية، وفق ما تفيد به تقارير «منظمة الهجرة العالمية» التي أكّدت أيضاً نزوح قرابة 90 ألف شخص من محافظتَي الجوف ومأرب إلى مناطق آمنة، إلا أن قوّات هادي منعت نزوح الآلاف من الأسر من المخيّمات المحيطة بالمدينة خلال الأيام الماضية.
إزاء ذلك، يعمل الجيش و»اللجان» على تجاوز حقل الألغام هذا من دون أيّ أضرار، وسلب حكومة هادي الورقة التي دأبت على استغلالها في الفترة الماضية لتعزيز الضغوط الدولية في اتجاه منع اقتحام مدينة مأرب. وعلى رغم التقدُّم الكبير لقوات صنعاء في ضواحي المدينة خلال الفترة الماضية، ووصولها إلى مناطق تتيح لها اقتحام مركز المحافظة من عدّة محاور، إلّا أن خيار الحسم العسكري لا يزال مستبعداً لاعتبارات إنسانية وأخرى اقتصادية.
ووفقاً لأكثر من مصدر، تتمسّك قيادة «أنصار الله» بتجنيب مأرب المدينة القتال، لكن في حال استمرار رفض الحلول السلمية من قِبَل الجبهة الموالية لـ»التحالف» فإن «الحسم العسكري سيكون خياراً أخيراً». وتختم المصادر بأن «قرار تحرير مأرب لم يعد قابلاً للنقاش، والمتاح حالياً فقط هو تنفيذ مبادرة السلام».
المصدر: الأخبار اللبنانية