المشهد اليمني الأول/
في ظلّ حالات انشقاق متواصلة في صفوف القوات الموالية لـ «التحالف» في محافظة مأرب، دفعت الأخير إلى التوجيه بالتحقيق في أسباب تلك الانشقاقات، تتابع قوات صنعاء عملية تطويق مركز المحافظة من الاتجاهات كافة، حتى لا تترك أيّ ثغرة يمكن من خلالها إعادة بناء «خطوط الدفاع» عن المدينة
تَقدّمت قوات الجيش اليمني و”اللجان الشعبية” في جبهات جنوب مأرب وشمالها وغربها خلال الأيام الماضية. وبعد معارك عنيفة خاضتها مع القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، تَمكّنت من إحراز اختراق جديد في جبهات جنوب مأرب، حيث نقلت المعارك إلى مناطق تقع بالقرب من سدّ مأرب.
كما واصلت القوّة الصاروخية التابعة لصنعاء توجيه ضربات شبه يومية ضدّ معسكرات التحالف السعودي – الإماراتي ومقرّاته في محيط المدينة. وعلى رغم فشل قوات هادي في بناء خطوط دفاع جديدة عن مركز المحافظة، تُجري الإمارات تحرّكات في الساحل الغربي لإرسال أربعة ألوية عسكرية من ميليشيات نجل شقيق الرئيس الراحل، طارق محمد عبد الله صالح، الموالية لها، للقتال في مأرب.
وهو التوجّه الذي أثار استياء حزب “الإصلاح” (الإخوان)، لكونه يستهدف ترجيح كفّة رئيس أركان قوات هادي، صغير بن عزيز، الموالي للإمارات، على كفة نائب الرئيس المستقيل الفريق علي محسن الأحمر، ووزير الدفاع في حكومة هادي محمد المقدشي.
وأفاد مصدر قبلي، “الأخبار”، بأن الجيش و”اللجان” خاضا معركة عنيفة مع قوات هادي المسنودة بمسلّحين قبليين وعقائديين في ثلاثة محاور جنوب المدينة، وتمكّنا من التقدّم في محور مديرية جبل مراد، حيث تجاوزا منطقة الحيد الاستراتيجية، بالتزامن مع تقدّم آخر في محور جبهة نجد المجمعة وجبهة رحوم خلال اليومين الماضيين. وأشار المصدر إلى أن قوات صنعاء سيطرت على مناطق واسعة في وادي أبلح وصولاً إلى عقبة أبلح، إضافة إلى المنطقة الفاصلة بين جبل مراد ومدينة مأرب.
كذلك، تَقدّم الجيش و”اللجان”، وسط غارات كثيفة من طائرات “التحالف”، في مناطق جديدة شمال المدينة. وبعد معارك عنيفة استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة، تَمكّنا من السيطرة على قرن خرفان ونقطة الميل شمال مأرب.
في هذا الوقت، تواصلت المواجهات في جبهات غرب المدينة، حيث سيطر الجيش و”اللجان” خلال الأيام الماضية على عدد من المناطق على رغم الدفاع المستميت من قِبَل قوات هادي، مسنودة بسلاح الطيران. ووفقاً لمصادر مطّلعة، فقد أحكمت قوات صنعاء سيطرتها على “معسكر الدفاع الجوّي” التابع لحكومة هادي بالقرب من معسكر تداوين، الذي يُعدّ المقرّ الرئيس لـ”التحالف” في محافظة مأرب، وهو ما ينذر بقرب سقوط “تداوين” خلال الأيام المقبلة.
وكانت مصادر مطّلعة تحدّثت عن انشقاق كتيبة في “معسكر الدفاع الجوي” لدى وقوع الأخير تحت حصار قوات صنعاء الثلاثاء الماضي، بينما ذكرت مصادر محلّية أن تلك القوات تمكّنت من السيطرة على كامل منطقة الحزمة منتصف الأسبوع الفائت، موضحة أن هذه المنطقة تُعدّ الأقرب إلى ضواحي مدينة مأرب.
في المقابل، حاولت قوات هادي، الإثنين الماضي، إحداث اختراق جديد في جبهة مدغل غرب المدينة، مسنودة بعشرات الغارات الجوية، وتَمكّنت من السيطرة على منطقة الخريبة، وحاولت الاقتراب من الكنب، لكنها قوبلت بالتفاف عسكري للجيش و”اللجان الشعبية” من منطقة الكسارة ومناطق أخرى كالفتيحة والصفيرا في مديرية مدغل، أدّى إلى محاصرة لواء عسكري كامل، توازياً مع تقدّم قوات صنعاء أكثر من 10 كيلومترات في المنطقة نفسها، لتصل إلى منطقة السمرة الواقعة في أطراف مديرية رغوان، والقريبة من منطقة الأسداس الاستراتيجية غرب مدينة مأرب.
تتبادل حكومة هادي وقيادة «التحالف» الاتهامات بالفشل في الدفاع عن مأرب
في خضمّ ذلك، اعترفت وثيقة عسكرية صادرة عن وزارة الدفاع في حكومة هادي، أواخر الشهر الفائت، بانهيار الروح المعنوية للقوات الموالية لـ”التحالف”، وذلك ردّاً على طلب قيادة الأخير منها تفسير أسباب الانهيار. ولامت الوزارة قيادة “التحالف” على تقديم الدعم العسكري والمالي لجبهات خارجة عن سيطرتها، كميليشيات “المجلس الانتقالي الجنوبي” وميليشيات طارق صالح في الساحل الغربي، في مقابل تجاهل قواتها في جبهات مأرب.
وقال وزير دفاع هادي، اللواء محمد المقدشي، في المذكّرة، إن جنوده يعيشون حالة انهيار كلّي في مأرب، عازياً ذلك إلى ما وصفه بـ”اختراق الحوثيين” لقوّاته عبر “شراء الولاءات” كما زعم، إضافة إلى اعترافه بوجود فساد كبير في صفوف قيادة وزارته.
ووفقاً لمصادر موالية لحكومة هادي، فقد تبادلت الأخيرة وقيادة “التحالف” الاتهامات بالفشل في الدفاع عن مأرب، إذ اتهم “التحالف”، بحسب المصادر، وزارة دفاع هادي ودوائرها العسكرية بالتسبّب في انشقاق المئات من الجنود والضباط وإعلانهم الولاء لقوات صنعاء، عادّاً ذلك “اختراقاً استخباراتياً خطيراً”.
ومن هنا، وَجّهت “غرفة العمليات المشتركة” لـ”التحالف”، رئيس أركان قوات هادي اللواء صغير بن عزيز، بالتحقيق مع عدد من مديري الدوائر العسكرية وقادة المعسكرات، على خلفية الانشقاقات في تلك القوات. في المقابل، حَمّلت قيادات عسكرية في مأرب “التحالف” مسؤولية الانتكاسات الأخيرة، لافتة إلى حرمان المقاتلين رواتبهم وتعمّد قتلهم بالغارات الجوية.
وتفيد المصادر بأن “التحالف” يتّهم “الإصلاح”، أيضاً، بإنشاء جيش وهمي خلال السنوات الماضية في مأرب، بعدما تَبيّن أن قوام ألوية المناطق العسكرية الثالثة والسادسة والسابعة التي تقاتل في محيط مأرب يبلغ 47 لواءً عسكرياً، اختفى منهم 38 لواءً عندما اشتدّت المعارك. وكان “التحالف” أوقف صرف رواتب قوات هادي قبل عدّة أشهر بذريعة وجود أكثر من 80 ألف جندي وهمي لا وجود لهم في المعسكرات.