المشهد اليمني الأول/
من حالةِ العودة الجماعية للمخدوعين والمغرر بهم إلى صنعـاء حاضنة المشروع الوطني، إلى بيروت التي أبرزت حالةَ الحراك العلمائي الحادث في دول محور المقاومة، بشائر تعزّز من وعود النصر وَتقرّب من موعدها في اليمن، بالتزامن مع حالة البعث التي يمر بها الفكر السياسي الإسلامي وَعودة الخطاب الديني بفقه الإسلام الصحيح والخالص، وَتعالي صوت رجاله فوق أصوات أدعيائه.
وبين المشهدين الكثيرُ من الشواهد على أن هذا الزمن هو زمنُ المقاومة وَرجالها وَسيطرة ثقافتها وَنهجها على ذهنية الشارع العربي والإسلامي، يحدث هذا على إيقاعِ الانتصارات العسكرية التي تتحقّق في اليمن وَدول المقاومة، وَكذلك النجاحات السياسية التي يجترحها رجال هذا المحور في المحافل الدولية.
وفي صنعـاء، رأينا المئاتِ من الضباط والجنود المغرر بهم يعودون الى صنعـاء بكامل قناعتهم واختيارهم، وَهي قناعات بدت كاملةَ النضوج وإن تأخرت كَثيراً إلّا أنها مثّلت بالنسبة لهم طوقَ نجاة ديني ووطني أحسنوا تلقُّفَ فرصته لإعادة تطبيع علاقاتهم مع ربهم وَمجتمعهم وَوطنهم، وَهي بشارة جديدة تضاف إلى بشائر النصر الوطني التي تتعزز كُـلَّ يوم على جغرافيا المعركة العسكرية، وعلى كُـلّ المسارات المصاحبة لها.
الكثير من العائدين بدا عازماً على أن يكفّر أخطاءَه بالقتالِ إلى جانب رجال الجيش واللجان الشعبيّة، وَبعد أن عايش كُـلَّ صنوف الامتهان والمعاملة الذي يمثلها الارتماء في أحضان الخارج ضد إخوة الدين والوطن والدم، وَهذه المراجعة تؤكّـد أن اليمني بفطرته لا يقبل الذلة ولا المهانة ولا يذهب إليها قاصداً، بل تحت تأثير الدعايات والشعارات الفضفاضة التي تضلل على البعض وَعيهم وَتسلبهم إدراكهم لمجريات الأمور، ويوماً ما قريباً بإذن الله ستخلو جبهات الارتزاق والعمالة من آخر يمني مغرر به، إلّا من قد باعوا أنفسهم عنوة للشيطان وَرضوا أن يعيشوا وضعاء تحت مكائده، وهم أضعف من أن يبطئوا نصرا أَو يوهنوا عزما، فعزائم الرجال باتت اليوم أقوى وأصلب؛ بفضل الوعي المتصاعد وَالمعايشة لكل الوقائع التي باتت واضحة كقرص الشمس في وضح النهار.
وَفيما كانت العدسة تتنقّل بين الوجوه التي عانقت نسائم الحرية، كانت تبرز إلى ذهن الكاتب كلمات عن وطن كريم عزيز يعيد خيرةُ رجاله رفعَ هامته عاليًا بتحشيد جميع أبنائه وفق مفاهيم التعايش والعفو لمصلحة المشاركة في بناء حاضره ومستقبله، وطن قادر على رتق جروحه بنفسه إذَا ما تنظّف من جراثيم العمالة، وَملك البلسم الناجع، حكمة وصبر قائد عزيز شجاع ومحبّ لشعبه.
وَمن صنعـاء إلى بيروت المقاومة التي انتفضت في وجه مؤامرات التطبيع ومشاريع التصفية بلقاء جمع علماء المقاومة، رأينا في الخطاب الديني مضمونه المصادر وللمقدسات المغتصبة وعودها المنسية، وَبأنه لا تخلي ولا تهاون في المقاومة للكيان الصهيوني، يحدث هذا بعد أن انقشع الستار الذي كان يحول دون معرفة المطبعين الخونة رغم اتّضاح ملامحهم مسبقًا، إذ لم يكونوا يوماً في خط فلسطين ومقاومتها، بل نخاسون في مزاد التسويات والتنازلات وشراء الذمم بأموال الأُمَّــة وَمخزون نفطها الذي لم تنَل منه إلّا المآسي والضياع.
وتوحدت في بيروت رسائل صنعـاء وَدمشق وبغداد وَطهران الموجهة إلى أنظمة العار المتحالفة مع الكيان الصهيوني: إن اعتقدتم أن تحالفَكم معه لمواجهة شعوبكم سيحميكم إلى الأبد فأنتم واهمون، فوعدُ الآخرة تُدَقُّ له الطبولُ وَتُعَدُّ له القوةُ والخيولُ.