المشهد اليمني الأول/
مفاجآت “حزب الله” اللبناني للعدو الصهيوني لا تتوقف، ومعادلة الردع والتوازن التي حققها “حزب الله” بعد حرب العام 2006 لا تزال تؤتي ثمارها عاما بعد عام، ولكن يبدو ان الحزب لايريد التوقف عند معادلة الردع، فهو يمضي اليوم نحو التفوق على العدو الصهيوني، ومثال ذلك الفيديو المسجل الذي بثته قناة “المنار” اللبنانية يوم الجمعة الماضية، والذي أظهر مدى هشاشة العدو الصهيوني وضعف امكاناته التكنولوجية وقدرته على مواجهة الخروقات.
مقطع الفيديو الذي نشرته “المنار” أظهر اختراق طائرة لبنانية مسيرة تابعة لحزب الله أجواء إسرائيل أثناء تنفيذ جيش الأخيرة تمرينا يحاكي إسقاط الطائرات المسيرة، كما أظهر الفيديو قاعدتين للجيش الإسرائيلي، واحدة تعود لمقر “تصميم الجليل”، وقاعدة أخرى في منطقة مزارع شبعا.
وأفادت وسائل إعلام مقربة من الحزب، بأن اختراق الأجواء الإسرائيلية حدث الشهر الماضي، كجزء من توثيق مناورة الجيش الإسرائيلي “السهم المميت”، على الحدود الشمالية مع لبنان.
الدلالات والأبعاد
أولاً: العدو الاسرائيلي يعتقد انه من خلال كسب الدعم العربي والغربي للاعتداء على سيادة الدول الاخرى، سيكون في مأمن من أسلحة المقاومة وخططها الذكية المدروسة بعناية، وبالنسبة لدعم كيان العدو، فليس هناك من جديد، اذ ان الدول التي طبعت وتطبع مع اسرائيل اليوم بالعلن، هي نفسها وقفت إلى جانب اسرائيل في حرب الـ 33 يوما ووصفت ما يقوم به الحزب بـ”المغامرة”، ولكن ما كان صادما النتيجة التي خرج بها الحزب من هذه المعركة، وحتى اليوم لا يزال الحزب يثبت أن لديه مفاجآت لا يمكن توقعها، بالرغم من ادعاء الاسرائيلي بأنه متفوق في الاسلحة والتكنولوجيا، اذا كيف يتم اختراقه بهذه السهولة.
ثانياً: توقيت بث الفيديو لم يكن اعتباطيا، اذ تزامن مع ذكرى استشهاد القائد المقاوم حسان اللقيس الذي يُعتبر مؤسس سلاح الجو في قوات المقاومة، والمبدع في قيادة وتطوير جهاز الطائرات المسيّرة، وبالتالي الحزب يؤكد من جديد أنه لا يتخلى عن الثأر لجنوده، وان الرد على اغتيال اي جندي او قائد قادم لا محالة، ولكن في الوقت والمكان المناسب.
ثالثاً: اطلاق الطائرة المسيرة من جانب “حزب الله” كان له أهمية كبيرة، اثناء اطلاق الطائرة، حيث تزامن الامر في ذروة استنفار العدو، يوم ال 26 من تشرين الأول الماضي، أي في اليوم الثاني لمناورات عسكرية إسرائيلية كانت تحاكي إسقاط طائرات مسيرة قادمة من لبنان وسوريا، ورافقت المناورة حركة ناشطة للطائرات الحربية والمروحية الإسرائيلية. في اليوم الثاني من المناورة التي كان بين أهدافها أيضاً “منع منظومات طائرات الدرونز من أي نوع وأي حجم من تجاوز الحدود”، لتنطلق الطائرة المسيرة وسط هذا الاستنفار وتعود إلى قاعدتها في لبنان من دون أن تكتشفها رادارات الجيش الإسرائيلي.
من معادلة الردع الى معادلة التفوق
رابعاً: انتقال “حزب الله” من معادلة الردع الى معادلة التفوق، اذ كشف القادة الميدانيّون وقادة غرف العمليات في المقاومة وهم يشرحون تفاصيل الإنجازات العسكرية التي أنجزتها المقاومة، والخطط العسكرية التي قاموا بوضعها، عن مستوى من التفوّق والرفعة في العلوم العسكرية، لكن الأهم كان ما قالوه عن علاقة حرب التحرير الثاني بالحرب المقبلة في الجليل، وجاء كلام رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين عن هذه الحرب المقبلة رسالة واضحة لكيان الاحتلال عن انتقال حزب الله من مرحلة توازن الردع الى مرحلة اللاتوازن مستعيداً الوضعية التي كان عليها الأمر معكوساً لمصلحة جيش الاحتلال قبل إنجاز تحرير العام 2000، حتى ان قادة جيش الاحتلال لا ينكرون ما قاله قادة المقاومة عن تفوّق المقاومة في مجال قدرة الاشتباك، وفي المعنويات، وبالمقابل بلوغهم مرحلة توازن في قدرة النار مع جيش الاحتلال ما يجعل أي مواجهة مقبلة بين المقاومة والاحتلال محسومة لمصلحة المقاومة، ولم تكن خافية المكانة التي يحتلها سلاح الجو في الجهوزية المتقدّمة للمقاومة قياساً بأحادية السيطرة على الجو لمصلحة جيش الاحتلال، وإذا كان ما هو ظاهر من هذا السلاح هو الطائرات المسيّرة فإن قادة الاحتلال يتحدّثون عمّا هو أهم.
“حزب الله” متفوق طبوغرافياً
لا ننسى أن “حزب الله” متفوق طبوغرافياً على العدو الصهيوني باعتراف قادة الاحتلال انفسهم، وهم يخشون كثيرا ان ينطلق الحزب نحو الجليل في اي معركة مقبلة ويسيطر على عدة مستوطنات هناك، وحينها سيطلب العدو الصهيوني الدعم من الدول الغربية كعادته، واذا كان الغرب سيرسل جنوده للدفاع عن الاراضي المحتلة فهو واهم، وعليه مواجهة “حزب الله” وحيدا، وهو يعلم ان حصل هذا الامر فهو سيكون في خبر كان، فبعد الحرب على أفغانستان واحتلال العراق والتدخل الغربي في ليبيا وإفريقيا والقتال الدائر في سورية واليمن لا نرجح مسارعة الدول الغربية لمساعدة الكيان الصهيوني بسبب سيطرة حزب الله لبعض مدن وقرى الجليل، وسيعتبر طلب المساعدة اقراراً من الكيان الصهيوني بضعفه وعجزه أمام حزب الله مما سيهبط بمعنويات شعبه وقواته إلى الحضيض، كما سينسف ادعاء الكيان الصهيوني بأنه هو الحامي لحلفاء الغرب ومصالحه في المنطقة، ولو تأملنا حروب الكيان الصهيوني منذ 1948 وهروبه المذل من لبنان وأخيراً حرب 2006 لتأكد لنا بأنه قد بلغ مرحلة الشيخوخة فلم يعد بإمكانه حسم المعركة في أيام بالرغم من تفوق قدراته الحربية التقنية كما يبدو أن الفرد الصهيوني غير متحمس للقتال وهو يعول على الصراعات بين العرب والمسلمين لتكفيه شر قتالهم وعلى خيانة بعض قادتهم للقضية الفلسطينية، ولكل هذه الأسباب لا يستهين بحزب الله.