المشهد اليمني الأول/
لفتت الطريقة التي تعامل بها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي مع أحداث فتنة ديسمبر وزعيمها علي عبدالله صالح أنظار الكثيرين من المتابعين حيث ذهب قائد الثورة في التعامل مع تلك الفتنة منذ أن تشكلت بوادر مقدماتها والتي تعود الى شهر يونيو ويوليو من العام 2017م.
وهي الفترة التي بدأت فيها تتشكل تفاهمات صالح ودول العدوان الى إجراءات تنفيذية وهنا نلخص أبرز معالم السياسة التي اتبعها قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي في التعامل مع تلك الفتنة: بعد ورود معلومات أمنية عن تحركات صالح واتباعه وعلاقاته بدول العدوان قام السيد القائد بمصارحة صالح بذلك إلا أن الأخير أنكر بشدة صحة هذه المعلومات.
كان هناك قيادي بالمؤتمر التقى بالسيد واطلع بنفسه على ما قدمه السيد من معلومات بشأن تحركاتهم مبدياً النصيحة لهم بالتوقف عن تلك الممارسات والتوجه نحو اعتماد الصدق في التعامل بين الجانبين وترك أي توجه للطعن في الظهر وخيانة البلد.
اتجه السيد القائد نحو الدعوة لمؤتمر حكماء اليمن او ما عرف بلقاء العاشر من رمضان وهناك أوصل السيد رسالته بكل هدوء وقدم نصائح إضافية لمن يستوعب ويدرك أهمية اللحظة التاريخية.
في أغسطس 2017م وبعد ان مضى صالح في مشروعه لم يكن امام قيادة انصار الله سوى مكاشفة الشعب من خلال تفنيد ادعاءات صالح الذي كان يحاول ان يجد أي مبرر لإشعال الفتنة حتى ينفذ ما تعهد به لدولة الامارات.
كانت توجيهات السيد بمنع أية احتكاكات والصبر على الاعتداءات لاسيما تلك التي حدثت بعد 24 أغسطس 2017م وادت الى وقوع شهداء وجرحى..
في سبتمبر 2017م كان هناك لقاء عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بين السيد عبد الملك الحوثي والرئيس الأسبق علي صالح وفيها انكر الأخير أية تحركات له ضد الجبهة الداخلية وأكد انه سيفتح صفحة جديدة بل وتفاعل (ظاهرياً) في ذلك اللقاء وأكد أنه سيأمر اتباعه بالتوقف عن اية اعمال تؤثر على وحدة الجبهة الداخلية.
في 21 أكتوبر 2017م قام الرئيس الشهيد صالح الصماد بزيارة الرئيس الأسبق في منزله جنوب صنعاء والاتفاق على تهدئة كل توتر.
اثناء فعاليات المولد في 29- 30نوفمبر 2017م كانت التوجيهات واضحة بعدم استفزاز اتباع الرئيس الأسبق لاسيما في الجامع بميدان السبعين وتم حل المشكلة من قبل وزارة الداخلية واللجنة الأمنية الا ان اتباع صالح كانوا يريدون تفجير الازمة بأي شكل.
كان السيد القائد يدرك ذلك ولهذا وجه بتشكيل لجان وساطة وكذلك تفعيل دور حكماء اليمن من مشايخ وعلماء وغيرهم وهنا كان صالح في موقف محرج فكل لجان الوساطة تؤكد ان الطرف المعتدي هم صالح واتباعه وظل السيد القائد على هذه السياسة حتى بعد اعلان صالح انقلابه في 2 ديسمبر 2017م.
تحدث السيد القائد في خطاب قبل ظهر الثاني من ديسمبر وناشد فيه زعيم المؤتمر (كما جاء في الخطاب) وكذلك حث على تماسك الجبهة ودعا الى الاحتكام للجهات الرسمية وحكماء اليمن وهنا ظن صالح ان انصار الله في موقف ضعيف فخرج بخطابه الذي دعا الى الفتنة.
تحدث السيد القائد في خطاب ثاني (وهذا لأول مرة يطل السيد القائد في خطابين بيوم واحد أو في اقل من 24 ساعة) وجدد موقفه ودعا المواطنين الى الوقوف الى جانب الامن وقال كلمته الشهيرة وهو يخاطب زعيم مليشيا الخيانة (يا عيباه يا عيبتاه.. يا عاراه يا سواد وجهك)
أكد السيد عبد الملك الحوثي ان المشكلة مع صالح واتباعه من المليشيات التي تحركت واعتدت وقطعت الطرق الى الجبهات وليست مع المؤتمر بل وأشاد بمواقف الاحرار بالمؤتمر وحثهم على المزيد من العمل بل وطلب منهم العمل على حل المشكلة حتى يعرفوا حقيقة من يقف خلفها وبالفعل اثبتت رسائل السيد القائد لجماهير المؤتمر فاعليتها.
فالكثير تخلى عن صالح بعد ان اعلن انحيازه للعدوان وقال السيد عبدالملك: نحن نأمل من كل الأحرار في حزب المؤتمر الشعبي العام أن يستمروا فيما هم عليه إلى الآن من تحلٍ بالمسؤولية، ولا بأس أن يتدخلوا لوقف هذه الفتنة، لإقناع تلك المليشيات للكف عن جرائمها، ونحن نحكمهم، نحكم الشرفاء في حزب المؤتمر الشعبي العام وكل حكماء وعقلاء اليمن نحكمهم كما قلنا في الصباح في ضحى ذاك اليوم.
تم حسم المعركة في اقل من 72ساعة وأطل السيد عبدالملك الحوثي ليؤكد على وحدة الصف وعلى الابتعاد عن أية اعمال انتقامية وان المشكلة كانت مع صالح ومليشياته وليست مع المؤتمر وبذلك أكد السيد عبدالملك حقيقة سياساته الحريصة على وحدة الصف وعلى التسامح مع الآخرين.
يا شعبنا العزيز توكل على الله ولا تبتئس هذه آخر ورقة آخر ورقة.. توكل على الله شد حيلك استمسك واصبر واثبت واصمد استعن بالله جل وعلا تتضافر جهود الجميع والله جل شأنه هو خير الناصرين هو حسبنا ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً والعاقبة للمتقين.
سينتصر الأحرار في هذا البلد الذين يتحملون مسؤولياتهم ولا ينبغي القلق الزائد تجاه هذه الأحداث.. المطلوب هو تحمل المسؤولية ما بش لزوم أحد يفتجع ويقول أنهار البلد.. لا ما أنهار، اليوم المطلوب فقط هو تحمل المسؤولية من الجميع وما علينا إذا تحملنا المسؤولية جميعاً سنعبر هذه المحنة بالنصر كما عبرنا المحن الماضية ومنها محنة هذا العدوان يوم بدأ بشكل مباغت ومفاجئ لشعبنا العزيز فما يقلقوا الناس قلق زائد لكن يتحملوا المسؤولية في التحرك والتعاون التعاون القوي مع الأجهزة الأمنية مع مؤسسات الدولة هذا هو المطلوب هذا هو الشيء المهم الاستمرار في رفد الجبهات.
عندما قال السيد لعفاش واتباعه: يا عيبتاه يا عاراه
مثّل يوم الثاني من ديسمبر 2017م يوماً مهماً في تاريخ شعبنا اليمني إذ توج الرئيس الأسبق علي صالح تحركاته التآمرية على الجبهة الداخلية بإعلان مشروعه الفتنوي والانحياز صراحة لدول العدوان والخروج عن التفاهمات السابقة مع انصار الله وبدأت مليشياته المسلحة تقطع الطرقات وتعتدي على المواطنين وتحاول ان تبسط سيطرتها بالقوة على بعض مراكز المحافظات وعلى بعض احياء العاصمة.
سارع السيد عبدالملك الحوثي الى تدارك الموقف وإقامة الحجة على صالح واتباعه بخطاب قبل ظهر الثاني من ديسمبر ناشد فيه صالح بالتراجع عن توجهه والعمل على انهاء الفتنة الا ان صالح نظر الى ذلك الموقف بأنه ضعف فضاعف من تحركاته وبعد ذلك بساعات أطل السيد مرة أخرى بخطاب ثان خاطب فيه صالح ومليشياته بالقول: ارجعوا عن موقفكم هكذا نخاطب زعيم تلك المليشيات راجع ضميرك راجع موقفك أنظر أين أنت موقفك الآن محسوب في صف قوى العدوان رحبوا وسهلوا أنت اليوم في هذا الموقف العار المخزي، عيب عليك استحي من شعبك..
شعبك الذي جلست تتديول عليه أكثر من 30 عاماً شعبك الذي أكن لك الاحترام يوم وقفت ضد هذا العدوان ليش اليوم تطعنه بسكينك في الظهر وتقف مع العدوان عيب عليك ارجع.. ارجع عن تأييد هذا العدوان وعن التعاون مع هذا العدوان وعن التصرفات التي هي لصالح هذا العدوان ورحب بها هذا العدوان.
عار عليك يا عيبتاه يا عاراه عليك يا سواد وجهك يا سواد وجيه تلك المليشيات التي لم تستح من هذا الشعب ومن أبناء هذا البلد الشرفاء والكرماء أي خيانة كبيرة لدماء الشهداء دماء الشهيد الملصي وكل الشهداء الشرفاء الذين استشهدوا وهم يتصدون لهذا العدوان فتأتون أنتم لخدمة هذا العدوان وبالتناغم مع العدوان يا عاراه عليكم.
قصة الوفد الذي ارسله أنصار الله الى صالح وماذا طرح من عروض
لم تكن أحداث 2 ديسمبر 2017م مفاجئة لقيادة أنصار الله إذ كانت لديهم كافة المعلومات الأمنية عن تحركات صالح واتباعه ومع ذلك استمروا في محاولة اثناء صالح عن ذلك التحرك وذلك التوجه منذ مطلع أغسطس 2017م حتى يوم الثاني من ديسمبر 2017م وهنا حصلنا على معلومات خاصة بشأن وفد التقى بصالح قبل أحداث أغسطس 2017م.
وهذا الوفد طرح كل نقاط مخاوف صالح مستقبلياً سواء فيما يتعلق بالعلاقة مع انصار الله أو مستقبل المعركة مع دول العدوان وحاول الوفد طمأنة صالح والتأكيد له ان لا يوجد ما يبرر خروجه عن الاجماع الوطني الرافض للعدوان بل ذهب الوفد الى طرح كل ما يخشاه صالح بما في ذلك أمواله وأقرباؤه وكان ذلك العرض من انصار الله حتى يكون صالح صادقاً معهم وان يكون ضد العدوان بالقول والفعل أو على الأقل أن لا يعمل مع العدوان بما يستهدف الجبهة الداخلية ويضر بالموقف العسكري.
كانت رسائل أنصار الله واضحة لصالح إلا انه حاول أن يظهر غير ما يفعل ولهذا كان يتم مواجهته بكل تحركاته ثم يتعهد بأنه سيتراجع عنها وإذا به يتراجع عن تنفيذ التعهد وليس ما تعهد به وهكذا ظلت العلاقة بين الجانبين في شد وجذب حتى قرر صالح تفجير الموقف في 2 ديسمبر لكنه قتل بعد ذلك بـ 48 ساعة فقط.
ماذا قال السيد عبد الملك الحوثي بعد وأد فتنة ديسمبر واجهاضها
وصف السيد عبد الملك الحوثي إجهاض فتنة ديسمبر 2017م بالحدث التاريخي حيث قال أن يوم الاثنين 4 ديسمبر يوم تاريخي واستثنائي وعظيم فهو يوم سقوط مؤامرة الغدر والخيانة، اليوم الأسود على قوى العدوان في مؤامراتها ومكائدها ضد شعبنا اليمني العزيز نتوجه ونتقدم بالتبريك والتهاني إلى كل أبناء شعبنا العزيز.
ووجه السيد عبد الملك في البداية الشكر الى الله سبحانه وتعالى خير الناصرين الذي نصر شعبنا ورحم شعبنا وأعان شعبنا ووفق شعبنا لتجاوز محنة عصيبة وللإنتصار على مؤامرة خطيرة وكبيرة , وكذلك وجه الشكر لكل الاحرار الشرفاء الذين ساهموا في اجهاض الفتنة منهم القبائل والأحزاب والأجهزة الأمنية وكل المواطنين الاحرار وكذلك الشرفاء في المؤتمر الشعبي العام.
أول توجيهات السيد عبد الملك الحوثي بعد مقتل صالح
خلال فتنة ديسمبر 2017م كان السيد عبد الملك الحوثي اكثر حرصاً على ضرورة توضيح الصورة الكاملة لما يحدث لكافة أبناء الشعب ومنهم بالطبع جمهور المؤتمر الشعبي العام وقياداته ولهذا كان يتحدث في خطابه الأول وكذلك خطابه الثاني في 2 ديسمبر 2017م مؤكداً على موقف الشرفاء في المؤتمر.
وبعد اجهاض الفتنة بمقتل زعيمها يوم الاثنين 4 ديسمبر 2017م وحتى لا يستغل البعض ذلك الانتصار فيعمل على الانتقام من كل ما كان يمت لزعيم الفتنة بصلة ومن أولئك بالطبع جمهور المؤتمر وجه السيد عبد الملك الحوثي بمنع أية أعمال انتقامية أو اية اعتداءات على قيادات المؤتمر أو مناصريه وقال في خطابه يوم الاثنين 4 ديسمبر 2017م.
(غير مسموح لأحد أن يحمل نزعة انتقامية أو تصفية حسابات شخصية أو استغلال ما حدث لأغراض شخصية، غير مسموح هذا أبدا وعلى الدولة أن تقوم بمسؤولياتها في منع ذلك وعلى الجميع أن يطمئن في هذا البلد ولسكان العاصمة صنعاء جميعاً أن ينعموا من جديد في الأمن والاستقرار فيما بينهم وفي وضعهم الداخلي)..
وتبرز روح التسامح لدى السيد عبد الملك الحوثي في مثل تلك الأحداث التاريخية فقد حصر المعركة بأنها كانت مع مليشيات محددة وزعيمها وليست مع المؤتمر وقال في هذا: نؤكد من جديد أن المعركة كانت مع مليشيات محددة وزعيمها الذي أدارها ومولها ورعاها وأمرها وقادها وحركها وهذه المليشيات تحركت بعدوان واضح مرتبط بقوى العدوان وعملية تخريب إجرامية وهدفت إلى توسيعها لتشمل البلد.
ولكنها فشلت بحمد الله وبفعل جهود الشرفاء في هذا البلد ووعي أبناء هذا البلد وأضاف بالقول: ليست المشكلة مع المؤتمر الشعبي العام كحزب أبدا لا مع أعضائه وهم شرفاء وأنا أقول الكثير ساهموا حتى عملياً في الموقف اشتركوا في كل الجهود وبذلوا جهوداً كبيرة في إسقاط هذه المؤامرة، فالإخوة في المؤتمر الشعبي العام هم إخوتنا نحن وهم أصحاب.. هم واحد مسؤولية واحدة في الدفاع عن هذا البلد ضد هذا العدوان في الاستمرار في موقف موحد في الإسهام في أمن واستقرار هذه البلاد في وضعه الداخلي يكفينا ما يحدث من قوى العدوان.