المشهد اليمني الأول/
واصل الإعلام العبريّ الاحتفال بزيارة رئيس الوزراء الكيان نتنياهو برفقة رئيس (الموساد) يوسي كوهين، إلى السعوديّة والاجتماع هناك بوليّ العهد محمد بن سلمان، وحتى أشّد المُعارضين لنتنياهو أكّدوا على تاريخية الزيارة ومساهمتها في ترسيخ المصالح الإسرائيليّة بالشرق الأوسط.
وقال حاييم تومار، الذي شغل سابقًا مناصب رفيعة في الموساد، لصحيفة (معاريف)، إنّ “وجود كوهين في الزيارة يعود إلى خشية السعودية من حدوث تسريب عن اللقاء، وبالتالي فهم على استعداد للتحدث إلى هيئة رسمية تحوز على ثقتهم، وتمتاز بالسرية”، وأشار إلى أنّ “زيارة نتنياهو للسعودية تحظى بكثير من الأهمية، فصحيح أنها تزامنت مع الأخبار الهامة في الأشهر الأخيرة عن تجديد العلاقات مع دول خليجية، لكن المملكة طابعها مختلف في الخليج العربي، ومكانتها العربية مرموقة، فضلاً عن علاقاتها وتأثيرها الإقليميّ، وكل ذلك بجانب ما تبقى من وقت لإدارة دونالد ترامب، وهو أمر مهم للغاية على المديين القصير والمتوسط، وتمهيدًا لإنشاء سياسة مشتركة مع إدارة جو بايدن”.
وأوضح أن “زيارة نتنياهو، ورغم أنها كانت دبلوماسية، لأن من ترأسها هو رئيس الوزراء، فإن مرافقة يوسي كوهين رئيس الموساد له، وليس وزير الخارجية غابي أشكنازي، تطرح العديد من الأدوار الخاصة التي يقوم بها جهاز الموساد، بعضها ذو طابع عسكري أمني، ومهام أخرى سياسية وسرية، فالموساد على مدار السنين مسؤول عن الحفاظ على مجموعة معقدة من العلاقات السرية مع الدول غير المستعدة للتحدث”.
وأشار إلى أن “كوهين، مثل غيره من رؤساء الموساد السابقين، عقد العديد من اللقاءات مع زعماء الخليج العربي منذ أواخر الثمانينيات، وما بعدها، وهو تقليد استمر لسنوات، ما يجعله لاعبًا رئيسيًا للغاية في هذه الأمور، وأحيانًا بتعاون مع وزارة الخارجية”.
وزعم أنّه “وفقًا للمصادر المطلعة على السعودية، فإنّها تريد التعاون مع إسرائيل، دون تدخل الفلسطينيين، وتسعى للحصول على التقنيات التكنولوجية الإسرائيلية، ما يطرح السؤال حول الثمن المدفوع، وما تعطيه إسرائيل، وماذا يكسب السعوديون، ومدى تعرض إسرائيل للخطر، رغم أنّ إسرائيل عادة ما تقدم أشياء في حزمة الأمن والاستخبارات، هذا ما هو متوقع منها، وفي الوقت ذاته تتيح الوصول لتقنياتها في جميع المجالات”.
وخلُص إلى القول إنّ “ما لدي من معلومات يفيد بأنه ستكون لإسرائيل والسعودية انفراجة باتجاه فتح علاقات تجارية، كما فعلنا مع الإمارات وغيرها، وربما ترمز مدينة نيوم التي استضافت لقاء نتنياهو وابن سلمان إلى ذلك، وهي المكان الذي قد يقدمه النظام الملكي السعودي للعالم في 2030”.
وفي السياق، خصصت صحيفة (يديعوت أحرونوت) اليوم الثلاثاء أربعة مقالات رأي لمحللين وخبراء سياسيين تناولوا تبعات الزيارة، التي اعتبروها مهمة للغاية، حيثُ قالت المحللة شيمريت مئير إنّ الرياض تُريد من وراء تحسين العلاقات مع تل أبيب، أنْ “تحميها” من غضب الرئيس الأمريكيّ المُنتخب، جو بايدن، وعلى نحوٍ خاصٍّ في كلّ ما يتعلّق بحقوق الإنسان،
وقضية مقتل الصحافيّ السعوديّ، جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، لافتةً إلى أنّ السياسة السعوديّة تسعى لأنْ تكون الدولة العبريّة بمثابة درعٍ واقٍ للمملكة عشية دخول بايدن إلى البيت الأبيض، فيما انتقد المحلل العسكريّ أليكس فيشمان التسريب الإسرائيليّ عن الزيارة قائلاً إنّه خطوة خاطئةً، وكان يتعيّن على صُنّاع القرار مواصلة التستّر عليها.
من ناحيتها، قالت المستشرقة الإسرائيليّة سمدار بيري، نقلاً عن مصدرٍ رفيعٍ في الرياض إنّ الزيارة تحمل رسائل حادّة لكلٍّ من بايدن، إيران، الفلسطينيين والـ”حرس القديم” في المملكة مفادها أنّ بن سلمان لن يسمح للرئيس الأمريكيّ المنتخب أنْ يُجري مفاوضاتٍ جديدةٍ مع إيران حول مشروعها النوويّ.
وتحت عنوان “أيتام ترامب” قال المحلل ناحوم بارنيع إنّ اللقاءات بين قادة إسرائيل مع أقطاب المملكة ليست جديدةٍ بتاتًا وأنّ هذا التقليد بدأ في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، واستجابت تل أبيب لطلب الرياض وحافظت على السريّة، ولكن هذه المرّة اختار نتنياهو نشر خبر اللقاء بسب أموره الشخصيّة والداخليّة، ويتعيّن على ولي العهد السعوديّ أنْ يفهم بأنّ نتنياهو هو صديق ممتاز، ولكنّه لا يتميّز بالتكتّم ويكشِف الأمور عندما تصُبّ في صالحه السياسيّ الداخليّ، ولا يتصرّف من منطلق الحفاظ على مصالح تل أبيب الإستراتيجيّة.
وكشف المحلل باراك رافيد في موقع (WALLA) عن أنّه بعد يومٍ واحدٍ من اللقاء بين نتنياهو وبن سلمان اتخذ القرار الإسرائيليّ باعتبار السعوديّة دولةً خضراء فيما يتعلّق بجائحة (كورونا)، أيْ أنّه يُسمح للإسرائيليين بزيارتها ويُسمح للسعوديين بزيارة الدولة العبريّة، وأضاف أنّ نتنياهو تحدّث مع وليّ عهد البحرين هاتفيًا، وبعد عدّة ساعاتٍ أعلنت الصحّة الإسرائيليّة عن البحرين دولةً خضراء.