المشهد اليمني الأول/
يعقدُ ما يسمى قادة مجموعة العشرين قمتهم لعام 2020 برئاسة النظام السعودي بشكل افتراضي، في الوقت الذي ما يزال يرتكبُ جرائمَ إبادة جماعية في اليمن ومجازرَ كسرت كُـلّ القوانين السماوية والبشرية.
وتتولى السعودية الذراع الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة رئاسة مجموعة العشرين في وقت وُجهت إليها انتقادات عالمية شديدة لسجلها في مجال حقوق الإنسان بعد جرائمها الدموية بحق المدنيين اليمنيين على مدى ستة أعوام.
وإزاءَ ذلك، علق عدد من الناشطين على القمة، مؤكّـدين أنها عبارة عن عملية لابتزاز النظام السعودي لدفع المزيد من الأموال في ظل أزمته الاقتصادية، مقابل التغطية على جرائمه المروعة في اليمن.
انتهاكاتُ العدوان في اليمن.. صمتٌ يفضحُه عويلُ كورونا:
يقول الناشط السياسي الدكتور حبيب الرميمة: إن “القمة خُصصت للنظر في مكافحة فيروس كورونا والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي، مع العلم أن من قتلتهم السعودية من المدنيين وما تسببت به من دمار اقتصادي في اليمن يتجاوز من ماتوا بسَببِ فيروس كورونا وما تسبب به هذا الفيروس من أزمات اقتصادية بشكل عام”.
ويلفت إلى أنه من المصادفة أن يأتيَ انعقادُ القمة مترافقا مع اليوم العالمي للطفل، والمآسي وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها السعودية بحق أطفال اليمن سواء بطريقةٍ مباشرةٍ من خلال الاستهداف المباشر بالأعمال العدائية التي تنفذها ضد المدنيين والمنشآت المدنية، بما فيهم الأطفال منذ ست سنوات، مردفاً بالقول “أو من خلال سوء التغذية جراء الحصار المخالف لكافة المواثيق الدولية والتي يفرضه ما يسمى تحالف دعم الشرعية والتي تقوده السعودية”.
ويؤكّـد الرميمة أن تحالف الحرب على اليمن أصبح وصمة عار في جبين المنظمات الدولية في ظل الصمت المطبق لما تمارسه من انتهاكات.
ويرى أن منظمة هيومن رايتش ووتش، ومنظمة العفو الدولية اللتين تدعيان أنهما تهتمان بالدفاع عن حقوق الإنسان في العالم استغلتا انعقاد هذه القمة للضغط على النظام السعودي فيما يتعلق بإطلاق سراح الناشطات السعوديات المعتقلات.
ويوضح أن ذلك أمر لا بأس به، وينُمُّ عن تخلف ووحشية النظام السعودي في قمع معارضيه السلميين، لكنهما أغفلا تماماً مطالبة قادة قمة دول العشرين في عدم بيع السلاح للنظام السعودي، وَمحاسبته للانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني ضد المدنيين في اليمن.
وطالب برفع الحصار غير المشروع خُصُوصاً في ظل التقارير السابقة الصادرة عنهما فيما يرتكبه النظام السعودي من جرائم بحق المدنيين مؤكّـداً أن ذلك موقف مخزٍ للمنظمات غير الحكومية.
وبخصوص المنظمات الحكومية والتي تمثل أبرزها الأمم المتحدة كمنظمة عالمية تسعى إلى حفظ الأمن والسلم الدوليين، وإزالة أسباب العدوان، واحترام حقوق الإنسان، خُصُوصاً ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في عام ١٩٤٨م، يقول الناشط السياسي الرميمة: “للأسف الشديد وبالترافق مع انعقاد القمة يأتي تصريح الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتوريش بأن اليمن يمُرُّ بأكبر مجاعة على وجهِ الأرض، دون أن يحدّدَ المتسبِّبَ بهذه المجاعة”.
ويشير إلى أن الأمين العام للأم المتحدة “أنطونيو غوتوريش” أخرج السعودية من القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال.
ويؤكّـد الرميمة أن توقيتَ تصريح غوتيريش أتى كإدانةٍ وتنبيه غير مباشر للسعودية في تذكيرها وتذكير دول مجموعة العشرين بعدم احترام السعودية لالتزاماتها الدولية.
ويضيف “أضف إلى ذلك الموقف الذي اتخذته ألمانيا من عدم بيع السلاح للسعودية لارتكابها جرائم بحق المدنيين، وألمانيا من أبرز دول مجموعة العشرين، مذكراً بالرد الباهت والسخيف وغير المبرّر من قبل عادل الجبير عليها، وبأنهم لا يحتاجون إلى أسلحتهم.
دعم السعودية لـ “الإرهاب” لا يؤهلها لقيادة “قمة العشرين”:
ويرى الرميمةُ أن ما تم كشفُه من قبل الإعلام الأمني للدعم المباشر سواء عن طريق الأسلحة التي تحمل ختم وزارة الدفاع السعودية والتي عثر عليها الجيش واللجان الشعبيّة في منطقة قيفة وَيكلا عند تطهيرهما من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أَو المساندة المباشرة لتلك العناصر عن طريق الطيران، دليلٌ أن كُـلّ هذه المواقف المحلية وَالدولية تجعل من السعودية غير مؤهلة أن تكون عضوا في مجموعة العشرين تمثل الدول العربية.
ويلفت إلى “أن السعودية تحمل إدانة مباشرة لكافة دول المجموعة بعدم احترامها للالتزامات الدولية التي تمليها مبادئ القانون الدولي، وقانون التنظيم الدولي المتمثل بالشرعة الدولية”.
ويوجه الرميمة رسالةً لكافة المعنيين في المجال الحقوقي والإعلامي على الصعيد الوطني بشكل خاص، بضرورة تكثيف آليات فضح ما ترتكبه السعودية في اليمن والمنطقة.
تراجع الاقتصاد السعودي جراء العدوان والسياسات الدموية:
من جهته، يؤكّـد المحلل السياسي وجدي الصراري أن تراجع السعودية عن دعم “التبرعات” الدولية يعود نتيجة لتأثر اقتصادها؛ بسَببِ استمرارها في العدوان على اليمن.
ويتحدث “أن القمة ستناقش الحرب في اليمن كموضوع رئيسي لكن ليس بهَدفِ إنهائها، فعمليات الابتزاز التي تمارس ضد السعودية من القوى الدولية الكبرى كأمريكا مثلاً لم تنتهِ بعدُ وَحادثة اغتيال خاشقجي تمثل صورة واضحة لهذا الابتزاز.
ويبين أن السعودية ستسعى لحل أزمتها المركبة على الصعيد السياسي والاقتصادي وحتى الأخلاقي في اليمن، موضحًا أن المشكلةَ تكمُنُ في كيمياء الحل الذي تبحث عنه السعودية، بحيث تتخلص من العبء الأخلاقي وتتنصل عن مسؤوليتها عن الحرب باتّفاق يحفظ ماء وجهها.
ويتوقع الصراري أن “القمة ستقدم بعضَ المسودات التي قد تساهم في الحل، لكني في نفس الوقت أشك في قابلية الطرف السعودي لقبول بحل عادل يحفظ أرواح اليمنيين”.
محاولات استنقاذ واستنجاد:
فيما يرى المحلل السياسي خالد أحسن، أن السعودية بقيادة (محمد بن سلمان) مهما عقدت من فعاليات ومؤتمرات ومهما استضافت من قمم، العشرين وغيرها، فهي لم ولن تستطيع تجميل صورتها أمام الغرب وغير الغرب بعد قضية اغتيال الصحفي السعودي خاشقجي وبعد تورطها في حرب عبثية مع جارتها دويلة المؤامرات وارتكابهما جرائم حرب ضد أبناء الشعب اليمني من قتل للنساء والأطفال وتدمير للبنية التحتية وحصار ونهب ثروات البلاد وما زالت.
ويوضح أحسن، أن هدف السعودية ليس عملية تجميل وتلميع صورتها بقدر مَـا هِي محاولة استنقاذ واستنجاد بالغرب لحمايتها ومنشآتها من هجمات الجيش واللجان الشعبيّة اليمنية والتي باتت تقلق وتؤرق النظام السعودي؛ لإنقاذه من ضربات الشعب اليمني وجيشه ولجانه.
أما بالنسبة للغرب، يقول خالد أحسن: “القمة أَيْـضاً عبارةٌ عن المزيد من الابتزاز وحَلْبِ البقرة الحلوب والتي بالكاد بات حليبُها يروي دولَ العشرين قبل أن يجفَّ فيتم ذبحُها”، متبعاً “بالنسبة للغرب فمزيداً من التقارب وإعلان التطبيع بين الكيان السعودي والكيان الصهيوني، والذي أصبح ظاهراً للجميع ولم يبقَ سوى الإعلان عنه والذي في اعتقادي سيتم الإعلانُ عن التطبيع الرسمي بين الكيان السعودي والكيان الصهيوني بعد انتهاء قمامة العشرين إن صح التعبير”.
المصدر: صحيفة المسيرة