المشهد اليمني الأول/
الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز اجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وهو ما مثل اختراقا للعلاقات المتوترة والسيئة بين البلدين منذ اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في اكتوبر 2018، واتهام الرئيس اردوغان للسعودية بالوقوف وراء الجريمة.
ليس هذا فحسب فقبل ذلك وقفت انقرة الى جانب قطر ووفرت لها حماية عسكرية في الخلاف الحاد الذي اندلع بينها وبين السعودية والامارات والبحرين ومصر.
وسدت انقرة وايران الاحتياجات القطرية من المواد الاساسية على اثر حملة المقاطعة ضدها. وهو ما اعتبرته الرياض تدخلا واستغلالا تركيا للازمة. وفي البعد الاستراتيجي خارج نطاق هذه الاحداث مازالت السعودية تعتبر التوجه التركي شرقا، سياسية تركية هادفة لمنافستها على زعامة الفضاء الاسلامي السني، وتنظر الى العلاقة القائمة بين انقرة وتيارات الاسلام السياسي بعين الريبة والقلق.
الاختراق الذي حصل بالتواصل بين الملك والرئيس التركي جاء في ذروة التصعيد السعودي ضد انقرة فهو بعيد انطلاق حملة واسعة في السعودية لمقاطعة المنتجات التركية، واعلان الرياض تصنيف جماعة الاخوان المسلمين التي تتخذ من تركية مقرا لها جماعة ارهابيا قبل ايام قليلة.
مع حملة اعلامية لكافة سائل اللاعلام السعودية وتلك الممولة منها ضد انقرة وسياساتها في المنطقة واتهامها بالتخريب داخل الدول العربية وانتهاجها استراتيجية هادفة للتمدد السيطرة داخل الفضاء العربي. مقابل حملة اشرس من الاعلام العامل في الفضاء الاخواني والتركي ضد السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان.
والسؤال الان المطروح امام المتابعين لمسار العلاقات المتوترة بين الرياض وانقرة.. هل سيتوقف كل ذلك ويتغير مسار الخطاب الاعلامي ويكون الاتصال الذي جرى مؤخرا بين الزعيمين انطلاقة لعودة العلاقات للشكل الطبيعي؟ ام ان الاتصال كما تم الاعلان عنه جاء لمناسبة انعقاد قمة العشرين برئاسة السعودية وهذا يتطلب من الرياض جهودا استثنائية لانجاحها في ظل دعوات المنظمات الحقوقية الدولية لمقاطعة القمة بسبب ممارسات وسياسيات السعودية الراهنة في التعامل السيء في مجال حقوق الانسان والاعتقالات الواسعة التي جرت لنشطاء في هذا المجال؟
العديد من الخبراء في الشأن السعودي واوساط مقربة من تركية قللت من اهمية هذا الاختراق، لان حالة العداء بين تركية والسعودية ترتكز في شخصية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وليس الملك سلمان الذي خاطبة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في ذروة ازمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي باحترام واكد انه ليس هو من اعطى الامر بالاغتيال، اذا كان ثمة اختراق مهم وحقيقي يمكن البناء عليه يجب ان يكون مع الامير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للسعودية الان.
وتجاهل انقرة للتعامل معه مباشرة لن يفضي الى تحسن جدي ودائم في العلاقة بين البلدين. بالاضافة الى ان اعادة العلاقة يتطلب تفاهمات وحوارات اعمق في قضايا وملفات المنطقة والقضايا العالقة والشائكة بين الطرفين. فهل لدى الرياض نية لخوض مسار من هذا النوع تجاه تركية؟
واذا كانت السعودية في اطار تقييم الوضع الجديد مع وصول الادارة الديمقراطية الى البيت الابيض، تحاول تجنب فتح ادارة بادين ملف اغتيال الصحافي جمال خاشقجي والتعامل معه بشكل مختلف عن الحماية التي وفرها الرئيس دونالد ترامب للرياض وولي العهد السعودي فان انقرة العنوان المناسب لاجهاض اي سيناريو من هذا النوع سيما وان التقديرات تشي بان العلاقة بين الرئيس المنتخب جو بادين ونظيره التركي لن تكون بشكل مثالي.