المشهد اليمني الأول/
بعد الدراسة الأخيرة التي طرحها ترامب على الطاولة حول احتمالات التحرك العسكري ضد “الموقع النووي الإيراني”، المسؤول السابق للجنة الحزب الجمهوري، دالاس وودهاوس، يقول إن “الرئيس ترامب لم يبدِ أي اهتمام بشأن أي حروب خارجية”.
في اجتماع حضره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه مايك بنس ووزيرا الخارجية والدفاع بالوكالة ورئيس هيئة الأركان المشتركة، طرح الرئيس الأميركي على الطاولة احتمالات التحرك العسكري ضد “الموقع النووي الإيراني” خلال الأسابيع المقبلة.
صحيفة “نيويورك تايمز” كشفت في مقالها أنَّ مستشاري ترامب أثنوه عن المضي قدماً في توجيه ضربة ضد المنشآت الإيرانية، لأن ذلك يمكن أن يتفاقم بسهولة إلى صراع أوسع نطاقاً في الأسابيع الأخيرة من رئاسته.
هدف ترامب واضح، وهو الضغط على إيران، لكنه يفكر في أكثر من طريق للوصول إلى ذلك، فبحسب صحيفة “فورين بوليسي”، يص ترامب، على الرغم من معارضة المجتمع الدولي، على تصنيف حركة أنصار الله في اليمن كمنظمة إرهابية قبل مغادرته منصبه، في مسعى لتعطيل جهود السلام التي تتوسط فيها الأمم المتحدة، وتعقيد جهود الرئيس المنتخب جو بايدن لإعادة فتح المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي.
ما تقوله “فورين بوليسي” يؤكده بومبيو صراحة، إذ قال في تصريحات صحافية إن “واشنطن ما زال لديها المزيد من العمل في الأسابيع المقبلة لتخفيف قدرة إيران على تعذيب الشرق الأوسط”، لافتاً إلى “حرص واشنطن على أن تمتلك إيران أقل قدر من الدولارات والموارد لبناء برنامجها النووي”.
يختزل المشهد الأميركي بين رأيين لصحيفتين: تقول “واشنطن بوست” إن ترامب، مع تبقّي شهرين من ولايته، لم يعد لديه الكثير لإظهاره أكثر مما أظهره في السنوات الأربع من السياسة المتشددة تجاه إيران. فيما كتبت الـ”فورين بوليسي” أن ترامب إذ اضطر إلى تسليم بايدن البيت الأبيض، فإنه سيسلمه بعد تنفيذ سياسية الأرض المحروقة.
وودهاوس للميادين: ترامب متهور أحياناً لكنه لن يشعل الحرب
المسؤول السابق للجنة الحزب الجمهوري، دالاس وودهاوس، قال إن “الرئيس ترامب لم يبدِ أي اهتمام بشأن أي حروب خارجية أو شن هجمات عسكرية”، معتبراً أنه “من أكثر الرؤساء الأميركيين سلاماً”.
وخلال لقائه مع الميادين، قال: “يتوقّع أن يواصل ترامب العمل على إبرام المزيد من اتفاقيات السلام في المنطقة، كما حصل مع البحرين والإمارات”، مضيفاً: “على الأمد الطويل، هذه هي الطريقة الفضلى لممارسة الضغط على إيران”.
وبحسب المسؤول الجمهوري، فإنَّ “الرئيس ترامب معروف بتهوره أحياناً، ولكن لا أتوقع أن يقرر فجأة إلقاء قنابل على منطقة معينة. ذلك لا يصب في مصلحة أي طرف”، على حد قوله.
وفي ما يخصّ ما نشرته الصحف الأميركية عن هذا الموضوع، قال وودهاوس: “تسريب معلومات من هذا النوع يعتبر انتهاكاً للخصوصية في الولايات المتحدة الأميركية”، مضيفاً أن “هناك مروحة من النقاشات التي تدور في البيت الأبيض، والرئيس ليس مهتماً بها”.
ورأى أن “هذه المعلومات ملفقة من “نيويورك تايمز”، ولا تستحق أي اهتمام أو انتباه، فمن الواضح أن الرئيس لن يقدم على خطوة من هذا النوع”، قائلاً إن “ترامب سوف يمضي وقته المتبقي في البيت الأبيض عبر مد الجسور في الشرق الأوسط، وقد رأينا ذلك مع بضع دول”، في إشارة إلى اتفاقيات التطبيع التي وقعت بين “إسرائيل” وبعض الأنظمة العربية.
ولفت إلى أن الرئيس الجمهوري قد يبرم المزيد من هذه الصفقات خلال الفترة الأخيرة من رئاسته.
وودهاوس شجّع الرئيس المنتخب جو بايدن، “الذي سيصبح من دون أدنى شك الرئيس المقبل للبلاد، على مواصلة العمل على الأساس نفسه الذي وضعه ترامب في الشرق الأوسط”.
وحول سؤال عما يحضّر له دونالد ترامب، أشار وودهاوس إلى أن الفكرة القائلة إن “الرئيس قد يخطط لحرب في اللحظات الأخيرة من إدارته هي فكرة غير منطقية”، مضيفاً: “أي حديث عن فشل إدارة ترامب مع إيران ليس صحيحاً. إدارة أوباما هي التي فشلت في التعامل مع إيران”.
المسؤول الجمهوري تابع أن “ترامب حقق الكثير من النجاحات عبر عزل إيران، من خلال العمل مع دول أخرى وعقد اتفاقيات معها”. وبحسب قوله، فإن “الخروج من الاتفاق النووي كان إنجازاً، وإدارة ترامب عملت على تشكيل اتحاد من الدول القادرة على الوقوف في وجه إيران”.
وقال: “استطاعت إدارة ترامب إعادة قسم من الجنود خلال السنوات الأربع الأخيرة، وهناك نقاش في الحزب الجمهوري حول عدد الجنود الذين سوف يبقون في الشرق الأوسط، وما إذا كان خروجهم قد يؤدي إلى الاستقرار في بعض المناطق”.
وختم كلامه قائلاً: “بكل بساطة، أراد دونالد ترامب أن يبعد أميركا عن كل التعقيدات في المناطق النائية عنه. ورغم ذلك، قد يفضل الإبقاء على عدد محدود من الجنود”.
من جهته، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية أليف صباغ للميادين إن “ترامب يسعى لتعطيل مسار عمل بايدن في السنوات المقبلة”، معتبراً أن خيارات ترامب الأكثر ترجيحاً هي العمل للخروج العسكري من المنطقة.
وأضاف صباغ أن أي عملية عسكرية على إيران قد تتدحرج إلى حرب كبرى، مؤكداً أن “من الإنجازات التي حققها ترامب، هي تعذيب الشعب الإيراني من خلال العقوبات المفروضة عليه”.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن ترامب فشل في تحقيق الأهداف المعلنة من العقوبات المفروضة على إيران، مضيفاً أن “الدراسات الإسرائيلية تشير إلى عدم القلق من النووي الإيراني، بل التقدم العلمي والتكنولوجي”.
كما اعتبر أنّ “العقوبات الاقتصادية على إيران تهم إسرائيل 10 أضعاف من السلاح النووي الإيراني”، موضحاً أن “ما طلبه نتنياهو من بايدن هو الإبقاء على العقوبات على إيران”.
وقال صباغ إن الأجواء في “إسرائيل” غير مهيأة للقيام بعملية عسكرية ضد إيران.
بدوره، لفت رئيس تحرير صحيفة “إيران ديبلوماتيك”، عماد أبشناس، إلى أن أجهزة الأمن الإيرانية كشفت خطط ترامب، واتخذت ترتيبات لذلك، قائلاً إن “اللوبي الصهيوني كان يضغط على ترامب للقيام بعمل عسكري ضد إيران”.
وتابع في حديث إلى الميادين: “كانت الخطة تقتضي أن يصل بايدن إلى البيت الأبيض، ويجد الحرب قائمة مع إيران”، معتبراً أن “الحديث الأميركي عن وجود القاعدة في إيران يهدف إلى فرض عقوبات لا يستطيع بايدن إلغاءها”.
أبشناس لفت إلى أن الولايات المتحدة هي التي باتت معزولة دولياً، “والدليل اجتماع مجلس الأمن الأخير”، مضيفاً أن “واشنطن أرادت في مجلس الأمن معاقبة إيران، فلم تقف معها إلا جزيرة صغيرة، وعارضتها كل الدول”.
كما أكد أنه تم إرسال صور جوية من إيران للقوات الأميركية توثق القدرة على استهداف البوارج الحربية، قائلاً إن “إيران لا تمتلك أسلحة نووية، ولكن الكيان الصهيوني لديه هذه الأسلحة”.
ورأى أن الشعب الإيراني يحب قادته، على عكس ما هو قائم في أميركا، لافتاً إلى أن وقوف الشعب الإيراني إلى جانب القيادة يعني أن الصفوف موحدة في إيران.
في غضون ذلك، قال أبشناس إن على بايدن محاولة إعادة الثقة بالولايات المتحدة والالتزام بالاتفاق النووي.
إيران، وبعد نشر التقرير في صحيفة “نيويورك تايمز” حول هجوم أميركي محتمل عليها، ردت قائلة إنها ستقابله “برد ساحق”.
الرد الإيراني على أي تهديد أميركي يندرج في إطار مواقف مشابهة لمسؤولين إيرانيين، رداً على تهديدات واشنطن. إذ شدد الرئيس الإيراني حسن روحاني على أن سياسة التهديد الأميركية بشن حرب على إيران ستفشل.
من جهة أخرى، تعكس وسائل إعلام إسرائيلية يأس المسؤولين في تل أبيب من رهاناتهم على إدخال واشنطن في حرب مباشرة مع طهران، وحالة القلق حيال السياسات المرتقبة للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن.