المشهد اليمني الأول/
بعد مقتل المسؤول الثاني في تنظيم القاعدة في إيران وانتشار شائعات جدية عن مقتل قائده، تطرح تساؤلات كثيرة حول مستقبل التنظيم الذي بات ضعيفا، ووضع قيادته العالمية.
ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الجمعة أنّ المسؤول الثاني في تنظيم القاعدة عبد الله أحمد عبد الله المكنى “أبو محمد المصري” قتل في إيران خلال آب/أغسطس بأيدي عملاء إسرائيليين خلال عملية سرية تمت بأمر من واشنطن، غير أن إيران نفت الأمر.
كذلك يبقى مصير زعيم التنظيم أيمن الظواهري الذي خلف أسامة بن لادن مجهولا، وقد اختفى أثره منذ عقد ويرجح أنه مختبئ في منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية.
وقال مدير معهد “سنتر فور غلوبال بوليسي” (مركز السياسة العالمية) الأميركي حسان الحسن في نهاية الأسبوع أن الظواهري الذي خلف بن لادن بعد تصفيته في عملية كومندوس أميركية العام 2011، توفي جراء إصابته بمرض في منزله قبل شهر.
وكتب في تغريدة “المعلومات منتشرة في الدوائر المحصورة. إنني مدرك لمشكلة هذا النوع من التأكيدات، لكنني تثبت منها من مصادر قريبة من القاعدة (حراس الدين)”، كاشفا أن بين مصادره فصيل حراس الدين المرتبط بتنظيم القاعدة في سوريا.
من جانبها، أفادت ريتا كاتز رئيسة وكالة “سايت” الأمريكية لمراقبة المواقع الجهادية، عن “معلومات غير مؤكدة” تشير إلى انه “من الشائع بالنسبة للقاعدة ألا تنشر معلومات عن مقتل قادتها على وجه السرعة”.
وتزداد صعوبة التثبت من الخبر لأن وفاة الظواهري، في حال تأكدت، ناجمة عن مرض في القلب وليس عن تدخل عسكري خارجي، يضاف إلى ذلك ان زعيم القاعدة أمضى أربعين عاما في التنظيمات الجهادية، وأُعلن مرارا في الماضي عن مقتله.
وقال الأستاذ في جامعة هافيرفورد في بنسيلفانيا براك ميندلسون الذي صدر له كتاب عن القاعدة، متحدثا لوكالة فرانس برس “تعتقد وكالات الاستخبارات أنه مريض بشدة. وإن لم يكن ذلك حصل بالفعل، فسوف يحصل قريبا”.
– فروع كثيرة خارجة عن السيطرة –
وفي حال ثبت الخبران، تكون المجموعة التي نفذت أضخم اعتداء في التاريخ في 11 أيلول/سبتمبر 2001، حرمت من أكبر قائدين فيها، في ظل ظروف جيوسياسية مشحونة.
فالقيادة المركزية لتنظيم القاعدة لم تعد اليوم سوى نسخة هزيلة عما كانت عليه في الماضي. وإن كان اسم “القاعدة” لا يزال ناشطا، فذلك بفضل الفروع التي تحمل اسمها والمجموعات التي بايعتها في مناطق تمتد من الساحل إلى باكستان، مرورا بالصومال ومصر واليمن.
لكنها لا تسيطر على عمليات أو تحالفات هذه المجموعات التي تتبع نهجا محليا وإقليميا خارجا عن التنظيم. وعرض براك مندلسون فرضية أن تلعب قيادة القاعدة في المستقبل دور “مجلس استشاري” فحسب، موضحا أن المجموعات الجهادية “ستستمع إلى الإدارة المركزية للقاعدة إن شاءت، وليس لأنها تعتقد أنها ملزمة باتباعها”.
وعلى صعيد آخر، فإن تنظيم القاعدة على خلاف إيديولوجي وعسكري على أكثر من صعيد مع تنظيم الدولة الإسلامية الناشط بزخم على مواقع التواصل الاجتماعي والذي تخطى القاعدة ليتصدر التيار الجهادي في العالم، ولو أنه أضعف هو أيضا بعدما طردته قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من مناطق سيطرته حيث أعلن “دولة الخلافة”، عند الحدود بين العراق وسوريا.
وبالتالي، فإن القائد المقبل للقاعدة سيواجه تحدي إبقاء التنظيم حيا ونشطا. وفي طليعة الأسماء الواردة بهذا الصدد بحسب الخبراء سيف العدل، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة المصرية انضم في الثمانينات إلى جماعة الجهاد المصرية.
أوقف سيف العدل مرّة أولى ثم إطلق سراحه، فتوجه إلى أفغانستان وانضم إلى القاعدة على غرار الظواهري.
ثم أوقف في إيران العام 2003 حيث رجح معهد “كاونتر إكستريميزم بروجكت” المتخصص أن يكون أطلق سراحه العام 2015 في إطار عملية تبادل أسرى.
وذكر تقرير للأمم المتحدة أنه كان لا يزال مقيما في إيران في 2018 حيث وصف بأنه من كبار المساعدين للظواهري.
وأوضح المعهد أن سيف العدل “لعب دورا جوهريا في بناء قدرات القاعدة على تنفيذ عمليات وارتقى بسرعة سلم القيادة فيها”، مشيرا إلى أنه قام بإعداد بعض خاطفي الطائرات في هجمات 11 أيلول/سبتمبر.
وهو الآن من بين الأسماء المطروحة لكن “من المحتمل حصول مفاجأة” برأي باراك مندلسون إذا ما طغى صوت الجيل الجديد، ويضيف “لا نعرف الكثير عن كيفيّة النظر إليه داخل القاعدة إذا لم يعد هناك أحد مثل الظواهري أو أي قيادي من الحرس القديم ليضمنه”.