المشهد اليمني الأول/
دول آسيوية بقيادة الصين تشكل أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، فيما الولايات المتحدة تستثنى من الاتفاق الذي ينظر إليه بأنه وسيلة الصين لوضع قواعد التجارة في المنطقة.
وقّعت 15 دولة من منطقة آسيا والمحيط الهادئ، اليوم الأحد، أكبر اتفـاق للتجارة الحرة على مستوى العالم، في خطوة ضخمة للصين.
ويضم اتفاق “الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة” 10 دول في جنوب شرق آسيا إلى جانب الصين واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وأستراليا، وتساهم الدول المنضوية فيه بنحو 30% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي.
وتم توقيع الاتفـاق، الذي عُرض أول مرة عام 2012، في ختام قمة لقادة دول جنوب شرق آسيا الساعين لإنعاش اقتصاداتهم المتضررة جرّاء وباء كورونا.
وقال رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ بعد مراسم التوقيع الافتراضية، إنه “وفي ظل الظروف العالمية الحالية، يوفر التوقيع على اتفاق الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة بصيص نور وأمل”.
وأضاف: “يظهر بوضوح أن التعددية هي الطريق الأمثل، ويمثل الاتجاه الصحيح لتقدم الاقتصاد العالمي والبشرية”.
ولا يشمل الاتفـاق الذي ينص على خفض الرسوم الجمركية، وفتح تجارة الخدمات ضمن التكتل، الولايات المتحدة. ويعدُّ بديلاً تقوده الصين لمبادرة واشنطن التجارية التي لم تعد مطبّقة حالياً.
وقال خبير التجارة في كلية الأعمال التابعة لجامعة سنغافورة الوطنية ألكساندر كابري، إن الاتفـاق “يرسّخ طموحات الصين الجيوسياسية الإقليمية الأوسع حيال مبادرة حزام وطريق”، مضيفاً أنه “عنصر تكميلي نوعاً ما”.
لكن العديد من الدول الموقعة على الاتفاق، تواجه تفشياً واسعاً لفيروس كورونا، وتأمل في أن يساهم اتفاق الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة في التخفيف من وطأة الكلفة الاقتصادية الكبيرة للوباء.
وتعرّضت إندونيسيا مؤخراً لأول ركود تشهده منذ عقدين، بينما انكمش الاقتصاد الفيليبيني بنسبة 11,5% في الفصل الماضي، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام السابق.
وقالت المديرة التنفيذية للمركز التجاري الآسيوي ديبورا إيلمز، أن فيروس كورونا “ذكّر المنطقة بالسبب الذي يجعل من التجارة أمراً مهماً، فيما الحكومات متحمّسة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق نمو اقتصادي إيجابي”.
وانسحبت الهند من الاتفـاق العام الماضي، جرّاء قلقها حيال المنتجات الصينية زهيدة الثمن التي سيفسح المجال لدخولها إلى البلاد، وكانت الغائب الأبرز خلال مراسم التوقيع الافتراضية اليوم الأحد.
لكن لا يزال بإمكانها الانضمام إلى الاتـفاق في موعد لاحق إذ اختارت ذلك. وحتى من دون مشاركة الهند، يشمل الاتفاق 2,1 مليار نسمة.
ومن شأن الاتفاق أن يخفض التكاليف، ويسهّل الأمور على الشركات عبر السماح لها بتصدير المنتجات إلى أي بلد ضمن التكتل، دون الحاجة للإيفاء بالمتطلبات المنفصلة لكل دولة.
ويتطرّق الاتفـاق إلى الملكية الفكرية، لكنه لا يشمل حماية البيئة وحقوق العمال.
كما يُنظر إلى الاتـفاق على أنه وسيلة للصين لوضع قواعد التجارة في المنطقة، بعد سنوات من تراجع دور الولايات المتحدة فيها خلال عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي شهد انسحاب واشنطن من اتفاق تجاري تابع لها هو “اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ”.
وعلى الرغم من أنه سيكون بإمكان الشركات الأميركية متعددة الجنسيات الاستفادة من اتفاق الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة عبر فروعها في عدد من البلدان المنضوية فيه، إلا أن المحللين يشيرون إلى أن الاتفاق قد يدفع الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لإعادة النظر في انخراط واشنطن في المنطقة.
وأفاد كبير خبراء اقتصاد منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى “آي إتش إس ماركيت” راجيف بيزواس، أن من شأن ذلك أن يدفع الولايات المتحدة للنظر في الميّزات المحتملة للانضمام إلى اتفاق الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة.
وأضاف: “لكن لا يتوقع أن تمنح هذه المسألة أولوية… نظراً لردود الفعل السلبية الواسعة على مفاوضات اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ من قبل فئات عديدة من الناخبين الأميركيين، جرّاء المخاوف المرتبطة بخسارة الوظائف لصالح دول آسيوية”.