المشهد اليمني الأول/
سلطت شبكة “إن بي سي” الأمريكية، في تقرير لها الضوء على العلاقات الأمريكية السعودية التي تعتبر الأهم في الشرق الأوسط، وذلك خلال عهد الرئيس الأمريكي الجديد جو بادين، خاصة في ظل المخاوف السعودية من الرئيس الجديد.
وقالت الشبكة الأمريكية، إن العلاقات الأمريكية السعودية التي كانت وثيقة وذات طابع خاص في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لن تستمر بهذا الشكل في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن، مشيرةً إلى أنها ستتغير وستكون علاقة مؤسسية بين دولتين.
وأوضحت الشبكة، أن مراقبين رأوا أن هذا التغيير لن يكون جذريا، متابعةً: “عندما زار ترامب المملكة العربية السعودية في أول زيارة خارجية رسمية له عام 2017، تم إغراقه بالاحتفالات، وظلت العلاقة بين البلدين دافئة طوال فترة إدارته”.
واستدركت الشبكة: “لكن بينما يستعد جو بايدن ليصبح الرئيس السادس والأربعين، فمن غير المحتمل أن يجعل من الرياض محطة اتصال متكررة”، لافتةً إلى أن بعض المحللين قالوا إن بايدن تعهد بإعادة تقييم العلاقة الأمريكية مع المملكة الغنية بالنفط والمحافظة بشدة، ومن المرجح أن يكون للسعودية علاقة أقل امتيازًا مع إدارة بايدن مما كانت عليه مع فريق ترامب.
تهنئة متأخرة
وكانت المملكة العربية السعودية متأخرة وبطيئة بشكل ملحوظ في تهنئة بايدن علنًا على فوزه الرئاسي المتوقع، وكان التأخير متوقعا، حيث كانت الصداقة بين البلدين دافئة بشكل خاص في ظل حكم ترامب الذي عمل منذ بداية حكمه على حماية ولي العهد السعودي الحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان، ووضع المملكة في قلب سياسته بالشرق الأوسط، ودعم موقفها ضد إيران وشجعها على شراء أسلحة أمريكية الصنع.
أيضا أشاد ترامب بالقمع السعودي ضد مئات من كبار رجال الأعمال والمسؤولين وأفراد العائلة المالكة في فندق ريتز كارلتون في الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، كما وقف إلى جانب السعودية، حتى عندما خلصت وكالة المخابرات المركزية إلى أن بن سلمان، أمر بكل وحشية بقتل الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وفق الشبكة الأمريكية.
السعودية المنبوذة
في المقابل، وخلال حملته الانتخابية، وصف “بايدن” السعودية بأنها “منبوذة” وقال إنه يعتقد أن “خاشقجي” قُتل بأمر من ولي العهد.
وفي مسار الحملة، تعهد “بايدن” أيضا بإنهاء الدعم الأمريكي للحرب السعودية في اليمن والتي تسببت في مقتل أكثر من 112 ألف شخص وتسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مما ترك الملايين يعانون من نقص الغذاء والأدوية.
وأشار بايدن إلى أنه سيتوقف عن بيع الأسلحة للرياض وتعهد بالدفاع عن حقوق المعارضين السياسيين في جميع أنحاء العالم، في إشارة إلى أولئك المسجونين في المملكة، كما أعرب عن رغبته في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران في عهد بارك أوباما.
لا حصانة
وفق الصحيفة، يرى خبراء أن العلاقات الشخصية بين القيادة العليا في واشنطن والرياض من المرجح أن تكون أقل تفعيلا في ظل حكم “بايدن”، مما سيعود بدلاً من ذلك إلى علاقة أكثر مؤسسية بين دولة وأخرى.
وقالت ياسمين فاروق، الزميلة الزائرة في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، في إشارة إلى الحصانة السياسية: “ما سيفقدونه هو الحصانة الكاملة التي منحها ترامب لهم والوصول الشخصي”.
فيما قال “روبرت جوردان”، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى السعودية من 2001 إلى 2003 في إدارة الرئيس “جورج دبليو بوش”، إن السعوديين حصلوا على “ضوء أخضر من إدارة ترامب”.
وأضاف “جوردان”: “أعتقد أن الضوء الأخضر سيتحول الآن على الأقل إلى اللون الكهرماني وأن الأمريكيين سيكونون أقل دعما للمغامرة المتهورة من جانب ولي العهد.”
واستخدم “ترامب” العام الماضي حق النقض (الفيتو) ضد قرار للكونجرس بإنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية في الحرب السعودية في اليمن، بالإضافة إلى ثلاثة إجراءات أخرى تهدف إلى منع مبيعات أسلحة تزيد قيمتها على ثمانية مليارات دولار للسعودية والإمارات.
وعن ذلك، قالت “فاروق” إنها تعتقد أن “بايدن” سيكون أكثر انتقائية عندما يتدخل لدى الكونجرس نيابة عن المملكة وسيتحدث ضد انتهاكات حقوق الإنسان والقمع.
علاقة مصالح
ومع ذلك، شدد جميع المحللين الذين تمت مقابلتهم في التقرير على أن الأهمية الاستراتيجية للعلاقة الأمريكية السعودية ستستمر وأن رئاسة “بايدن” لن تكون بأي حال من الأحوال علامة على نهاية تلك العلاقات.
وقال “جوردان”، السفير السابق، “سيكون هناك اعتراف واضح بأهمية العلاقة من وجهة نظر أمنية واقتصادية ومن العلاقات مع العالم الإسلامي”.
فيما حذر الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن “مايكل ستيفنز”، من أخذ تعهدات “بايدن” الانتخابية في ظاهرها، مشيرًا إلى أن “ترامب” كان ينتقد قبل انتخابات عام 2016.
خلال ذلك السباق، انتقد “ترامب” خصمه الديمقراطي، هيلاري كلينتون، لأخذ أموال من المملكة ودول أخرى “تريد النساء كعبيد وتقتل المثليين”.
وقال “ستيفنس”: “لن يكون الأمر، على ما أعتقد، أن إدارة بايدن سوف تنقلب على السعوديين غدًا وتبدأ في إخبارهم بأنهم سيئون وأنهم بحاجة إلى تشكيل”، مضيفًا أنه لشيء واحد مختلف، وهو أن يكون الشرق الأوسط بعيدًا إلى حد ما عن قائمة أولويات إدارة بايدن.
بدورها، قالت المحللة السياسية السعودية المقيمة في لندن “نجاح العتيبي”، إنها لا تعتقد أن العلاقة الأمريكية السعودية ستضعف في عهد “بايدن”، مشيرة إلى جذورها التاريخية.
وقالت “السعودية عبر التاريخ عملت مع كل رئيس سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا، لأن ما يشكل العلاقات السعودية الأمريكية هو المصالح الاستراتيجية بين البلدين”.