المشهد اليمني الاول/
بنسيلفانيا وجورجيا انقلبت موازينهما “فجأةً” لكنّهما مُتّهمتان بالتزوير من قِبَل ترامب فهل تكون أمريكا أمام رئيسين داخل البيت الأبيض وخارجه؟.. سيناريو الفوضى بين فرضتيّ المُبالغات والعُنف وشِراء الأمريكيين أكثر من 17 مليون قطعة سلاح!
يبدو المشهد الانتخابي في الولايات المتحدة الأمريكيّة غامِضاً، ليس من ناحية الفائز بالانتخابات الرئاسيّة فحسب، فكُل الأمور تتّجه نحو فوز المُرشّح الديمقراطي جو بايدن، وهو نائب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وإنّما أيضاً من ناحية نهاية المشهد ككُل، حيث كُل الأمريكيين، يترقّبون ردّة فِعل الرئيس الحالي الجمهوري دونالد ترامب، وإن كان سيتقبّل خسارته، ويخرج من البيت الإبيض نهاية الأمر.
الصورة في الدولة العُظمى، يبدو أنها تذهب باتّجاه فرضيتين، في تحليل مآلات الصورة النهائيّة، الأولى تعتبر أن مشاهد العنف، والفوضى، والحرب الأهليّة، ليست إلا مُبالغات، وسينتهي الوضع مُجرّد إرسال الأصوات إلى المجمع الانتخابي، وبالتالي إعلان الفائز الذي يبدو أنه بايدن، مع حسمه الولايات المُتأرجحة، بنسلفانيا، جورجيا، وهو يفصله عن الفوز 6 نقاط، بطبيعة حاجته إلى 270 للفوز، وهو يُحقّق حاليّاً 264، مُقابل 214 لصالح ترامب.
الفرضيّة الثانية، تذهب باتّجاه طرح مخاوف، وقلق، من حالة التّشكيك التي يُروّج لها ترامب عبر حسابه في “تويتر”، حيث اتّهامات للديمقراطيين بسرقة الانتخابات، والتأكيد على فوزه في جميع الولايات التي كسبها بايدن، هذا عدا عن سعيه الحثيث لوقف فرز الأصوات في الولايات المُتأرجحة قضائيّاً، حيث نجح بالحُصول على حُكم قضائي، يسمح له بالاقتراب من أماكن الفرز، ومع هذا لا يزال يتحدّث ترامب عن سرقة، وتزوير، ومعارك قضائيّة كثيرة.
الرئيس ترامب، لا يبدو وحيدًا في تبنّي وترويج فرضيّة التزوير، لعدم تقبّله الخسارة المُفترضة، فحالة التّشكيك هذه بالنظام الانتخابي، تتبنّاها العديد من الشخصيّات الجُمهوريّة، وهو ما قد يفتح المجال أكثر أمام مخاوف العنف، والاشتباك والاعتداء من قبل أنصار ترامب، فالسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، شكّك في طريقة فرز الأصوات في ولايتي بنسيلفانيا، ونيفادا،
وقال إنه لا يثق به، وفي مقابل هذا، يثق غراهام في الحاكم “الجمهوري” لولاية أريزونا، وكيفيّة إدارته للعمليّة الانتخابيّة، وهو ما يطرح تساؤلات حول كيفيّة تقييم الجمهوريين لعمليّة فرز الأصوات، وما يشوبها من اتّهامات بالسرقة، حين يتعلّق الأمر بحاكم ولاية ديمقراطي، تماماً كما جرى اتّهام حاكم ولاية بنسلفانيا الديمقراطي بالغش والتزوير من قبل ترامب.
أربعة أيّام مرّت، ولا يزال الأمريكيّون يترقّبون إعلان الفائز، ويبدو أنّ هذه الليلة ستكون حاسمةً، بواقع التقدّم المُفاجئ واللافت للمُرشّح الديمقراطي بايدن، فآخر الأنباء القادمة من ولاية بنسيلفانيا، تُشير إلى تقدّم بايدن بحوالي 20 ألف صوتًا، وهذه الولاية المذكورة تمنح الفائز 20 مقعدًا في المجمع الانتخابي، والفارق في ولاية جورجيا أيضاً حوالي أكثر من 4 آلاف صوتاً، والفائز في الأخيرة يحصل على 16 مقعدًا، وكل هذا يُبدّد حُلم ترامب بولايةٍ ثانية.
وممّا يزيد من فُرص حسم السباق الرئاسي، واقترابه من النهاية إن ليس هذه الليلة، فحتى يوم الأحد، الأنباء التي تحدّثث عن تعزيز إدارة حماية الرئيس الأمريكي وكِبار المسؤولين، الإجراءات الأمنيّة حول المُرشّح الديمقراطي جو بايدن، وسيقوم الجهاز السرّي بتعزيز عناصره حول بايدن، حيث قرّر البقاء في مدينة ويلمينغتون، في ولاية ديلاوير في مركز المُؤتمرات، كما ونصب المنصّة، المتوقّع إلقاء بايدن خطاب النصر من عليها في مقرّه الانتخابي، فيما لو جرى إعلان نتائج بنسلفانيا هذه الليلة رسميّاً، أو الأيّام القليلة القادمة، وذهاب مقاعدها له في المجمع الانتخابي، بالإضافة لإعلان أسماء فريقه الانتقالي.
تعزيز الحماية حول بايدن، مع تصاعد احتمالات حسمه للسباق الرئاسي، قد يشي بوجود مخاوف بالاعتداء على المرشّح الديمقراطي جو بايدن شخصيّاً، والأخير أساساً كان كشف سابقاً أنّ ابن ترامب دونالد ترامب الابن، قد حضّ مُؤيّدي والده على العُثور عليه (بايدن)، ونائبته كامالا هاريس، ومُعاملتهما بنفس ما جرى مع حافلة انتخابيّة لبايدن أقلّت مرشّحة لعضويّة الكونغرس،
جرى قطع طريقها، ودفع بالمرشّحة ويندي ديفيس، لوقف فعاليّات انتخابيّة لأسباب تتعلّق بالسلامة العامّة، وهذا ما يشي بوجود خطاب عُنف تحريضي، لم يسبق للانتخابات الأمريكيّة أن شهدته، فحتى جورش بوش الابن عندما لجأ للقضاء انتخابات العام 2000، لم يتحدّث بخطاب ولغة ترامب التحريضيّة للشارع، ويُشكّك بنزاهة نظام بلده الانتخابي أمام العالم.
شبكة “فوكس نيوز”، نقلت عن مصادرها المُطّلعة، أن لا نيّة لترامب للإقرار بالهزيمة، واللافت بهذ النيّة، أنها جاءت بعد تلقّيه نصائح من قبل مُستشاريه، وهو ما يعني الإمعان من قبل ترامب، والجمهوريين، في خطاب التشكيك، وتأليب الناخب الأمريكي، والجمهوري منه، على نظامه الانتخابي، وإثارة حالة من الجدل حول شرعيّة فوز بايدن.
قد لا تكون مشاهد العنف التي سُجّلت حتى الآن في الولايات الأمريكيّة الحاسمة، ترقى لمُستوى مخاوف حرب أهليّة، ولكن وسائل إعلام أمريكيّة، تحدّثت عن مخاوف وحالة رعب، شعر بها المُوظّفون المسؤولون عن فرز الأصوات، وتعرّض بعض مراكز الفرز، إلى تهديد مُباشر من حملة السلاح، ومنع حُصول ذلك من قبل قوّات الأمن، فيما لا تزال المتاجر تحت السواتر الخشبيّة، في دلالة على تخوّف من استمرار حالة اللّايقين، من ردّة فِعل الرئيس ترامب، الذي يستخدم مُصطلحات عدم تقبّل الخسارة، بالتّشكيك، واتّهامات التزوير، والحديث عن سرقة الديمقراطيين لفوزه.
إدارة ترامب الفاشلة لجائحة كورونا، قد تكون العامل الأبرز الذي ساعد الديمقراطيين بالفوز المُرتقب، فعدا أن هذه الجائحة قتلت مئات الآلاف من الأمريكيين، وأصابت الملايين، فهي أيضاً غيّرت وجه التصويت في هذه الانتخابات، فالعديد من الأمريكيين صوّتوا عن طريق البريد، وهي طريقة سهلة دفعت بالكثيرين إلى التصويت، والاهتمام، وهذه الأصوات عبر البريد، قلبت الطاولة على رأس ترامب، والأخير كان قد حذّر منها، وطالب بعدم احتسابها، لكنّ مطلبه هذا، قُوبِل بالرفض قضائيّاً.
بعد إعلان فوز بايدن، بواقع قُربه من تحقيق 270 صوتاً في المجمع الانتخابي، سيكون السؤال التالي ماذا ستكون ردّة فعل ترامب، وماذا يعني تأكيده على عدم إقراره بالهزيمة، وماذا لو لم تُؤيّده المحكمة العُليا في اعتراضاته، وأقرّت فوز بايدن، هل سيكون للولايات المتحدة رئيسين، واحد داخل البيت الأبيض خاسر يرفض الخسارة، ويُعلن نفسه فائزًا،
وآخر فائز خارجه، وماذا عن أنصار ترامب المُدجّجين بالسّلاح، وشِراء الأمريكيين حواليّ 17 مليون قطعة سلاح العام 2020، هل يأمرهم مُرشّحهم ترامب لاستعادة الفوز بقوّة السلاح، الرئيس ترامب فعلها سابقاً حين طلب من أنصاره تحرير ولايات كانت قد أيّدت الإغلاق لمُواجهة فيروس كورونا، فيما بايدن يدعو أنصاره للهُدوء حتى إعلان النتائج رسميّاً، ويُؤكّد فوزه.
رأي اليوم”- خالد الجيوسي