المشهد اليمني الأول/
قبل نحو اسبوع، قالت معالي لقمان، وهي يمنية تحمل الجنسية الأمريكية، لموقع “ميدل ايست آي” البريطاني، في معرض تعليقها على الانتخابات الرئاسية في أمريكا ومع من سيقف اليمنيون:” علينا سواء أحببنا ذلك أم لا، أن نكون أصوات الناس في الوطن (اليمن) الذين ليس لديهم صوت، يجب أن نساعدهم من خلال التأكد أننا لا ندعم السياسات التي تسمح للقنابل بأن تسقط عليهم”.
الأكاديمية معالي لقمان (36 عاماً) التي تعمل في مجال التعليم منذ 17 عاماً، خاضت مع شخصين يمنيين المنافسة في الانتخابات الأمريكية على عضوية المجلس التعليمي لمدينة ديربورن في ولاية ميشيغن، الثلاثاء الماضي.
الموقع البريطاني، نقل أيضاً عن ناشطين في ولاية ميشيغن، إن “الجالية اليمنية الأمريكية تفضل إلى حد كبير المرشح الديمقراطي، جو بايدن على دونالد ترامب، الذي فرض حظر سفر على الدولة الفقيرة” في إشارة إلى الحصار المفروض على اليمن منذ نحو أربع سنوات.
بعض اليمنيين قالوا إنهم سيدعمون المرشح الديمقراطي رغم أنهم “جمهوريين” على أمل إنهاء “علاقة الحب المريبة بين واشنطن والرياض”.
وعندما خاض جو بايدن معركة الانتخابات الرئاسية ضد منافس شرس كدونالدو ترامب، كان المرشح الديمقراطي البالغ من العمر 77 عاماً، يراهن على ما يعرف بولايات “الجدار الأزرق” وهي وويسكونسن، وبنسلفانيا، وميشيغن وهذه الأخيرة تحتضن عدداً كبيراً جداً من العرب بينهم يمنيين من حملة الجنسية الأمريكية.
ومع بدء بايدن لحملته الدعائية المهيأة، تحدث بصراحة عن رفضه لمشاركة أمريكا في حرب اليمن ودعمها للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في أفقر بلد عربي منذ ست سنوات، وصل خلالها البلد في أقصى الجزيرة العربية إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، فضلاً عن تدمير بنيته التحتية.
تصريحات بايدن بشأن الحرب في اليمن، وتعهده بوقف دعم بلاده للسعودية والإمارات، وجهت بوصلة اهتمام الأمريكيين العرب وفي مقدمتهم اليمنيين إلى المرشح الرئاسي الديمقراطي، أملاً في إيقاف حرب انهكت الشعب في الداخل اليمني، وخارجه على حد سواء.
جاءت تصريحات ووعود بايدن بالتزامن مع تعالي الأصوات اليمنية الناشطة في الخارج المطالبة بوقف الحرب، ورفع الحصار عن اليمن، وإعادة فتح الموانئ والمطار اليمنية خاصة مطار صنعاء.
وتوجد في الولايات المتحدة الأمريكية، العديد من التجمعات الانتخابية، لها شأن في توجيه بوصلة نتائج الانتخابات الأمريكية، ككتلة الناخبين الأمريكيين من أصول عربية، بعضها مسلمة، وهي كتلة كان لها ذكر في الانتخابات الرئاسية الحالية، وبالإمكان القول أنها كانت حاسمة في المنافسة بين المرشحين الجمهوري والديمقراطي.
لم يخيب عرب ومسلمو أمريكا حُسن ظن بايدن فيهم، وأثبتوا له وللعالم كله، أنهم قادرين على إحداث فارق في أهم انتخابات يشهدها العالم.. وفاز بايدن في ولاية ميشيغن بأصوات المجمع الانتخابي الـ 16ما قربه للفوز في السباق الرئاسي بإجمالي 264 صوتا مقابل 214 لترامب.
إحتجاجات سابقة لمواطنين أمريكيين من أصول يمنية ضد قرارات الرئيس ترامب حول حظر السفر
المجتمع اليمني في ميشيغن
يتركز المجتمع اليمني في جنوب شرق ميشيغن في ديترويت وما جاورها من مدن، بما في ذلك ديربورن وهامترامك، وقد تزايد هذا التواجد في المنطقة خلال السنوات القليلة الأخيرة خاصة في مجالات الأعمال والسياسة، إذ أن جيل جديد من اليمنيين بدا أنه يفكر بطريقة مختلفة عن الأجيال السابقة، وقرر أن يكون حاضراً في قلب الحدث الأمريكي، بل وبمشاركة فاعلة.
وقالت تقديرات معهد سياسات الهجرة الأمريكي، إن عدد المهاجرين ذوي الأصول اليمنية في الولايات المتحدة يبلغون حوالي 45,000 حتى العام 2015، ومن المؤكد أن هذا العدد تضاعف مرتين أو أكثر في الأعوام الخمسة الماضية.
وتتواجد الجالية اليمنية بكثرة في ثلاث ولايات رئيسية أمريكية، هي ميتشيغن، ونيويورك، وكاليفورنيا، وبأعداد أقل في ولاية كارولينا الشمالية وتنسي.
يعمل غالبية اليمنيين في الأعمال الحرة، وبعضهم يعملون في مصانع السيارات ومحطات الوقود، ومحلات بيع الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، ومكاتب الخدمات ومبيعات الجملة والتوزيع، ومنهم من يعمل في القطاع العام، لكن أعدادهم محدودة للغاية.
الوجود العربي
تقدر بعض المنظمات المدنية، مثل اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز(ADC)، عدد الأمريكيين من أصول عربية بأكثر من 3.5 مليون.. ويشكل اللبنانيون والسوريون العدد الأكبر من الكتلة الأمريكية العربية، مع وجود عدد كبير من الأمريكيين اليمنيين والفلسطينيين والعراقيين والسودانيين، علماً أن الإحصاءات الرسمية لا تسجل الانتماءات الدينية للأشخاص.
ويقع أكبر تجمع للأمريكيين العرب في منطقة ديترويت الكبرى بولاية ميشيغان – التي أسهمت في وصول ترامب للحكم حين فاز فيها بفارق بسيط بلغ 10 آلاف و704 صوتا فقط – مع انتشار مجتمعات عربية أمريكية مهمة أخرى عبر كاليفورنيا وفلوريدا وتكساس وبنسلفانيا وإلينوي ونيويورك وفرجينيا.
ووفقاً لاستطلاع أجراه المعهد العربي الأمريكي في واشنطن العاصمة خلال الأسبوع الثاني من أكتوبر، وهو الاستطلاع الذي شارك فيه 805 من الناخبين الأمريكيين من أصل عربي، فإن 59 في المائة ممن شملتهم الدراسة يؤيدون المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن و35 في المائة منهم يؤيدون الجمهوري دونالد ترامب.
بايدن واستمالة المسلمين
كثفت حملة بايدن الانتخابية في الأسابيع الأخيرة السابقة للانتخابات، من تواصلها مع التجمعات العربية والإسلامية، وقد أخبرت جيل بايدن، زوجة المرشح الديمقراطي الرئاسي، سكان ديربورن بولاية ميشيغن الأسبوع الماضي، إن تصويتهم يمكن أن يحدث فرقاً في هذه الانتخابات.
وفي استبيان المعهد العربي الأمريكي (AAI)، أظهر عموم الأمريكيون العرب الذين أجابوا على الاستبيان أن مخاوفهم الأكبر في هذه السنة الانتخابية تم تصنيفها على أنها متعلقة بالعنصرية، ثم الاقتصاد المتعثر، وثالثاً الرعاية الصحية في ظل استمرار الوباء، وهي القضايا التي يعد بايدن في برنامجه المستقبلي بالاهتمام بها. وقال سبعون في المائة ممن شملهم الاستطلاع إنهم ينظرون إلى المظاهرات الوطنية التي تدعم حياة السود مهمة من منظور إيجابي.
وكان بايدن وعد أنه وبمجرد وصوله إلى السلطة سينهي حظر دخول مواطني بلدان إسلامية إلى الولايات المتحدة في أول يوم لرئاسته للبلاد إذا جرى انتخابه، وفقاً لإذاعة DW الألمانية.
وأشارت الإذاعة الألمانية إلى أن بايدن كان قد استخدام سابقاً حديثاً للنبي محمد محاولاً من خلاله استمالة المسلمين وحثهم على الانضمام إلى المعركة الانتخابية لهزيمة دونالد ترامب.
وتعهد خلال قمة على الإنترنت تحت عنوان “قمة مليون صوت مسلم”، استضافتها منظمة الدعوة “Emgage Action” لتعبئة الناخبين المسلمين قبل الانتخابات الرئاسية، بالوقوف إلى جانب الأقليات المسلمة حول العالم.
وتابع، من الرائع أن تتمكن مجموعتكم “مليون مسلم للتصويت لجو بايدن” من جمع مليون صوت من المسلمين الأمريكيين لدعمي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
في تلك القمة استشهد بايدن بحديث للنبي محمد، كما استخدم بطريقة طريفة عبارة “إن شاء الله” باللغة العربية، أثناء مناظرته الأولى مع ترامب عندما كان الأخير يعد بالكشف عن سجلاته الضريبية.
_____
* المصدر : وكالة (ديبريفر)
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع