اتفاق الرياض.. أداة استعمارية جديدة لدول العدوان في المحافظات الجنوبية

563
اتفاق الرياض.. أداة استعمارية جديدة لدول العدوان في المحافظات الجنوبية
اتفاق الرياض.. أداة استعمارية جديدة لدول العدوان في المحافظات الجنوبية
المشهد اليمني الأول/

عاماً مضى على إعلان تحاف العدوان المسرحية الهزلية التي اطلق عليها “اتفاق الرياض”، كان كفيلاً بالكشف عن اجندة العدوان الخفية الذي سعى إلى تنفيذها تحت غطاء ذلك الاتفاق الموقع بين العدوان وادواتها في المحافظات الجنوبية المحتلة بهدف تكريس الاحتلال واسقاط الأجندة الخفية على الأرض.

تحت ذلك العنوان الهزلي الذي أكد مدى عظمة ثورة 21 سبتمبر 2014، في إسقاط الوصاية الخليجية على اليمن وانهاء حكم السفارات، سعت دول العدوان لإعادة الوصاية ولو جزئياً من خلال عملائها المقيمين في فنادق الرياض وملاهي ابوظبي، فمنحت سفير السعودية الحكم الفعلي في المحافظات الجنوبية وتبادلت الأدوار وتقاسمت المكاسب والمصالح، ووضعت ادواتها من المرتزقة والعملاء تحت رحمة السفير الذي يدير الملفات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية، ويعد الحاكم المدني لقوى ودول الاحتلال في جنوب اليمن.

تحركات دول العدوان في المحافظات الجنوبية في المحافظات الجنوبية خلال فترة ما بعد اعلان اتفاق العار في الرياض رصدت من قبل (المركز الإعلامي للمحافظات الجنوبية)، وكشفت عن استخدام دول تحالف العدوان ما يسمى بـ”إاتفاق الرياض” المشؤوم كغطاء لتنفيذ اجندة استعمارية خطيرة وبموافقه الأطراف الموالية لها فالسعودية التي فشلت في تحقيق مطامعها واجندتها في المحافظات الجنوبية منذ الاستقلال في الـ ٣٠ من نوفمبر ١٩٦٧، اتخذت من اتفاق الرياض أداة للتدخل العسكري في مدينة عدن وإنشاء عدد من المليشيات الموالية لها في محافظة أبين.

وعملت على تعزيز سيطرتها على محافظة المهرة كما نقلت الرياض الآلاف من الجنود السعوديين إلى مدينة عدن دون أن تذكر مهام تلك القوات التي انتقلت معظمها براً واقدمت على إنشاء مليشيات مواليه لها في عدن لتعزز حضورها العسكري.

وعلى مدى عام من الاتفاق نقلت السعودية اكثر من 25 شحنة سلاح حديثة جواٍ وبراً، يضاف إلى قيامها بإنزال اربع شحنات سلاح بحراً في ميناء عدن خلال الفترة ذاتها، وفي أغسطس الماضي تم رصد قيام سفن حربية يعتقد بانها سعودية قامت بعمليي إنزال عسكري سرية في سواحل شقرة بمحافظة أبين.

وتزامن ذلك مع دحر قوات الجيش واللجان الشعبية عناصر تنظيمي القاعدة وداعش التكفيرية في مناطق يكلا وقيقة بمحافظة البيضاء، وكان الهدف منها إجلاء قيادات إجرامية إرهابية اجنبية مرتبطة بالاستخبارات السعودية والأمريكية تدير القاعدة وداعش في البيضاء، يضاف إلى تعزيز عناصر التنظيمات الارهابية بالمال بالسلاح في ابين لإعادة ترتيب أوضاعها في المنطقة الوسطى.

وتحت ذات العنوان وفر العدوان الغطاء الكامل لانسحاب العناصر التكفيرية من معاقلها بعد سقوطها في يكلا وقيفة بمديرية ولد ربيع بالبيضاء في عدد من مديريات محافظتي أبين وشبوة وصولاً الى حضرموت، وعمل على دمج التنظيمات الإرهابية في بعض معسكرات موالية للرياض كلواء الاماجد في لودر الذي ضم المئات من عناصر التنظيم إلى منتسبيه في المنطقة الوسطى والوضيع ومؤدية بابين وجبل شرقي مدينة العين، ولعل قيام ما تسمى بقيادة تحالف العدوان في عدن بدعم الإرهابي المطلوب دولياً سعد بن عطاف العولقي بشحنة سلاح حديثة لدليل اخر.

على مدى العام الأول من اتفاقية العار التي سلمت فيها ما تسمى بحكومة الفار هادي ومرتزقة الرياض وابوظبي السيادة الوطنية في جنوب البلاد لدول الاحتلال، لتمكن تحالف العدوان من تنفيذ مسلسل تدميري طال البنية التحتية، فالمصالح السعودية التقت مع الإمارات في تعطيل الموانئ الواقعة على البحر العربي وخليج عدن، وبعد اتفاق الرياض تقاسمت الرياض وأبوظبي السيطرة على ميناء عدن والمنطقة الحرة التي تتواجد فيها قوات سعودية ومليشيات موالية للإمارات.

وخلال الأشهر الماضية فرض تحالف العدوان إجراءات جديدة تمثلت بتوقيف السفن القادمة الى ميناء عدن والتي خضعت لتفتيش في ميناء جدة السعودي عدة أيام وابتزاز أصحاب الشحنات التجارية مما أدى إلى توقف نشاط عدد من الخطوط الملاحية الدولية في الميناء لصالح الموانئ الإمارتية.

وفيما لايزال ميناء بلحاف الغازي تحت السيطرة الإماراتية والذي تتخذ منه قاعده عسكرية منذ مطلع العام 2018، شددت دول الاحتلال قبضتيهما العسكرية على ميناء الضبة النفطي في المكلا وعطلت ميناء بروم الخاضع للسيطرة الإماراتية في المكلا، وبشكل مهين أقدمت قوات سعودية محتلة من اخراج مليشيات موالية للفار هادي من ميناء نشطون الواقع في شواطئ محافظة المهرة مطلع ابريل الماضي، وامتدت سيطرة العدوان الى ميناء سقطرى.

خلال العام المنصرم تبادلت الإمارات والرياض الأدوار في محافظتي المهرة وسقطرى، فشددت قوات الاحتلال السعودي سيطرتها في المهرة واستحدثت اكثر من 20 موقع عسكري جديد، وانشأت عدد من المعسكرات في مناطق ساحلية، وتتعمد منذ اشهر أضعاف نشاط ميناء الشحن البري الرابط بين اليمن وسلطنة عمان.

وفي سقطرى سلمت الرياض مليشيات مواليه للإمارات زمام الأمور في مايو الماضي، وحولت الجزيرة إلى مستعمرة إماراتية، وفي ظل التطبيع الإماراتي مع إسرائيل تعاظمت مخاطر الاحتلال الاماراتي لسقطرى وزاد ذلك مع تصاعد الاهتمام الإسرائيلي بالجزيرة وقيام المحتل الإماراتي بالتعاون مع إسرائيل بالتخطيط لإنشاء قاعدة عسكرية في الجزيرة ونصب أبراج مراقبة للحركة الملاحية البحرية في الخليج الهندي.

دول الاحتلال وبتواطؤ مفضوح من ما تسمى بحكومة الفار هادي عملت على تهيئة الأوضاع لقدوم قوات أمريكية الى جنوب البلاد، وساهمت في تعزيز الوجود الأمريكي مطار الريان بالمكلا وفي شواطئ شبوة وفي الحدود اليمنية الواقعة ما بين حضرموت وشروره السعودية، يضاف إلى أن التحرك البريطاني لإنجاح اتفاق الرياض خلال الفترة يدل على ان لندن تبحث عن موطئ قدم لها في الجنوب.

وفي عدن مضت القوات السعودية المحتلة في مدينة عدن بنفس نهج الإمارات بإدارة المدينة بالرعب والأزمات بهدف تتويه الرأي العام عن الهدف الحقيقي من وجودها وعن الاجندة التي تقوم بتنفيذها، فحولت المدينة إلى ساحة حرب مفتوحة تديرها المليشيات المسلحة المتعددة الولاءات بين الرياض وابوظبي، وعمدت على الجماعات المتطرقة بالمال والسلاح، وتركت مدينة عدن الساحلية تعاني من تدهور حاد في الخدمات الأساسية.

ينتج عن ذلك تفشي الأمراض والأوبئة الفتاكة التي أودت بحياة أكثر من 2500 نسمة جراء اصابتهم بالحميات القاتلة التي ضربت عدن خلال النصف الأول من العام الجاري، ورغم تعاظم مأسي سكان عدن أدارت دول تحالف العدوان ظهرها لأبناء المحافظات الجنوبية ومضت في تنفيذ مخططاتها الاستعمارية في الجنوب.

ولم تقم دول تحالف العدوان باي دور انساني او اغاثي في المدينة ، بل تحولت عدن والمحافظات الجنوبية إلى سوق تجاري لتجارة الممنوعات التي تدار من قبل الاستخبارات السعودية والإماراتية بهدف تدمير النشئ والشباب، ويعمل تحالف العدوان على إضعاف كل القوى الجنبية وضرب القوي التحررية الرافضة للاحتلال بقوى عملية مواليه له، في محاولة لدول الاحتلال بإطالة تواجدها العسكري والسيطرة على المجتمع عبر ادواته المحلية.

جرائم حقوق الإنسان التي ترتكب من قبل تحالف العدوان وادواته تصاعدت خلال العام الأول من اتفاق الرياض ، رغم توارى الحديث عن الانتهاكات التي يمارسها المحتل ضد المعتقلين من أبناء المحافظات الجنوبية اللذين يدفعون ثمن خيانة ما تسمى بحكومة الفار هادي وما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي لهم وللجنوب.

إلا إن دول الاحتلال لم تغلق حتى الآن السجون السرية في عدن والمحافظات الجنوبية، فالمئات من المعتقلين لايزالون في السجون السرية التي لاتزال تدار من قبل عناصر موالية للإمارات وتحت أشراف القوات السعودية المحتلة في عدن التي تحتضن 11 سجناً سرياً لم يغلق اياً منها.

في الملف الاقتصادي ساهمت دول العدوان في تبديد الثروات وسرقتها في المحافظات الجنوبية، فبتوجيهات من السفير ال جابر تم طباعة أكثر من 300 مليار ريال خلال الأشهر الماضية من قبل شركة غورناك الروسية دون غطاء بهدف اضعاف القيمة الشرائية للريال اليمني، ووفقا للمصادر فان اكثر من 170 مليار ريال لاتزال تتواجد في ميناء جدة السعودي منذ عدة اشهر.

وخلال الفترة الماضية من تاريخ اتفاق الرياض، كشف الاتفاق الموقع بين برنامج إعادة الاعمار السعودي الذي يرأسه السفير السعودي محمد ال جابر ووزير التخطيط في حكومة الفار هادي مطلع العام الجاري عن مخطط سعودي جديد يهدف الى السيطرة الكاملة على ثروات المحافظات الجنوبية المختلفة تحت ذريعة الاستثمار طويل الأجل ووضع شروط تعجيزية على اي حكومة قادمة قد تطالب بإلغاء الاتفاقية.

تقرير: المركز الإعلامي للمحافظات الجنوبية